تواصل الحراك الشعبي، في جمعته الـ53 على التوالي، و هذه هي الجمعة كانت بخصوصيات و رمزية جسدها الاحتفاء الشعبي بذكرى مرور عام على الحراك الشعبي الذي حقق مكاسب متعددة و مازال يحقق في المكتسبات، إذ أنه أرغم عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة بعد 20 عاماً من الحكم ، إلى جانب تغييرات في المشهد السياسي لم ترق الحراك الذي يرى أنها لم تغير من النظام شيئا، إلى جانب سلسلة من المحاكمات لوزراء و مسؤولين.
و قد دعا أعضاء “العقد السياسي لقوى البديل الديموقراطي” من أحزاب وجمعيات داعمة للحراك، إلى “الجعل من يومي الجمعة 21 والسبت22 فبراير (شباط) 2020 مرحلة تاريخية في التجنيد الشعبي السلمي من اجل إفشال مخطط إعادة انتاج نفس النظام وإرساء أسس الجمهورية الجديدة التي تمكن الشعب الجزائري من الاختيار الحر لشكل و طبيعة مؤسساته” .
وقبل سنة في 22 شباط/فبراير 2019 خرج آلاف الجزائريين في مسيرات عارمة، ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة الذي كان مشلولاً وعاجزاً عن الكلام، لولاية خامسة. وبعد نجاحهم في إسقاط الولاية الخامسة واستقالة بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل تستمر التظاهرات كل أسبوع من أجل “تغيير النظام”.
وبعد أقل من ستة أسابيع من الاحتجاجات والمسيرات الأسبوعية بأعداد متزايدة، أجبرت قيادة الجيش، العمود الفقري للنظام، بوتفليقة على الاستقالة في 2 أبريل.
غير أن رئاسة أركان الجيش التي أصبحت تمثل السلطة الفعلية، مسحت كل مطالب الحراك، بشأن تغيير “النظام” وشنت حملة اعتقالات لمسؤولين ومتظاهرين.
ويرى مراقبون أن التعبئة وإن بدا أنها تراجعت نوعاً ما منذ الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ديسمبر، إلا أن عدد المتظاهرين مازال كبيراً كل يوم جمعة.
لكن الحراك يواجه العديد من التحديات وهو يدخل عامه الثاني، في الوقت الذي يسترجع النظام قواه.
فبعد أن تولى السلطة الفعلية بعد استقالة بوتفليقة، نظمت القيادة العليا للجيش الانتخابات الرئاسية التي فاز بها عبد المجيد تبون. رغم نسبة المقاطعة العالية, إلا أن الحراك فشل في منع إجراء الاقتراع.
وقالت الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، داليا غانم: “لقد عاد الجنود إلى ثكناتهم، والمدنيون في السلطة، وبالتالي هناك واجهة دستورية وديمقراطية, ولكن في الواقع هذا هو بالضبط ما كانت عليه الأمور من قبل. تبون ليس سوى الواجهة المدنية للنظام الذي يتحكم فيه العسكر”.
طوى الحراك الشعبي، اليوم، أول سنة من عمره ويستعد لدخول الثانية على أمل في بناء جزائر جديدة، وعشية الاحتفال بذكراه الأولى خرج المواطنون في مسيرات و مظاهرات شعبية سلمية في عديد المدن و الولايات في جمعته الـ 53 للمطالبة بالتغيير ورحيل الوجوه القديمة للنظام البوتفليقي وإطلاق سراح سجناء الرأي والسياسيين، وفي نفس الوقت تجديد العهد على مواصلة الحراك لغاية تحقيق جميع المطالب دون زيادة أو نقصان.