التمست النيابة العامة لدى محكمة الجنايات الابتدائية في الدار البيضاء بالعاصمة، أمس الثلاثاء، توقيع عقوبة السجن المؤبد في حق شاب في العشرينات من العمر المسمى “قدور”، لتورطه في جريمة قتل، راح ضحيتها خمسيني، إبن عم قريبه المدعو “د.سليمان”، الذي مات متأثرا بحروق بالغة التي نشبت في جسده، داخل مقهى بحي “كوريفة” في الحراش، لقيام المتهم برشه بقارورة بنزين، ثم أشعل ولاعة ولاذ بالفرار تاركا الضحية يقاوم ألسنة النيران لوحده.
وتبين من خلال جلسة محاكمة المتهم المدعو “قدور”، أنه توجه إلى مقهى في حي “كوريفة” بالحراش، أين كان يتواجد الضحية “د.سليمان”، وهو ربّ أسرة لأطفال الذي ينحدر من منطقة “بني سرور” بالمسيلة، ويقطن معه في نفس الحي، وعند دخوله المقهى شاهد ضحيته جالسا بطاولة برفقة شخص آخر يدعى “الطيب ناصر”، فاقترب منهما وجلس معهما، ومن دون سابق إنذار قام المتهم بمباغتة الضحية برشّه بقارورة بنزين سعتها 2 لتر، منزوعة الغطاء “مفتوحة”، جلبها معه بداخل كيس بلاستيكي شفاف، ثم أشعل ولاعة، وفي تلك الأثناء اندلعت النيران واشتعلت في جسد الضحية “سليمان”، فبشار الأخير بالصراخ “ياقدور واش درت في”، طالبا النجدة منه، فراح يمسك به بكلتا يديه، طمعا في إنقاذه، غير أن المتهم لاذ بالفرار بعدما انتقلت النيران إلى يديه، وتسببت له في حروق بالغة.
وأمام هول الحادثة واشتعال المقهى، تدخل الحضور وقاموا بإمساك المتهم وتسليمه لرجال الشرطة، ليتم توقيفه، أما الضحية فتم إسعافه من قبل رجال الحماية المدنية، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى الحروق بالدويرة، بعد شهر من مكوثه في العناية المركزة متأثرا بحروق على مستوى الرأس ومناطق أخرى في جسده.
وكشفت التحريات في ملابسات الجريمة، من خلال سماع الضحية، قبل وفاته، أن المتهم حدثه قبل واقعة المقهى عن بناته، وأبدى انزعاجه من ترددهن على سوق “بومعطي”، على أساس أن التصرف منافٍ لتقاليد أبناء المنطقة.
أما زوجة الضحية، فكشفت تفاصيل أخرى غيّرت مجريات التحقيق، حين تحدثت عن وقائع أخرى تتعلق بقضية أخلاقية كانت وراء وقوع الجريمة، بعدما صرحت أن المتهم “قدور” جاءها قبل وقوع الجريمة وحدّثها منزعجا من زوجها “سليمان” باعتباره تحدث عنه بسوء أمام الجيران وأبناء منطقتهم بالمسيلة، وقال إن ذلك الكلام ألحق مساسا بشرفه.
من جهة أخرى، أكدت أقوال بعض الشهود، أن المتهم “قدور” كان في خلاف مع الضحية قبل أيام فقط من ارتكاب الجريمة، حيث تحدث إلى الضحية “سليمان” عن بناته كونهن أسأن لسمعة العائلة وأبناء منطقة المسيلة عامة، لخروجهن من المنزل إلى الأسواق بطريقة مشبوهة تثير الشكوك.
المتهم الموقوف “قدور” وخلال مواجهته بتهمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد من طرف رئيس محكمة الجنايات، أنكر جملة وتفصيلا إزهاق روح ضحيته عن قصد أو تخطيط مسبق، محاولا التملص من المسؤولية الجزائية أن الواقعة تتعلق بحادث عرضي من دون سابق إنذار، خلال تواجده في المقهى، أين طلب من أحدهم جلب فنجان قهوة لارتشافها، وخلال الانتظار أخرج ولاعة لإشعال سيجارة، وبطريقة عرضية اشتعلت النيران في الطاولة التي كانت عليها قارورة بها لترين من البنزين، كان قد ملأها من دراجة أحد الأشخاص، وخلالها قام بمسك القارورة ورميها بعيدا، وخلالها تطاير البنزين ورش جسد الضحية، مما تسبب في إصابته بحروق لانتقال ألسنة النيران إليه.
أما زوجة الضحية التي تأسست كطرف مدني في القضية، فقد صرحت للمحكمة بأنها كانت تعاتب زوجها مرارا، بسبب مصاحبته طفلا في سن إبنه، منذ أن كان في عمره “المتهم” 8 سنوات، إلا أنه لم يستمع لكلامها، إلى أن وقعت الجريمة وتوفي.
وبخصوص العلاقة المشبوهة التي صرحت بها أمام قاضي التحقيق، التي تربط زوجها الضحية بالمتهم “قدور”، حاولت الزوجة في الجلسة التستر عنها متراجعة عن تصريحاتها، وقالت للمحكمة إنها لطالما كانت تراودها شكوك من تصرفات زوجها لمصاحبته طفلا يصغره بثلاثين سنة، لكن شكوكها لم تتعزز بدليل قاطع، وعن الجريمة، أضافت الزوجة بأن المتهم “قدور” زار منزلها مرتين يوما قبل قتل زوجها، وسألها عنه، لكنها لم تشك في أمره قط، كونه معتاد على التردد على المنزل، كما أنه لم تكن بين زوجها المرحوم والمتهم أي عداوة أو خلاف سابق.