قرر رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, لدى تعيينه يوم الأربعاء للجنة الخبراء المكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور, تمرير مشروع تعديل الدستور عبر استفتاء شعبي, بعد مصادقة البرلمان على نصه.
و من خلال هذه الخطوة, يكون رئيس الجمهورية قد اتخذ قرارا يجسد على أرض الواقع أحد أهم وعود برنامجه الانتخابي الذي يشكل أيضا أحد المطالب الشعبية من خلال المسيرات السلمية العديدة, طوال الاشهر الماضية.
وفي هذا الخصوص, أشار بيان لرئاسة الجمهورية صدر بعد تعيين لجنة الخبراء إلى أن مشروع التعديل الدستوري “سيكون بعد تسليمه محل مشاورات واسعة لدى الفاعلين في الحياة السياسية والمجتمع المدني قبل إحالته, وفقا للإجراءات الدستورية سارية المفعول, إلى البرلمان للمصادقة”, و بعد ذلك “سيطرح النص الذي يصادق عليه البرلمان لاستفتاء شعبي”.
كما أكد الرئيس تبون في رسالة تكليف للأستاذ الجامعي و عضو لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة, أحمد لعرابة الذي أوكلت إليه رئاسة لجنة الخبراء, أن نتائج أشغال هذه اللجنة ستعرض عليه, مجسدة في “تقرير ومشروع قانون دستوري, وذلك خلال فترة لا تتعدى الشهرين, مرفقة قدر الإمكان بمشروع أو مشاريع النصوص اللازمة لتطبيقها”.
و ذكر في هذا السياق بأن تعديل الدستور يأتي على “رأس أولويات عهدته في رئاسة الجمهورية”, كما يشكل “حجر الزاوية” في تشييد الجمهورية الجديدة التي تصبو إلى تحقيق مطالب الشعب كما عبرت عنها الحركة الشعبية”, مبرزا أن هذه المراجعة أصبحت “أمرا مستحسنا بل وضروريا”.
كما شدد على أن مراجعة معمقة للدستور هي “السبيل الأوحد الذي من شأنه أن يمكن تجديد أنماط الحوكمة على كافة مستويات المسؤولية, لاسيما على مستوى المؤسسات العليا للجمهورية”, مذكرا بتعهده بوضع دستور جديد “يصون البلاد من كل أشكال الانفراد بالسلطة ويضمن الفصل بين السلطات وتوازنها ويدعم أخلقة الحياة العامة ويحفظ حقوق وحريات المواطن”.
وفي ذات السياق, حدد رئيس الجمهورية رسالته سبعة (7) محاور أساسية يرتكز عليها التعديل متمثلة في “حقوق وحريات المواطنين”, “أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد”, “تعزيز فصل السلطات وتوازنها”, “تعزيز سلطة الرقابة البرلمانية”, “تعزيز استقلالية السلطة القضائية”, “تعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون”, الى جانب محور يتعلق ب”التكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات”.
و كان الرئيس تبون خلال حملته الانتخابية قد تعهد بفتح “حوار وطني واسع” حول مشروع تعديل الدستور, مؤكدا أن الوثيقة التي سيطرحها “ستحافظ على الثوابت وعناصر الهوية الوطنية بما في ذلك الامازيغية التي فصل فيها الدستور الحالي”.
و أوضح أن مراجعة الدستور تهدف إلى “تقنين ما جاء به الحراك الشعبي وتفادي الحكم الفردي وتجاوز الاقتصاد القائم على اقصاء طرف على حساب طرف أخر”.
و جدد رئيس الجمهورية التزامه بتعديل الدستور خلال ادائه اليمين الدستورية, الذي يعد –مثلما قال– “حجر الأساس لبناء جمهورية الجديدة بما يحقق مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك”, مبرزا أن الدستور الجديد “سيحدد العهدة الرئاسية بواحدة قابلة للتجديد مرة واحدة و سيقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية و يحمي البلد من الحكم الفردي و يضمن الفصل بين السلطات و يخلق التوازن بينها و سيشدد مكافحة الفساد و يحمي حرية التظاهر”.
وخلال مجلس الوزراء المنعقد يوم الاحد الماضي, عاد الرئيس تبون الى موضوع الدستور, حيث أكد أن بناء الجمهورية الجديدة يستلزم إعادة النظر في منظومة الحكم من خلال إجراء تعديل “عميق” على القانون الأسمى للبلاد, مشددا, في ذات السياق, على أهمية “أخلقة الحياة السياسية عبر تكريس الفصل بين المال والسياسة ومحاربة الرداءة في التسيير”.