قامت صحيفة الغارديان البريطانية، الواسعة الإنتشار بنشر مقال لها للمؤرخ آفي شلايم أستاذ العلاقات الدولية في كلية سانت أنتوني في جامعة أوكسفورد، حول الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حيث وصفه بكونه أكثر الرؤساء الأمريكيين تأييدا لإسرائيل منذ الرئيس هاري ترومان، مؤكدا أن هذه الحقيقة لم تتغير حتى ولو كانت العلاقة بينه بين أوباما متوترة.
وقال شلايم في تقريره الذي نشرته الصحيفة البريطانية :” أمريكا لها علاقتان خاصتان وليست واحدة: الأولى مع بريطانيا، والثانية مع إسرائيل، وعندما تتصادم العلاقتان تتفوق التي مع إسرائيل على تلك التي مع بريطانيا، وهو ما اكتشفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عام 2003 وبثمن باهظ، فمن أجل العلاقة الخاصة، فإن بلير جر بريطانيا إلى حرب كارثية في العراق، وفي مرحلة ما بعد الحرب ارتد الأمريكيون عن وعودهم، بدفع إسرائيل للموافقة على تسوية مع الفلسطينيين، ولم يكن بلير قويا بقوة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، فبتواطؤ مع الأمريكيين مضى الآن على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية 50 عاما، ولا يوجد ضوء في نهاية النفق”، مضيفا :” يستخدم الساسة الأمريكيون من الحزبين شعارا يقول إن العلاقة مع إسرائيل غير قابلة للكسر، إلا أن انحراف إسرائيل المستمر نحو اليمين، يضع ضغوطا كبيرة على حليفتها والراعية الرئيسية لها، ففي أمريكا، تعد إسرائيل قضية في السياسات المحلية وليس الخارجية، وهي موضوع خلاف عميق بين إدارة أوباما المنتهية ولايتها والولاية المقبلة لدونالد ترامب”.
وعن التوتر الذي شهدته العلاقات بين البلدين، قال ذات المتحدث :” وصلت الأمور إلى مرحلة متوترة بعد تمرير قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، في 23 كانون الأول/ ديسمبر، بموافقة 14 عضوا، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، وشجب قرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، وطالب إسرائيل بالامتثال سريعا ووقف العمليات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وأكد القرار الإجماع الدولي المتعلق بحل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني”، مستطردا :” سمحت إدارة أوباما بتمرير القرار؛ لأنه بحسب رأيها لم يكن معارضا لإسرائيل، بل كان ضروريا لحمايتها بصفتها دولة يهودية وديمقراطية في الوقت ذاته، وبالنسبة لها فإن القرار كان المحاولة الأخيرة لمنع انزلاق إسرائيل نحو دولة التمييز العنصري، وللحفاظ على التسوية السلمية، وفي هذا الصدد، فإن القرار كان متماشيا مع السياسة الأمريكية منذ عام 1967، التي تعاملت مع الاستيطان في المناطق المحتلة على أنه عقبة أمام السلام”.
وتحدث المؤرخ الشهير عن موقف نتنياهو قائلا :” بالنسبة لنتنياهو، فإن قرار الأمم المتحدة كان أشبه بالخرقة الحمراء التي ترفع أمام الثور، وهاجم في الاتجاهات كلها، وألغى برامج دعم للسنغال، وأخبر وزير الخارجية النيوزيلندي أن القرار هو أشبه ما يكون بإعلان حرب، واستدعى سفراء الدول التي صوتت لصالح القرار وعنفهم في يوم عيد الميلاد، وتعهد بأن يوقف الدعم المالي لخمس مؤسسات تابعة للأمم المتحدة، التي (تعد معادية بشكل خاص لإسرائيل)، و(عاقب) رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي تعد من أكثر القادة الأوروبيين تأييدا لإسرائيل، من خلال إلغاء لقاء معها في دافوس، واتهم إدارة أوباما بالخيانة”، مضيفا في حديثه عن سجل أوباما :” سجل أوباما الحقيقي خلال الثماني سنوات الماضية من الحكم، يجعل منه واحدا من أكثر الرؤساء ولاء لإسرائيل منذ هاري ترومان، حيث إنه قدم سلاحا ومالا لإسرائيل أكثر من سابقيه ممن حكموا أمريكا، والتزم بشكل كامل بتعهد الولايات المتحدة بالحفاظ على (تفوق إسرائيل النوعي)، من خلال تزويد حليفتها بأنظمة الأسلحة المتقدمة كلها، وكانت هدية الوداع لها هي حزمة من المساعدات العسكرية على مدى عشرة أعوام بقيمة 38 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل زيادة عن المساعدة السنوية من 3.1 إلى 3.8 مليارات دولار، وتعد هذه أكبر مساعدة تقدمها دولة لأخرى، ولم تسجل كتب التاريخ مثلها من قبل”.