قالت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية أن الإتفاق النووي الذي تم عقده مع إيران ليس مضمونا أبدا في عهد الإدارة الأمريكية الحالية، معتبرة أن دليل ذلك هو الإنذار الذي تم توجيهه إيران بشكل رسمي على لسان مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأمريكي والذي قال فيه أن بلاده لن تتردد في مسألة إضافة عقوبات على إيران.
وقالت المجلة الأمريكية واسعة الإنتشار :” هذه التحذيرات أخافت الإيرانيين بالطبع، لكنهم لم يسارعوا إلى الملاجئ بعد، فطهران تعتقد أن ترامب يهدد أكثر مما يفعل، وقد تكون محقة بذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار كيف طوّر ترامب مهاراته التفاوضية التي يدعيها، فاتخاذ مواقف متطرفة في المفاوضات التجارية قد يكون تكتيكا مفيدا، لا سيما في تجارة العقارات، خاصة أن المفاوضات مترابطة، فالأخذ والرد يسمحان للشخص بأن يتنازل شيئا فشيئا عن موقفه المتطرف دون شعور بالحرج”، مستدركة :” نقل هذا الأسلوب إلى تعقيدات السياسة الخارجية له حدود؛ وذلك لأنه ليست هناك دائما مفاوضات رسمية يمكن من خلالها التنازل عن الموقف المتطرفة دون الوقوع في الحرج، حيث سيعد التنازل هنا دليل ضعف، وقد عانى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما من هذا بشكل مباشر في سوريا، عندما فشل في فرض خطه الأحمر على الأسلحة الكيماوية برد فعل عسكري، وكما فعل ترامب مع الصين، وتراجعه التام عن سياسة الصين الواحدة، وإضافة إلى ذلك، فإن النجاح في مجال السياسة الخارجية يقاس بمدى خدمة المصالح الاستراتيجية على المدى الطويل أكثر منه على مكسب قصير المدى هنا أو هناك”.
وتابع التقرير: “إذا اتخذت إدارة ترامب موقفا متطرفا من إيران، فإن ذلك في الغالب سيكون له مردود عكسي، فإيران تعلم أنها لا تفتقر إلى التأثير على أمريكا في الشرق الأوسط وأبعد من ذلك، وقد تدرك أن مساجلات ترامب حول إلغاء الاتفاق النووي والتعامل بقسوة مع إيران لا تعدو عن كونها تبجحا يقصد منه إجبار الجمهورية الإسلامية على الرضوخ”، متابعة :” هذا الحساب الخطير قد يؤدي إلى المزيد من المغامرات الإيرانية ولا يقلل منها، فإيران ترى أنه يجب على سياسة ترامب الخارجية مواجهة التناقضات بين الموقف الصدامي مع إيران ووعده بهزيمة تنظيم الدولة (لجعل أمريكا آمنة مرة أخرى)، ومع أن صناع السياسة في طهران يعرفون أن إيران لا تستطيع الوقوف أمام أمريكا في حرب تقليدية، إلا أنهم يدركون أيضا أن الأمريكيين غير راغبين في مواجهة جديدة، بالإضافة إلى أن ترامب قد يفضل أساليب أقل صدامية، خاصة عندما يكتشف أن مدى أهمية إيران في الحرب على تنظيم الدولة”.
وأشارت المجلة إلى مسألة التقارب بين كل روسيا وأمريكا حيث قالت :” ترامب قد يعتقد أن التقارب مع روسيا، وتحسين العلاقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد يكونان الوصفة السرية للقضاء على تنظيم الدولة، لكنه سيكتشف قريبا أن الوجود الروسي في سوريا، حيث يجب اجتثاث تنظيم الدولة من الرقة، هو وجود جوي مبدئيا، وتعتمد روسيا على حلفائها الإيرانيين ومليشياتها الشيعية على الأرض، بالإضافة إلى أن إيران لاعب أساسي في العراق، حيث الجهود لاقتلاع تنظيم الدولة تحتاج إلى تعاون من إيران”.