استقالة المسؤولين في البلدان الديمقراطية مسألة شائعة فإنّ الاستقالة من المنْصب ثقافة غير متداولة في النظام عندنا حيث يتشبّث المسؤولون بمناصبهم حتّى إنْ فشلوا في مهامّهم أوْ ارتكبوا أخطاء مثيرة لغضب الرأي العامّ ولا يتخلّوْن عنْها إلا إذا قبض ملاك الموت روحهم كمَا حصل مع وزراء ومسؤولين كبار.
هناك لاصقة يستخدمها المسؤولون في البلاد ليبقوا في مناصبهم أكثر مما يجب يطلقون عليها اسم لاصقة (إلى اللحد). ويبدو أننا اليوم إزاء مشكلة مع أولئك المسؤولون الذين التصقوا بواسطة هاته لاصقة فوق كراسي او مكاتب الإدارات التي تولوها منذ سنوات مملة وطويلة حتى يخال المرء ان تلك المؤسسات إنما ورثوها من ذويهم حالها حال أي من الأموال المنقولة وغير المنقولة ؟ وفي الحالتين يتصرف هؤلاء الملصوقين بواسطة لاصقة (إلى اللحد) كأن البلد بأكمله ضيعة مملوكة لهم و لأسرهم.
لقد اصبحت كثير من الإدارات العامة والعليا وحتى الصغيرة منها ممالك صغيرة ضمن الدولة يتصرف فيها المدير او المسؤول وكأنه وارث الدولة في تلك المؤسسة وربما كان ذلك مبررا لان رأس النظام ملتصق بالكرسي مند فترة طويلة وهو في موقعه خوفا من تبلور أو تكلس مجاميع من الناس حول شخص اخر يؤسس شيئا يثير مخاوف النظام. إلا ان ما يواجهنا اليوم وبعد اكثر من 15 سنة من مواصلة الالتصاق في كراسي الإدارات وبالذات ما دون كرسي الوزير او النائب وما يترتب على ذلك من انتشار عنقودي للفساد المالي الذي طفح بشكل جعل البلاد في مستويات لا يحسد عليها تحت سقف الفساد في ظل إدارات نافست المياه الراكدة في تعفنها وانتشار رائحتها التي تزكم الأنوف.
اصبحت الدولة وغيرها من المؤسسات التي يعشش فيها مدراء ومسؤولين كبار وصغار نمت حولهم عناقيد من بكتريا الفساد ومجاميع من الانتهازيين والوصوليين الذين مسخوا تلك المراكز وحولوها الى إمارات وملكيات شخصية وتسببوا في تأخير نهوض البلاد وتقدمها وإضاعة فرص ذهبية للانتقال الى الضفاف الأخرى مع الدول الديمقراطية.