سجلت خلال النصف الأول من شهر يناير الجاري، وفاة 30 شخصا نتيجة تعرضهم إلى الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون المتسرب من أجهزة التدفئة وتسخين الماء، فيما تم انقاذ أزيد من 270 شخص من الموت المؤكد نتيجة هذه الاختناقات.
وكشف مدير الإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية العقيد فاروق عاشور لوكالة الأنباء الجزائرية، عن تسجيل وفاة 30 شخصا نتيجة استنشاقهم لغاز أحادي أكسيد الكربون بالمنازل وإنقاذ أزيد من 273 شخص آخرين من الموت المحتم منذ الفاتح من الشهر الجاري، فيما عرفت السنة الفارطة مصرع 145 شخصا و إنقاذ 2000 آخرين.
وتأتي هذه الأرقام المتصاعدة “بالرغم من الحملات التوعوية التي تقوم بها مصالح الحماية المدنية”، يقول العقيد عاشور الذي أعرب عن أسفه لتسجيل حوادث متكررة ناجمة عن تسرب هذه المادة السامة.
وأرجع العقيد فاروق عاشور مثل هذه الحوادث إلى سوء “تركيب تجهيزات التدفئة وتسخين الماء من طرف أشخاص غير مؤهلين إلى جانب غياب الصيانة وعدم خضوع جميع التجهيزات المسوقة إلى المراقبة”.
كما أكد ذات المسؤول أن مصالح الحماية المدنية تواصل مجهوداتها وحملاتها التوعوية التي انطلقت هذه السنة مبكرا (في شهر نوفمبر 2019) ومرافقتها بومضات إشهارية بمختلف وسائل الإعلام المرئية والسمعية إلى جانب استعمال شبكات التواصل الاجتماعي والرسائل القصيرة عبر الهواتف النقالة للحد من هذه الظاهرة .
وفي هذا السياق تقوم هذه المصالح -حسبه- بتقديم توجيهات ونصائح حول استعمال تجهيزات التدفئة وتسخين الماء لفائدة المؤسسات التربوية والجامعات ومراكز التكوين المهني بالإضافة إلى تنظيم قوافل بالتنسيق مع الجمعية الوطنية للمرصصين لإجراء مراقبة لهذه التجهيزات بالمنازل مشددا على “ضرورة احترام إجراءات الوقاية والسلامة سيما المتمثلة في وضع منافذ تهوية في أعلى وأسفل الأماكن التي يتم فيها تركيب التجهيزات التي تشتغل بالغاز”.
وشدد من جانبه رئيس جمعية حماية وتوجيه المستهلك ومحيطه الدكتور مصطفى زبدي على ضرورة تشجيع المواطنين على اقتناء الجهاز الكاشف عن تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون.
وأوضح ذات المتحدث أن الجمعية بصدد البحث مع المتعاملين والشركة الوطنية للكهرباء والغاز عن صيغة “لاختيار أحسن جهاز مسوق للكشف عن تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون” الناجم عن تركيب تجهيزات التدفئة وتسخين الماء لجعله في متناول المواطنين لوضع حد لحوادث الاختناقات التي أودت بحياة عائلات بأكملها.
وأكد الدكتور زبدي من جهة أخرى أنه يحاول في إطار نشاطات الجمعية وبالتعاون مع مختلف الفاعلين في الميدان “اختيار أحسن جهاز كاشف عن تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون يخضع لمقاييس السلامة” لتشجيع المواطنين على اقتنائه وذلك لوقايته من الاختناقات الناجمة عن تسرب هذا الغاز الذي يتسبب في حصد الأرواح يوميا مشيرا بأن أسعار التجهيزات الكاشفة عن أحادي أكسيد الكربون المتداولة بالسوق الوطنية تتراوح ما بين 2000 إلى 3000 دج .
وقد اقترحت الجمعية -حسب ذات المتحدث -على الشركة الوطنية للكهرباء والغاز إدراج سعر هذا الجهاز ضمن 3 أو 4 فواتير استهلاك الكهرباء والغاز حتى يتسنى للمواطن “اقتنائه بسعر معقول”.
كما أرجع المتحدث هذه الحوادث المتكررة إلى “غياب ثقافة المراقبة الدورية لهذه التجهيزات وصيانتها وتنظيفها من اعشاش الطيور” مشيرا إلى أنه ساهم في تفاقم هذه الظاهرة “سلوك المواطن الذي يقوم بغلق جميع منافذ التهوية” وتركيب في بعض الأحيان تجهيزات غير موجهة -كما أضاف – إلى الاستعمال المنزلي مما يؤدي في العديد من الأحيان إلى وقوع كوارث لا يحمد عقباها.
ودعا زبدي العائلات إلى” تحمل شدة البرد بدل من اقتناء تجهيزات لا تخضع للمقاييس وذلك حفاظا على حياة افرادها .
ونفى من جهته رئيس مصلحة حماية المستهلك وقمع الغش بمديرية التجارة بالجزائر العاصمة عبد الوهاب حركاس نفيا قاطعا أن يكون غاز أحادي أكسيد الكربون المتسرب داخل المنازل والمتسبب في الاختناقات المميتة سببه تجهيزات التدفئة وتسخين الماء المتداولة في السوق الوطنية مؤكدا بأن “وزارة التجارة تحرص حرصا شديدا على مراقبة جميع هذه التجهيزات سواء كانت منتجة محليا أو مستوردة”.
وأوضح ذات المسؤول أن المصالح المختصة تقوم “بمراقبة دقيقة” للتجهيزات المستوردة عبر الحدود سيما الجانب التقني منها والذي قد يتسبب في مشاكل للمواطن مؤكدا” بأنه سبق وأن “حجزت مصالح الجمارك تجهيزات كانت لا تخضع في صناعتها للمقاييس العالمية” كما يتم خضوع كل المنتوجات المحلية إلى المراقبة بمخبر قسنطينة “.
وكشف حركاس بالمناسبة عن فتح مخبر آخر جديد بسحاولة (العاصمة) سيساهم في تعزيز هذه المراقبة لجميع التجهيزات على المستوى الوطني.
وقد عززت الوزارة -حسب ذات المسؤول-هذه المراقبة منذ تسجيل أول حالات وفاة ناجمة عن تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون تسعى جاهدة إلى مرافقة جميع نشاطات المديرية العامة للحماية المدنية.
ودعا من جانب آخر المواطن إلى الاستعانة بتقني لتركيب وصيانة تجهيزات التدفئة وتسخين الماء وكذا مراقبتها من حين لآخر من طرف أعوان وتقنيي الشركة الوطنية للكهرباء والغاز.