أصبح الفساد من ركائز الحكم وميزة من سمات الحياة اليومية في الجزائر وقد أدّى الكشف عن العديد من قضايا الفساد الكبرى إلى زعزعة المجتمع لدرجة أن كل الأماكن العامة (مقاهي أسواق حدائق) طغت عليها مناقشات الفساد الذي أصبح استعارة مُناسبة للوضع الحالي…
وصل الفسادُ إلى حدِّ غزوٍ داخلي مُهدِّداً نسيج الدولة وقدرتها على العمل لقد وصَلَ إلى أبعادٍ لا مثيل لها حيث شمل شبكة مُعقّدة من المُستخدَمين والعمليات ومع ذلك فإن الفساد في الجزائر ينطوي على أكثر من مُجرّد اختلاسٍ وغسيل أموال إنه نظامٌ خُماسيّ المستويات تتقاطع مُكوّناته وتُغذّي بعضها البعض مما يجعل من الصعب اقتلاعه إذا كانت الدولة والمجتمع صادقَين في معالجة الفساد فعليهما أولاً معالجة الفساد بكامله وإلّا فسوف يتفاقم والسبب أن حجر الزاوية للفساد هم الجنرالات واستخدامهم لنفوذهم للحصول على مكاسب وهذا يأتي بأشكالٍ مُختلفة: رشاوى محسوبية خدمات غير مُبرَّرة تنازل عن رسوم تقييمات مُضَخَّمة والتفاف على القوانين وهو ما نتج عنه موقف مُعدي يُرسّخ ويُديم الإهمال الكبير وعدم الكفاءة وأداء العمل دون المستوى الأمثل والمطلوب غالباً ما يستلزم تنفيذ مهمة عادية في جهات مختلفة توزيع “هدايا” سواء كانت نقدية أو سلعاً مادية فيما الطبقة الثانية من الفساد تنطوي على استغلال الجنرالات لمناصبهم لضلوع في التزوير والإحتيال وهو ما جعل الجزائر في العشر السنوات الأخيرة تفقد 150 مليار دولار في مشاريع وهمية .