قالت رولا خلف، المحررة بصحيفة “فايننشال تايمز” الواسعة الإنتشار أنها شهدت في مصر نوعا من الحنين إلى الماضي، وتحديدا إلى أيام الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، والذي أخرجته ثورة 25 يناير من قصر الإتحادية الرئاسي، حينما خرج الملايين من المصريين إلى الشارع من أجل المطالبة برحيله ونظامه معه، مؤكدة أن هذا الأمر هو خطير للغاية لأن حاجز الخوف الذي كان قد كسر في وقت سابق، عاد من جديد وبقوة مع السيسي.
وقالت خلف أنها قابلت عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري الحالي والذي رحب بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، وأكد بأن بلاده تستود حاليا نصف احتياجاتها كما أنه تفوق على جماعة الاخوان المسلمين، كما أنه اعترف بتراجع شعبيته لكنها استدركت بالقول أنه ليس مهتما بشكل كبير بمقاييس الدعم، لكنه يريد بلاء علاقة متينة مع المصريين القادرين على تحمل فترة حكمه.
وتساءلت الكاتبة الصحفية في مقال لها نشرته في صفحة الرأي في الجريدة “ماذا لو لم تتم الإطاحة بنظام محمد حسني مبارك، ماذا لو لم تحدث الثورة أصلا ؟” مشيرة أن الحنين كان ظاهرا على المصريين في النقاشات التي قامت به، بل وكان البعض يتحدث بنوع من التشاؤم عن المستقبل القريب.
وقالت الصحفية في مقالها :” الثورات تفشل، لكنها لا تنحرف عن مسارها بشكل سريع، لكن المصريين عادوا إلى نقطة الصفر، بعد حوالي ستة أعوام من تخلص المصريين من حكم حسني مبارك، الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، وعاد حاجز الخوف الذي كسر، لكن بقوة أكبر من ذي قبل”، مضيفة :” في هذا المناخ الذي يدعو إلى الأسى، توصل بعض المصريين إلى أن الثورة ضد حسني مبارك كانت وهما، فقد انتفض بالتأكيد الناس، لكن من أطاح به هو الجيش، ولربما كان عام 2011 انقلابا وليس ثورة، وبعد عامين من فوز الإسلاميين في انتخابات ديمقراطية، عاد الجيش من جديد، ومرة أخرى رحب الناس به، بعد شعورهم بالخيبة من الإسلاميين وسوء إدارتهم للبلاد، واليوم في ظل الرئيس السيسي يعطي الجيش انطباعا بأنه عاد ليبقى في الحكم”.
وفي قراءتها لما تعيشه مصر في الوقت الحالي، قالت خلف :” هذا الأمر قاد إلى مراجعة متسامحة مع عهد مبارك، صحيح أنه ربما لم يكن من أسوأ الديكتاتوريين العرب، رغم فساد نظامه وقمعه، لكن بعض المصريين يشيرون إلى أن مبارك، الضابط السابق في سلاح الجو، حكم من خلال حكومة مدنية مستقلة، ففي بلد لم يكن توجد فيه جماعات منظمة سوى الجيش والإسلاميين، فإن الانطباع الذي يراجع عهد مبارك يقدم رؤية وسطية، فبحسب رجل أعمال فإنه (فتح مجالا لمجتمع رجال الأعمال والنخبة المثقفة)، مستطردة :” الحقيقة هي أن الثورة كانت خارج سيطرة الجميع، حيث خرج الشبان بمئات الآلاف إلى الشوارع عام 2011؛ بسبب التوتر الذي تفاقم لمدة طويلة، وكان يجب أن ينفجر، وكانت الثورة عفوية، ولم تكن منظمة أو مخططا لها، وربما تم تجنب تدخل الجيش عام 2013، لو كان حكم الإخوان شاملا للجميع، وعندما قام الجيش بالإطاحة بمبارك، فإنه كان يقوم بحماية نفسه والبلد، فمن أجل حماية الحاكم المستبد كان على الجنرالات دعوة الجنود إلى إطلاق الرصاص على المتظاهرين، والدرس المستفاد من سوريا وليبيا هو أن سفك الدماء يؤدي إلى خروج الكثير من الناس إلى الشوارع”.
كما ختمت الصحفية البريطانية كلامها بالقول :” مصر قد تكون في حالة مظلمة أكثر مما كانت عليه في عهد مبارك، لكن لا أحد يعلم كيف كان سيتصرف الرئيس السابق لو نجا من الثورة، وكان أحد الخيارات استبدال الرئيس العجوز بنجله جمال، وكان الجيش والشعب يعارضان سيناريو التوريث، وربما تم تأخير الثورة وليس تجنبها، ومن الخيارات الأخرى تولي مدير المخابرات عمر سليمان الحكم، الذي اختاره مبارك نائبا له، إلا أن سليمان الذي توفي لاحقا لم يكن يحظى بشعبية، وربما واجه هو أيضا ثورة شعبية”.