قامت صحيفة “إندبدنت” البريطانية بنشر تقرير لها وصفت فيه العلاقات السعودية القطرية بالسيئة معتبرة أن الأزمة التي نشبت بين البلدين هي أزمة “خطيرة جدا”.
وقالت الصحيفة :”هناك تقارير تفيد بأن وزير الخارجية القطري يخطط لزيارة طارئة إلى واشنطن في الأيام القليلة المقبلة؛ “أملا في أن يقوم نظام دونالد ترامب بإنقاذ الإمارة؛ وذلك لأن محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يعلم جيدا أنه إن خضعت قطر للمطالب الثلاثة عشر المقدمة من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، فإنها ستنتهي بصفتها دولة”، متابعة :” محررو (الجزيرة) شجبوا مهلة العشرة أيام لإغلاق الشبكة، بالإضافة لموقع (ميدل إيست آي) ومؤسسات إعلامية أخرى، وأيدهم في ذلك حشد كبير من مؤسسات حقوق الإنسان وحرية الصحافة، ووصف هذا الطلب بالتدخل الفظيع في حرية التعبير، وقد قارنه أحد مديري التلفزيون بطلب ألمانيا مثلا من بريطانيا أن تغلق قنوات (بي بي سي)، بل هي مثل طلب الاتحاد الأوروبي من تيريزا ماي أن تغلق (بي بي سي)، ونحن نعلم ماذا سيكون ردها”.
ولفتت “إندبدنت” :”رئيسة الوزراء البريطانية ووزيرة خارجيتها، بالرغم من حرصهما على النأي بنفسيهما عن هذا الخلاف العربي الغالي الثمن والخطير، فإنهما لن تجردا سيفهما للدفاع عن قطر، ولا الأمريكيين عندما أعلن رئيسهم المعتوه أن قطر ممول (للإرهاب)، بعد أيام من توقيع صفقة أسلحة مع السعودية بـ350 مليار دولار”، مشددة :” القطريين يقولون إنه بالتأكيد لا يمكن أن يكون جادا، وهم ليس لديهم شك في أن المستشار السيسي، رئيس مصر، الذي يكره (الجزيرة) هو بالدرجة الأولى خلف هذا الطلب لإغلاقها، لكن واحدة من الدول الأربع لا بد أنها سربت المطالب لـ(رويترز) و(أسوشييتد برس)، وإن كان الأمر كذلك فلماذا أراد أعداء قطر أن يكشفوا أوراقهم مبكرا؟ فهذه المطالب هي التي ستشكل نقطة بداية المفاوضات”.
وعلق كاتب التقرير وهو مراسل الصحيفة البريطانية روبرت فيسك بالقول: من الصعب تخيل كيف يمكن للقطريين التجاوب مع هذه المطالب، فإن هم أغلقوا شبكة (الجزيرة) والمجموعات الإعلامية الأخرى، وقطعوا العلاقة مع الإخوان المسلمين، وهو ما يهدف إليه السيسي، بالرغم من أن عدوه الحقيقي هو تنظيم الدولة وحزب الله وحركة طالبان، وخفضوا مستوى العلاقة مع إيران، وأغلقوا القاعدة العسكرية التركية، وكشفوا دفاتر حساباتهم للتدقيق العربي والدولي، على مدى الاثني عشر عاما القادمة.. تكون قطر قد أصبحت دولة تابعة”، منوها :”بالنسبة لأصدقاء قطر، فإنه يبدو هذا كله غريبا وخياليا، وأبعد ما يكون عن الواقعية، لكن من يستطيع إصلاح دماغ ولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان؟ إن كان يسارع إلى حرب فاشلة ضد الحوثيين في اليمن، فلم لا يهدد الجسم السياسي في قطر؟ فقد حاولت العائلة المالكة السعودية إهانة الجارة غير المطيعة بعزل لؤلؤة الثراء هذه وقناتها الفضائية الفضولية، فهم يضطرونهم مجازا لأكل الفطيرة المتواضعة التي يستوردونها من إيران وتركيا”.
وتابع الكاتب :”لا حاجة للقول إن (الجزيرة) ليست كالعذراء في خدرها، ولم يكن الاعتدال من شيمها يوما، وأظهرت قناتها العربية تعاطفا غير عادي مع الإخوان المسلمين، الذين بقي أمير قطر يؤيدهم حتى بعد أن قام الجيش المصري بالانقلاب على الرئيس الإخواني المنتخب، وقام السيسي بسجن مجموعة من صحافيي (الجزيرة) الإنجليزية، الذين استخدم عملهم، دون إذنهم، على القناة الفضولية المباشرة”، مستدركا :”(الجزيرة) الإنجليزية، وبالرغم من الضجة التي رافقت انطلاقتها، حيث قال الإعلام الإنجليزي إنها بداية حرية الإعلام في الشرق الأوسط، فنادرا ما غطت أخبار البحرين، أو كانت تغطيتها نقدية للسعودية، وبالتأكيد لم تتساءل عن سبب غياب الديمقراطية في قطر، وعندما بدأت تبث أشرطة أسامة بن لادن كان الرئيس جورج بوش الابن يريد أن يقصفها، وهي خطوة أكثر تطرفا بقليل من المطالب الثلاثة عشر التي طلبتها الدول العربية الأربع من قطر، التي تسعى اليوم لعزلها، وكانت نسخة أمريكية من (الجزيرة) فشلت فشلا ذريعا، حيث بدا مظهرها ومنطقها كنسخة من (سي أن أن) أو (فوكس نيوز)”.
وختمت الصحيفة البريطانية تقريرها بالقول :”كنت قد سألت أحد كبار الموظفين في (الجزيرة)، التي ظهرت فيها ضيفا أحيانا، إن كانت (الجزيرة) مجرد بوق دعاية للعائلة المالكة القطرية، فقال لي لا، إنما هي (مشروع علاقات خارجية)، وواضح أن هذا صحيح، فقطر الصغيرة أصبحت تظن أنها أصبحت الإمبراطورية التي لا تغيب الشمس عن قناتها الفضائية، لكن إن حصلت يوما على الأراضي، بإصلاح سوريا مثلا، فقد يضيف هذا قوة الأراضي إلى قوة النفط والغاز و(الجزيرة)، وهذا ما لا يمكن أن تقبله السعودية، فهل هذا هو سبب تهديد كيان الدولة القطرية؟”.