قامت صحيفة “إندبندنت” البريطانية بتخصيص إفتتاحيتها على الهجوم الإرهابي الذي شهدته بريطانيا بالقرب من مسجد “فينزبري بارك” والذي أسفر عن مقتل شخص واحد مسلم وإصابة مصلين كانوا بدار الرعاية الإسلامية.
واستهلت الصحيفة البريطانية افتتاحيتها بالقول :”مع أن الاختيار صعب، إلا أن رجلا أكثر من أي شخص آخر، ضرب مثلا في الأشهر الأخيرة في الرحمة والإنسانية والقيم البريطانية، حيث أدرك إمام مسجد دار الرعاية الإسلامية، محمد محمود، حجم ما يحصل في مجتمعه من أول لحظة بدأ بها إرهابي في جريمته، لكن الإمام قام بحماية هذا الرجل، الذي قيل إنه أعلن أنه يريد قتل المسلمين كلهم، وبذلك العمل الشجاع ضرب مثالا رائعا في قداسة الحياة البشرية وحكم القانون”، مضيفة :”وإن كان أي شخص يميل للنظر إلى رجال الدين المسلمين كلهم على أنهم يحملون فكر تنظيم الدولة ذاته أو فكرا مشابها، كان فعل هذا الإمام أبلغ رد، وهو رمز لما ينادي به الإسلام فعلا، لا ما يحاول بعض من يرتكبون الجرائم إقناعنا بأن ذلك هو الإسلام، وكان ذلك الإمام هو الرد المناسب لأبي حمزة المصري، الذي ذهب منذ زمن، والذي كان يدعو للكراهية في مسجد فينزبري بارك القريب، الذي تخلص من تلك الروح الشريرة”.
وطرحت الصحيفة البريطانية سؤالا هو “أين نذهب من هنا ؟” لتجيب بعد ذلك :”مع أننا لا نستطيع فعل الكثير في الواقع لمواجهة إرهابي منفرد يقود سيارة ليدهس مجموعة من الأشخاص الأبرياء، لكن هناك دروسا يمكن أن نتعلمها من هذا الحادث، وربما بعض الدروس الأخرى التي كان يجب أن تكون السلطات المسؤولة قد تعلمتها”.
وبدأت إندبندنت بنشر الدروس التي يمكن تعلمها بالقول :”أحد هذه الدروس أن أماكن العبادة تحتاج إلى المزيد من الحماية، فواضح أنها هدف للبعض من الذين يحملون أجندة دينية منحرفة، خاصة أنها تعرضت لاعتداأت من مستوى أقل، مثل كتابة الشعارات، أو إلقاء رأس خنزير على مدخل المسجد، ويعاني المجتمع اليهودي أيضا من مثل هذه الأعمال، كالاعتداأت الشخصية والشتائم، وتشكل هذه في العادة جزأ من (صعود مفاجئ) في جرائم الكراهية بعد هجوم كبير، ثم تمر، ومع ذلك، فإن احتمال وقوع مذبحة أصبح واضحا الآن، وكان قتل القسيس الكاثوليكي في فرنسا بداية العام مثالا آخر لمدى عرضة المصلين ورجال الدين لهذه الجرائم؛ لذلك لا بد من توفر حماية الشرطة وكاميرات المراقبة حول المساجد والمعابد والكنس والكنائس والمقابر، ويستحق ذلك النفقة التي يحتاجها، وإن كانت هذه الإجراأت لا تضمن عدم وقوع اعتداء آخر على الحياة”، مشددة :”علينا أن ندرك أن رفع مستوى التهديد الأمني، وتشجيع المجتمعات على أن تكون متنبهة، وأن تخبر عن التطرف وإقرار قوانين جديدة لن تكون كافية وحدها لهزيمة الإرهاب البدائي، مهما كان مصدره، وليس الحل المزيد من المراقبة، خاصة إن كان موجها لمجتمع واحد، لا نريد العيش في دولة بوليسية، وحتى لو قبلنا بذلك، فإننا سنجد أن ذلك ليس دفاعا كافيا ضد البربرية (كما ثبت في روسيا وفي دول الشرق الأوسط)”.
وتابعت الافتتاحية :”علينا أن ندرك أن رفع مستوى التهديد الأمني، وتشجيع المجتمعات على أن تكون متنبهة، وأن تخبر عن التطرف وإقرار قوانين جديدة لن تكون كافية وحدها لهزيمة الإرهاب البدائي، مهما كان مصدره، وليس الحل المزيد من المراقبة، خاصة إن كان موجها لمجتمع واحد، لا نريد العيش في دولة بوليسية، وحتى لو قبلنا بذلك، فإننا سنجد أن ذلك ليس دفاعا كافيا ضد البربرية (كما ثبت في روسيا وفي دول الشرق الأوسط)”، معلقة :””الأمر المشجع بالنسبة لهجمات هذا العام، كما كانت هجمات يوليو 2005، هو أن العنف لم يولد عنفا كبيرا، بل إن آثار الاعتداء هو عزل القتلة، وتقريب المجتمعات لبعضها، بروح النائبة جو كوكس التي اغتيلت قبل عام، التي ألهمت فكرة أيام (للقاء بين مكونات المجتمع)، بالإضافة إلى أن هذه الهجمات لم تولد هلعا أكثر من حيز الهجوم ذاته، فهناك إصرار صامت على عدم السماح بتدمير أسلوبنا في الحياة، وهذا إعلان فشل للإرهاب”.