بعد أن ابتدأ فيها الربيع العربي، تمكنت تونس من تجنب الانقلابات العسكرية كمصر والحروب الدامية كليبيا واليمن وسوريا، لكنها عادت “بديمقراطية” نحو النظام القديم، مذعنة لأحكام اللعبة التي جاءت بالباجي قايد السبسي إلى السلطة.
وقال موقع “ميديل إيست آي” البريطاني في تقرير نشره تسليطا للضوء على مشروع قانون المصالحة وقانون حماة الأمن أن ما يحدث في تونس سيعيد الكرامة الإنسانية إلى عصر بن علي.
وأفادت الموقع:” مشروعيا القانون سيقوضان المساعي الرامية إلى تحقيق الكرامة والعدالة، وذلك لأن مشروع القانون الأول سيعفو عن الموظفين العامين الذين ارتكبوا جرائم في تونس ما قبل الثورة. أما مشروع القانون الثاني، فسيمنح قوات الأمن “الفاسدة” مساحة أكبر لانتهاك حقوق الإنسانوسيتم إقرار هذين التشريعين في غضون أيام أو أسابيع، ما لم تتمكن منظمات المجتمع المدني والجهات الدولية التونسية الفاعلة، والأهم من ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من إقناع الحكومة بتغيير توجهها”، مضيفا :” تم اقتراح كلا التشريعين منذ سنة 2015، وكان الرئيس المنتخب حديثا آنذاك، الباجي قايد السبسي، هو من اقترح التشريع الأول الذي يسمى “بقانون المصالحة”، والذي في حال تم تمريره سيكون لمصلحة رجال الأعمال والموظفين العموميين الفاسدين”.
وعلق ميديل إيست آي على هذا الأمر بالقول :”مناصرو قانون المصالحة شددوا على مدى أهمية هذا القانون؛ بحجة أنه سيعود بالنفع على اقتصاد البلاد المتعثر. بالإضافة إلى ذلك، كما يدفع هؤلاء بأن هذا القانون لا يمنح عفوا عن الفاسدين؛ يشترط على الفاسدين تسديد المكاسب غير المشروعة”، منوها :” قانون المصالحة واجه معارضة فورية من المجتمع المدني وخبراء القانون الدوليين؛ ذلك لأنه يفتقر إلى آليات تنفيذ مستقلة، وسيقوض عمل لجنة الحقيقة والكرامة، وهي هيئة مدعومة دستوريا تسعى إلى تحقيق العدالة الانتقالية وتسوية الانتهاكات السابقة، بما في ذلك الجرائم المالية ، أما المشروع الثاني تم اقتراحه من قبل وزارة الداخلية التونسية في أبريل سنة 2015، أي بعد أقل من شهر من مقتل 23 شخصا في متحف باردو في تونس العاصمة. وسيسمح هذا القانون لقوات الأمن بصلاحية أوسع لاستخدام القوة المميتة. كما يتضمن هذا القانون نصا غامضا يجرّم فيه “تشويه سمعة” قوات الأمن”.
وحول أسباب تمرير هذا القانون، علق الموقع :” هاجس السبسي المتعلق بتمرير قانون المصالحة أدى إلى تهميشه لقضايا تشريعية وسياسية أكثر إلحاحا، على غرار الحاجة إلى تمرير قانون الحكم المحلي، وجذب الاستثمار، والتصدي بشكل جدي للفساد، وإنشاء هيئات رقابة مستقلة مكلفة دستوريا، على غرار إنشاء محكمة دستورية”، مستدركا :”الخبراء وقادة المجتمع المدني حذروا من خطورة قانون حماية قوات الأمن. واعتبروا أن الحفاظ على الدستور الديمقراطي الجديد في تونس وتحسين الكفاءة بين قوات الأمن التونسية في مجال مكافحة الإرهاب يتطلب المزيد من المساءلة. علاوة على ذلك، يؤكد قادة المجتمع المدني أيضا أن هذا القانون سيشجع الممارسات السلبية لقوات الأمن التونسية، التي شكلت حجر الزاوية للدولة البوليسية قبل الثورة. ولهذه القوات تاريخ طويل من قمع حرية التعبير، ومحاولات عرقلة إصلاح القطاع الأمني”.