انطلقت، اليوم، عبر 58 ولاية، أكبر عملية إحصاء فلاحي منذ الاستقلال، كونه يأتي بأوامر من رئيس الجمهورية الذي شدد على إنجاحه حتى يكون ورقة الطريق لبلوغ الأمن الغذائي المنشود، وسخرت له إمكانيات مادية ضخمة وبمشاركة عدة قطاعات والوكالة الفضائية الجزائرية للحصول على البيانات الدقيقة الكفيلة بتحديد إمكانيات وحاجات قطاع الفلاحة.
وزير الفلاحة والتنمية الريفية، رئيس اللجنة الوطنية للإحصاء، وضع أمس آخر اللمسات للعملية قبل انطلاقها، بإشرافه على آخر الندوات الجهوية للغرفة الوطنية للفلاحة، التي نظمت بالمدرسة العليا للفندقة والإطعام بعين البنيان، كشف خلالها عن الإمضاء على اتفاقية مع وزارة البريد لإصدار طابع بريدي خاص بالإحصاء الفلاحي.
وبالمناسبة، قدم وزير الفلاحة يوسف شرفة شكره لمكونات الأسرة الفلاحية، وخص بالشكر الغرفة الوطنية للفلاحة التي نظمت ندوات جهوية للتحضير الجيد للمناسبة وتبديد العراقيل، وكذا الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين، على مجهوداتهم طيلة الفترة الماضية، بتنظيم لقاءات عبر الولايات لتحسيس الفلاحين بأهمية الإحصاء العام للفلاحة.
وذكّر الوزير شرفة بالأهمية التي يوليها رئيس الجمهورية للإحصاء العام للفلاحة، حيث شدد على الحكومة مرارا على وضع كل الإمكانيات المادية لإنجاح العملية، كونها آلية لمعرفة القدرات الفلاحية لبلادنا، مشيرا في ذات السياق إلى أن القطاع الفلاحي يشهد حركية غير مسبوقة من حيث المقاربة الجديدة لتأطير ودعم الفلاحة، وتحدي الفلاحين للانخراط في إنتاج الزراعات الاستراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي، والإحصاء سيسمح بمعرفة قدراتنا الحقيقية وبناء سياسة تنموية ترتكز على بيانات ميدانية دقيقة. ودعا وزير الفلاحة في آخر كلمته الفلاحين ومهنيي القطاع إلى التجند والانخراط بقوة في الإحصاء العام للفلاحة الذي ستبنى عليه سياسات مستقبلية للتنمية الفلاحية الريفية في بلادنا.
سيتجند لعملية الإحصاء 7 آلاف عون إحصاء تم تكوينهم في المجالات العملية والتقنية، بين أعوان إحصاء ومراقبين، بالإضافة إلى مشرفين وطنيين. وتم الاستعانة في الولايات التي سجلت نقصا في العدد بفئات أخرى ذات صلة قريبة بقطاع الفلاحة، حيث تم تكوين المعنيين في كيفية تنظيم مقابلات مع الفلاحين وأيضا في الجوانب التقنية حول كيفية تسيير المنصة الرقمية الخاصة بجمع البيانات والاستبيان الخاص بالعملية.
كما كان للعمليات التحسيسية دور مهم، حيث برمجت عدة لقاءات، سواء مع الشركاء الاجتماعيين وعلى رأسهم اتحاد الفلاحين، على غرار الندوات الجهوية الأخيرة، أو حتى مع المسؤولين بالقطاع مثلما قامت به الغرف الفلاحية عبر الوطن، آخرها الندوة التي جمعت ولايات الوسط أمس بالعاصمة، وكلها مواعيد الهدف منها بث الوعي وتجنيد الجميع لإنجاح هذا الموعد الوطني الذي لا يهم قطاع الفلاحة فحسب بل يهم اقتصاد الوطن ومؤهلاته والاستراتيجية المبنية على أرقام دقيقة تماشيا مع التحديات المرفوعة لتحقيق الأمن الغذائي.
وتضمن الاستبيان الخاص بعملية الإحصاء الذي سيعتمد بداية من اليوم عبر 58 ولاية 12 قسما هي: تعريف المستثمر وتعريف المستثمرة، مساحة المستثمرة، استخدام الأراضي، المواشي، مباني الاستغلال، العتاد الفلاحي، الموارد المائية، اليد العاملة، استخدام المدخلات، تمويل النشاط الفلاحي، محيط المستثمرة، حيث سينطلق الإحصاء رسميا اليوم 19 ماي ويستمر إلى غاية 17 جويلية، أي لمدة شهرين، مع إمكانية تمديد الفترة إذا اقتضت الضرورة، لأنه يمكن أن تحتاج بعض المناطق إلى وقت أكثر، ومع هذا فترة التمديد لن تتجاوز 15 يوما كأقصى تقدير. وما يميز الإحصاء هذه المرة أيضا مشاركة عدة قطاعات كالداخلية التي سخرت ولاة الجمهورية والجماعات المحلية بكل مكوناتها لمساعدة أعوان الإحصاء وتقديم التسهيلات، ووزارة الدفاع التي ستؤمن العملية بالكامل وتضمن تنقل الأعوان وأيضا تأمين مناطق الوطن الشاسعة، كما تم إدراج الوكالة الفضائية الجزائرية في عملية الإحصاء لإعطاء بيانات دقيقة.
الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين كان شريكا لوزارة الفلاحة منذ الإعلان عن موعد الإحصاء، حيث كان ضمن اللجنة التي حضرت لهذا الموعد وقاموا بلقاءات دورية مع الفلاحين، كان آخرها البرنامج التحسيسي الذي نظم من 29 أفريل إلى 9 ماي 2024 بولايات بومرداس، سيدي بلعباس، باتنة وغرداية، وهي ولايات جمعت مناطق الوسط، غرب وشرق وجنوب البلاد، تم خلالها تحسيس الفلاحين بأهمية العملية، وما وقفوا عليه أن هناك مستوى وعي كبير لدى الفلاحين، وهم ينتظرون الموعد للمشاركة بقوة. وما سيعطى للعملية أهمية هو مشاركة أمناء البلديات التابعين لاتحاد الفلاحين البالغ عددهم 1541 أمين، حيث سيكون لهم دور محوري كونهم أدرى بالبلديات التي يمثلون اتحاد الفلاحين بها، ويمدون يد العون للفلاحين ويجيبون عن كل أسئلتهم، خاصة مع خصوصية المناطق وملكية الأراضي، لهذا كان دور اتحاد الفلاحين هو الحث على ضرورة الإحصاء والتصريح بالوضعية الحقيقية لكل فلاح حتى تكون هناك أرقام حقيقية وشفافة لتخدمهم مستقبلا.
وبدد الاتحاد مخاوف الفلاحين، خاصة حول تحميلهم ضرائب مقابل التصريح بمختلف النشاطات الفلاحية، حيث أكد لهم أن ذلك مجرد إشاعات وأنه لا علاقة للإحصاء مع فرض غرامات مالية وأن الهدف الرئيسي من هذه العملية هو جمع معلومات دقيقة. وسبق أن أكد مسؤولو الاتحاد بلوغ وعي كبير هذه المرة ورغبة واسعة في المشاركة، كما وجه الاتحاد عشية الموعد دعوة لجميع الفلاحين بعدم تفويت الفرصة والمشاركة في العملية بقوة في الإحصاء، لأن هذا الأخير سيقوم بإحصاء الأراضي الفلاحية ورؤوس الحيوانات واليد العاملة ومختلف التجهيزات المستعملة في الفلاحة.