فصلت محكمة جنايات بومرداس في أضخم ملف يتعلق بالانخراط في تنظيم ما يسمى بـالدولة الإسلامية الناشط في العراق والشام “داعش“، والعمل لصالحه، من خلال الإشادة بأعماله وتمويله، حيث تمت متابعة 42 متهما، من بينهم 11 امرأة، على رأسهن زوجة مفتي تنظيم “داعش” المدعو “أبو مرام”، هذا الأخير الذي يعدّ أول الجزائريين الملتحقين بالتنظيم.
وقائع القضية تعود إلى شهر نوفمبر 2015، حين تقدم مواطن من مصالح الأمن في الرويبة شرق العاصمة للتبليغ عن اختفاء زوجته المسماة “ب.خديجة” لعدة أيام، وبعدها بأيام، تم تلقي بلاغ من مواطن آخر عن اختفاء ابنته.
وبعد فتح تحقيقات، تبين أن المفقودتين غادرتا التراب الوطني باتجاه تركيا ومنه التحقتا بتنظيم “داعش” في سوريا.
وعقب عمليات البحث المكثفة في حسابيهما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تبين أن الفتاة كانت منخرطة ضمن شبكة دولية تعمل على التجنيد لصالح تنظيم “داعش” تحت إمارة “أبو بكر البغدادي”، وانطلقت نواتها من مدينة بودواو غرب بومرداس، التي عرفت أولى الالتحاقات بذات التنظيم على يد المتهم “أبو مرام”، الذي لا يزال في حالة فرار.
ومع استمرار التحريات، تم التوصل إلى المتهمين في القضية من خلال حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذين بلغ عددهم 42 متهما، منهم من لا يزال في حالة فرار.
كما أظهرت التحقيقات بأن هؤلاء كانوا على اتصال دائم بإرهابيين متواجدين في سوريا عبر تطبيقي “فايبر” و”تليغرام”، على غرار المكنى “أبو دجانة” و”القعقاع” و”أبو العباس” و”أبو مرام”.
واعترف المتهم الأول “هـ، عبد النور” إلى جانب زوجتيه، وهو صاحب مكتبة من بجاية، عُرف باسم “أبو أسامة البجائي” عبر “الفايسبوك”، بأنه هدد زوجتيه للالتحاق بـ”داعش”، وكان يحضّر لنقلهما برفقة أبنائهما إلى سوريا عبر تركيا.
وجرت خلال المحاكمة مواجهة المتهم بدلائل صوتية وكتابية كان يتواصل بها مع الإرهابي “أبو العباس” المتواجد مع عائلته في سوريا، وكذا لقائه بالإرهابي “محمود الفاتح” في أحد الجبال وتسليمه سلاحا من نوع “كلاشنيكوف”، وكذلك الأمر بالنسبة للمتهم المكنى “معاوية”، حيث عثر على تسجيل صوتي مع الإرهابي “أبو دجانة” المكلف بنقل هؤلاء إلي معاقل “داعش”.
وقد تم إغراء المتهم “معاوية” ليجمع شمله مع والده الذي يعدّ من الإرهابيين القدامى في التنظيم.
من جهتها، اعترفت المتهمة “ن.خديجة” المكناة “أم عبد الله”، بسفرها إلى تركيا، إلا أنها أنكرت بأنها كانت بصدد عبور الحدود السورية والالتحاق بـ”داعش”، رغم مواجهتها بدلائل تثبت تواصلها مع شباب وفتيات يحملون الفكر الجهادي المتطرف، منهم المتهمتان “مريم” و”رميساء”، إلى جانب “م.زينب” المكناة “أم الموحدين”، التي كانت تقوم بنشر كتابات تحرّض على “الجهاد”.
واستمرت المحاكمة بمواجهة المتهمين الماثلين بعلاقتهم بباقي المتهمين الذين شكّلوا شبكة إجرامية تعمل بكل سرية، حيث تمت مواجهة كل من المتهمين “ز.خالد”، “م.زكرياء”، “ب.محمد” و “ج.مهدي” بنشاطهم المكثف، كونهم متمكنون في مجال الإلكترونيك وكانوا يساعدون باقي المتهمين على فتح حسابات وحمايتها، خاصة المتهم “مهدي”.
أما بالنسبة لزوجة مفتي التنظيم “أبو مرام” المسماة “غ.يسمينة”، فقد كانت تتلقى مبالغ مالية تستغل للتجنيد هي وشقيقيها المتهمين، من طرف زوجها الذي كان يرسلها بوساطة المتهم “شقاش”، هذا الأخير كان يستغل حسابات متهمين آخرين لتضليل مصالح الأمن.
والتمس ممثل النيابة تسليط عقوبات مشددة في حق المتهمين، في حين، أصدرت المحكمة عقوبات متفاوتة بين 3 و 5 سنوات سجنا ضدهم.