في افتتاحية لها، قالت صحيفة “التايمز” أن التراجع الأخلاقي لدى المملكة العربية بدأ بالفعل، وذلك أثناء زيارة تيريزا ماي للبلاد، والتي بدأت في صنع نموذج لتعامل المملكة مع المرأة.
وقالت الصحفية البريطانية واسعة الإنتشار :” من السهل التشكيك في هذا الكلام، فالهدف من زيارة ماي هو التجارة والأمن وليس حقوق الإنسان، وقهر النساء في السعودية أكثر منه حتى في ديكتاتوريات الخليج الأخرى، لكن النهوض بحقوق الإنسان يبقى هدفا دبلوماسيا مهما، وليس هناك سبب يدعو للشك في صدق رسالة ماي”، مضيفة :” الحكومات الديمقراطية تكذب على نفسها إن هي تعاملت مع الدول كلها على أنها متساوية بغض النظر عن القيم التي تمثلها، ويجب على الحكومات أن تتذكر دائما بأن هناك طرقا أفضل وطرقا أسوأ للانتصار لحقوق الإنسان، ففي توجيه الإرشادات العلنية مخاطرة بتقويض شراكات استراتيجية مع حكام قد لا نحبهم، لكن هناك مصالح مشتركة”.
وواصلت التايمز :” أوضح ما تبدو فيه هذه المعضلة يتمثل في الآمال المحبطة في الربيع العربي، فالثورات في شمال أفريقيا وفي الشرق الأوسط بدأت في تونس عام 2010، إلا أن المظاهرات تمكنت فقط من الإطاحة بالمستبدين الليبراليين، مثل زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، أما الطغاة، مثل معمر القذافي في ليبيا وبشار الأسد في سوريا، فقابلوا المظاهرات الشعبية بالقمع الوحشي، وفي الوقت الذي سقط فيه القذافي بسبب تدخل الناتو، بقي الأسد في موقعه”، مضيفة :” الحكومات الغربية تحتاج أن تقرر مع من تعمل ولأي أهداف، ففي الشرق الأوسط هناك استنتاج غير مريح لكن لا مفر منه، وهو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هو حليف ضروري بالرغم من الإطاحة برئيس منتخب، واعتقال 40 ألف سجين سياسي، وقتل مئات المتظاهرين، وإن كان الخيار بين التطرف الإسلامي وبين حكم قمعي مستبد لا يسعى للتمدد، فإن على الغرب أن يعمل مع الأخير”.
وواصلت افتتاحية التايمز :” يجب أن يكون التعاون مترافقا مع وضوح الرؤية، فلم تكن هناك حاجة لأن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستقبال السيسي في البيت الأبيض، وأن يكيل له المديح، (للقيام بعمل رائع في وضع صعب للغاية)، وفي سوريا تشكل بربرية تنظيم الدولة تهديدا للحضارة، لكن ذلك لا يقلل من مسؤولية الأسد عن تصرفاته المنحرفة، ولا يبرئ الغرب لضعف الرد على ذلك”، مؤكدة :” القيام بتنازلات اخلاقية لاحتواء وهزيمة عدو أكبر لطالما شكل جزأ شرعيا من السياسة الغربية، فكان التحالف مع ستالين ضروريا لهزيمة ألمانيا النازية، بالإضافة إلى أن الردع النووي وتحالفات الحرب الباردة مع أنظمة مستبدة كانا ضروريين لهزيمة الشيوعية السوفييتية”، ثم مستطردة :” أقل الرؤساء الأمريكيين فعالية بعد الحرب هو جيمي كارتر، حيث بدأ بالإعلان أن حقوق الإنسان هي التزام (مطلق) لسياسته الخارجية، وانتهى به الأمر بأن سخر منه الحلفاء في الناتو، مثل مستشار ألمانيا الغربية هيلموت شميدت، والأعداء مثل موسكو وطهران لرئاسته على بلد تراجعت قوتها بشكل كبير”.
وختمت التايمز بالقول :” ماي محقة في اتخاذها مقاربة حذرة، فالشعارات مهمة في الدبلوماسية في الحديث مع المظلوم والظالم، لكن هناك حدودا للضغط الأخلاقي، والحكومات التي لديها قابلية هي في الغالب حكومات غربية حليفة وليست مناوئة، فلا معنى لإضعاف التحالفات الضرورية بسبب مبادئ مجردة إن كان ذلك سيهدد الاستقرار ويضعف قضية الليبرالية الأوسع”.