خلال ندوة صحفية خصصها وزير العدل، حافظ الأختام الطيب لوح، يوم الخميس،عن مجريات الانتخابات التشريعية من الجانب القانوني، شدد على ضرورة مراجعة مسألة الحصانة البرلمانية من خلال فتح نقاش يسمح بالتوصل إلى توازن تشريعي يضمن للنائب التمتع بالحصانة و عدم تقييد صلاحيات القضاء في النظر في التجاوزات التي قد تحصل في هذا المجال.
كما أكد السيد لوح بأنه”لا بد من التوصل إلى توازن في التشريعات يتحقق ضمن نقاش مفتوح، الغاية منه التوصل إلى ضمان تمتع النائب بالحصانة البرلمانية مع عدم تقييد صلاحيات القضاء في هذا المجال”.
و ذكر الوزير بأنه و من حيث المبدأ فإن الهدف من الحصانة هو” تمكين النائب من العمل بمنأى عن أي ضغط أو تأثير قد يمس بهمته أو صلاحياته”، غير أن وجود بعض الحالات التي تم فيها تسجيل تجاوزات بالإضافة إلى عدم حرمان القانون للمتابع قضائيا من الترشح لعهدة نيابية، و بالتالي استفادته من الحصانة في حال فوزه بمقعد في البرلمان هي كلها مسائل تقتضي فتح هذا النوع من النقاش على غرار ما هو حاصل في بعض الدول التي وجدت الحل لهذه الإشكالات ضمن تشريعاتها.
و لفت السيد لوح في ذات الإطار إلى أن إجراء رفع الحصانة عن ممثلي الشعب منصوص عليه فعليا في القانون غير أن إجراءاته تبقى “طويلة و معقدة”.
أما بخصوص ترشح بعض المسبوقين قضائيا للانتخابات التشريعية، فقد أوضح الوزير بأن هذا الشق يندرج ضمن الشروط الواجب توفرها لقبول المترشح، و “في حال تغاضي الإدارة عن هذا النوع من الحالات فإن المادة 68 من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري تسمح لهذا الأخير بمراقبة مدى توفر المترشحين على الشروط القانونية حتى الفائزين منهم”.
و في هذا الشأن، عاد الوزير للتذكير بعدد الطعون التي تلقتها المحاكم الإدارية بخصوص ملفات الترشح، و ذلك قبل انطلاق الحملة الانتخابية، حيث بلغ عددها 363 طعنا، تم قبول 70 منها، و بالتالي تم إلغاء قرار الإدارة و قبول الترشح فيما رفض 239 طعنا نتيجة عدم استيفاءها للشروط القانونية المنصوص عليها.
و في خضم تطرقه إلى الإخطارات التي تلقاها النواب العامين من قبل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات و التي بلغ عددها ” 38 إخطارا تم فتح تحقيقات بخصوصها”، تحدث السيد لوح عن مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي و القنوات التلفزيونية و التي ترصد وقوع تجاوزات على غرار ما حدث بأحد مكاتب التصويت بكل من الشلف و البويرة، حيث أكد بأن “النيابة المختصة شرعت في تحرياتها و تم استدعاء المعنيين في ظل الشفافية الكاملة”.
غير أنه حرص بالمقابل على الإشارة إلى أن التجاوزات التي تم تسجيلها تظل “أحداثا معزولة” كما أنها “ليست بالخطيرة و لا تمس بمصداقية الانتخابات”.
و ذكر الوزير بأنه و بصفة عامة فإن الشكاوى المقدمة أمام النيابة العامة يتم النظر فيها و في حال تبوث توفرها على الطابع الجزائي فإنها “تأخذ مجراها القانوني بغض النظر عن حق ممارسة المترشحين لحقهم في الطعن و التظلم أمام المجلس الدستوري”.
و في سياق ذي صلة و في رده على سؤال حول التصريح الذي كان قد أدلى به رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال بخصوص عدم تحرك بعض النواب العامين على الرغم من تلقيهم إخطارات من قبل الهيئة، اكتفى الوزير بالقول أن “القضاء قام بواجبه كاملا و ليس لنا ما نضيفه في هذا الإتجاه”.
و حول رأيه من تراجع نسبة المشاركة في التشريعيات، اعتبر السيد لوح بأن هذه النسبة تختلف حسب المواعيد الانتخابية، حيث يبقى هذا النوع من الاستحقاقات يعرف أقل نسبة مشاركة بالنظر إلى الانتخابات المحلية و الرئاسية، غير أن ذلك لا يمنع –كما قال– من إجراء دراسة معمقة تجمع بين الحكومة و الأحزاب السياسية لتحليل هذا الوضع و تحديد الآليات الكفيلة بدفع الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم في يوم الاقتراع.
أما بخصوص انخفاض نسبة تمثيل المرأة في المجلس الشعبي الوطني إثر التشريعيات الأخيرة، فقد أرجعها الوزير إلى وجود 39 قائمة لم تتحصل سوى على مقعد واحد عاد إلى متصدر القائمة، مما قلص من حظوظ النساء اللواتي توجد أسمائهن في بقية الترتيب.
و خلص السيد لوح إلى التأكيد على أن الانتخابات التشريعية التي جرت في الرابع من مايو الجاري تعد “خطوة جديدة تقطعها الجزائر في مسارها الديموقراطي” و “مؤشرا على استقرارها السياسي و الاجتماعي خاصة في ظل الظروف الاقليمية المحيطة بها”.
كما ذكر أيضا بأنها تعتبر أول انتخابات تشريعية تجري في ظل الدستور المعدل و القوانين التي انبثقت عنه و التي جاءت بضمانات جديدة تعزز من شفافية و نزاهة الانتخابات، و على رأسها إنشاء هيئة عليا مستقلة دائمة لمراقبة الانتخابات تؤدي دورها جنبا إلى جنب مع السلطة القضائية.