في الدول البترولية أو حتى التي تمتلك موارد معدنية وبترولية أقل تتوفر للمواطن فيها وخاصة الصحافي والفنان رفاهية معيشية خاصة يحتفى بهم كونهم يمثلون ثروة قومية ووطنية تتباهى بها المجتمعات أمام أخرى لكن في الجزائر يتساقط هؤلاء النخبة إلى أدنى مستويات المعيشة فقراً ومهانة قد لا يصدق كثيرون أن أسماء ثقافية وفنية معروفة أصبحت في قاع الحضيض أساتذة وصحافيون وفنانون كبار أصبحوا في الدرك الأسفل من الفقر يتسولون مساعدات إنسانية عبر فيسبوك لكنهم يتعففون عن الإعلان عن ذلك بسبب عزتهم وأنفتهم يغلقون أبواب بيوتهم كما بطونهم يكتفون بإرسال مناشدات لإنقاذهم بسلة غذاء أو ثمن دواء أو حتى دفع إيجار وبعضهم يعاني من أمراض مزمنة مثل السكري وقصور الكلى والقلب فيهرب من المستشفى لأنه لا يملك دفع فواتير العلاج.
إلى ذلك تساءل ناشطون عما إذا كان هذا الحال بمن هم صفوة المجتمع في بلد قادته سياسة الجنرالات إلى شفير الفقر فكيف هو الحال بالطبقة الأدنى المسحوقة اجتماعياً الوضع الراهن لا يفرق بين جزائري وآخر 40 مليون إنسان يعيشون مجاعة واحدة لا يختلفون عن بعضهم سوى بالمسميات والأدوار والمهن جميعهم لا يجدون طعاماً حين يجوعون ولا دواء حين يمرضون والمصير الأسود دون تفريق أو تمييز شعب محكوم بالموت جوعاً وقهراً ومرضاً نعم قصص مأساوية يعيش فصولها فنانون ومثقفون وإعلاميون دفعتهم فداحة الظروف وغلاء المعيشة إلى طلب مساعدات طارئة عبر منصات سوشيال ميديا والواضح أن قصصهم تصف أوضاعهم ولا تكشف أسماءهم لكن من يقدم المساعدة إليهم يتفاجأ بهؤلاء القامات وهم أصحاب عطاءات بارزة كان يشار إليهم بالبنان باتوا أسرى أوضاع يرثى لها جراء تحديات معيشية طاحنة أجبرتهم على التخلي عن مهنهم التي كانت تسند أحوالهم المتردية وتستر جوعهم وحاجتهم قبل أن تخذلهم وتتركهم لأكثر من 3 سنوات بلا شغل فيما أعرب مثقفون وفنانون آخرون عن أسفهم لما آل إليهم حال زملائهم الذين قرروا اللجوء إلى طرح قصصهم عبر وسطاء مؤثرين لمد يد عجزهم لمن سواهم طلباً للفتات فوضع المثقف الجزائري الذي انسحب من دوره في نشر رسالة التنوير والتصحيح إلى مسارات البحث عن اللقمة على حساب كرامته ومكانته الاجتماعية عبر تزوير الحقائق والتاريخ ارضاء للجنرالات اما الذين ما زالوا متمسكين بقليل من عزة نفس وبعض كرامة لطالما رفدوا الساحة بنتاجات مهمة وملهمة وقدموا للمجتمع خدمات جليلة لا يملكون علبة الحليب لأطفالهم أو ثمن الدواء لأمراض تتهدد حياتهم أو ذويهم تكون المأساة قد بلغت حداً لا يحتمل فلا يكون أمامهم سوى طلب الفتات من محيطهم ذلك بالطبع بمثابة تسكين مؤقت للوجع فإلى أين يتجه مصير هؤلاء النخبة المثقفة من صفوة المجتمع الجزائري؟! ووسط بلد أنهكته سياسة الجنرالات الفاشلة حيث يعيش ثلاثة أرباع سكانه تحت خط الفقر شعب يعاني ثالوث العوز والمرض والفاقة يستبدل اللقمة بالغصة لسد الرمق لا يعرف إلى متى سيظل يداوي أنين الحاجة وعسر الحال وإلى متى يستمر هذا القاتل الصامت في قطف أرواح الأطفال والمسنين والمرضى العاجزين هذا الجوع والقحط وقلة الحيلة لا يختلف تماماً عن مجازر الجنرالات بالعشرية السوداء في حصد ضحاياه متسولون في كل شارع تتعدد وسائل الاستجداء والاستعطاف وأطفال يفترشون كراتين الأرصفة وأسر بكاملها لا تجد كسرة خبز وراء الأبواب المغلقة بيوت تتداعى أركانها عجزاً وقهراً وأشخاص نحيلون من فرض الجوع يتساقطون جثثاً في الطرقات وآخرون يربطون أحشاءهم حتى تفتك بهم الأوبئة وسوء التغذية والأمراض المزمنة لتطرحهم أرضاً على طواريد المستشفيات التي تحولت هي الأخرى إلى مقابر جماعية بسبب تراجع الخدمات وغياب التشخيص وشح الأدوية فضلاً عن عدم قدرة الكثيرين على تحمل نفقات العلاج كل هذا يحدث في بلد يمتلك احتياطات خيالية من النفط والغاز والدهب.