تطرقت صحيفة “الغارديان” البريطانية بنشر تقرير للكشف عن لأسباب التي جعلت المملكة العربية السعودية تعلن خلافها مع قطر.
وقالت الصحيفة البريطانية :”قرار الرياض، التي هي في العادة مترددة، أن تفتح خلافا علنيا مع دولة خليجية صغيرة، بعد استضافة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و40 زعيما آخرين في فترة وجيزة، ينبع من تقدير في العائلة المالكة السعودية بأن الوقت قد حان لتعزيز موقعها”، مضيفة :”زيارة ترامب كانت إيذانا بالعودة إلى العلاقات الثنائية الطبيعية، التي بقيت قوية حتى الولاية الثانية لباراك أوباما، وحتى ذلك الحين حافظت أمريكا على النظام في المنطقة لمدة حوالي 70 عاما، وكان تقديرها دائما أن القيادة السعودية داعمة للاستقرار، أما الربط مع إيران فمنحها فرصة أن تكون لاعبا إقليميا مقابل التراجع عن برنامجها النووي، فغير ذلك كله”.
وتابع كاتب التقرير :”الرياض بقيت تشعر لمدة ثلاث سنوات كأن أجنحتها قد قصت، فلم تستطع ضمان دعم قوة عظمى، وكانت ترى أن إيران تكسب في سوريا والعراق ولبنان، وتحاول أن تصل إلى حلفاء آخرين، مثل مصر وقطر”، مؤكدا :”الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت تعرف على ماذا ستحصل من السعودية ومعظم دول الخليج، ولم يكن الحال ذاته مع قطر بشكل متزايد، فالمحمية البريطانية السابقة، التي أصبحت أثرى بلد بالنسبة لعدد سكانها، لم تتبع القواعد ذاتها، خاصة فيما يتعلق بسياستها تجاه إيران والإخوان المسلمين”.
ونوهت الغارديان :”الرياض وأبو ظبي رأتا في إيران والإخوان المسلمين تهديدا مدمرا، وكانت الشكوى بخصوص تعاملات قطر ترفض بشكل روتيني، بالإضافة إلى أن الدوحة تعاملت مع إسرائيل وحركة حماس وتنظيم القاعدة وحركة طالبان، وحافظت على وجود دور لها في جميع المناطق الساخنة إقليميا؛ ظاهريا لإثبات الوجود، وفي الوقت ذاته لممارسة نفوذ أكبر من حجمها؛ لعله يكون حماية لها إن تم حصارها”، مشددة :”كون الرياض تشعر الآن بأن الأمور عادت إلى نصابها، فهي تطالب شركاءها بالانحياز لخطها، خاصة فيما يتعلق بإيران والإخوان المسلمين، لكن أيضا في مصر وليبيا، حيث تصادم دور قطر في العادة مع دور جاراتها القوية”.
وواصل التقرير :”معارضة الإخوان المسلمين أصبحت هاجسا بالنسبة للسعودية وحليفاتها في الخليج؛ شعورا منها بأن الإسلام السياسي المنظم يشكل خطرا لا يمكن التهاون معه على أنظمتها، وفي محاولة سابقة لجعل قطر تلتزم بالخط، فإنه تم قطع العلاقات لفترة قصيرة عام 2014، ويظن أنها كانت ناجحة، لكن ومنذ ذلك الحين، خاصة عندما أصبح دور السعودية ثانويا خلال رئاسة أوباما، فإن القادة السعوديين يتحرقون بانتظار لحظتهم المناسبة”، مؤكدا :”تمت العودة للعادات القديمة؛ أمريكا تشجب إيران بشدة، وتعرب عن استعدادها لغض الطرف عن القضايا الإنسانية والحكم في السعودية، بالإضافة إلى غض الطرف عن التوافق بين رجال الدين الوهابيين في المملكة مع الحكام، وقوبلت الشرعية الجديدة، التي حصلت عليها السعودية، بارتياح واضح في الرياض، حيث لم تتوان عن أخذ فرصتها باستخدام وزنها في المنطقة”.
لكن الصحيفة البريطانية استدركت بالقول :”كان التحرك أسرع من المتوقع، فعندما نشر على موقع وكالة الأخبار القطرية خطاب للأمير ينتقد فيه السعودية، وهو ما نفاه المسؤولون، (واتهموا القراصنة)، بدأت آلة الدعاية بالعمل في غضون ساعة، حيث اصطف كتاب الأعمدة والخبراء والقادة لشجب قيادة الدوحة؛ لعلاقاتها بإيران والإخوان المسلمين، حتى أن أحد المسؤولين السعوديين استحضر مثال الرئيس المصري السابق محمد مرسي المسجون، مشيرا إلى أن المسؤولين القطريين قد يشاركونه المصير ذاته”، مختتمة بالقول :”قطع الصلات البرية والبحرية والجوية هو أشد من قطع العلاقات الذي تم عام 2014، لكنه مصمم لحمل الرسالة ذاتها، وهي أن على قطر الالتزام بالخط مثل بقية دول الخليج، من ناحية الاعتراف بالتهديدات ذاتها، ومقاطعة الأعداء أنفسهم، والأهم من ذلك كله، هو أن الرياض تقوم باستعادة دورها بصفتها زعيمة للمنطقة، وما شجعها الدعم الأمريكي المتجدد”.