التزم السيد عبد المجيد تبون الذي انتخب يوم الخميس رئيسا جديدا للبلاد، أمام الجزائريين بإجراء “مراجعة واسعة” للدستور ستفضي إلى إنشاء “جمهورية جديدة”.
و قال السيد تبون خلال ندوة صحفية نشطها بالجزائر العاصمة عقب الإعلان عن النتائج الأولية للرئاسيات إن “التزامه الأول مع الحراك ومع جميع الجزائريات والجزائريين يتمثل في التوجه بسرعة نحو إنشاء الجمهورية الجزائرية الجديدة من خلال إجراء مراجعة واسعة للدستور” موضحا أن هذا الدستور سيمر عبر استفتاء شعبي و”سيقلص صلاحيات رئيس الجمهورية”.
وأضاف قائلا “سنعرض مسودة هذا الدستور على مشاورات بمشاركة الأسرة الجامعية والمثقفين وجميع أطراف المجتمع قبل اقتراحها على الجالية الجزائرية بالخارج بغرض الاثراء وعرضها بعد ذلك على استفتاء شعبي”، مؤكدا أن “الاستفتاء من شأنه إضفاء كل الشرعية اللازمة على الدستور”.
وأكد في هذا الصدد أنه بعد المصادقة على الدستور الجديد “ستدخل الجزائر فعليا في جمهورية جديدة”.
ومن بين أهم الاصلاحات التي التزم بتجسيدها لسد ثغرات الدستور الحالي وتجنيب البلاد جميع المخاطر المنجرة عنها اكتفى الرئيس المنتخب بذكر “تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وإرساء توازن بين مختلف المؤسسات” .
وفي برنامجه الانتخابي تحت عنوان “54 التزاما من أجل جمهورية جديدة” التزم السيد تبون بمراجعة واسعة للدستور تكرس الديمقراطية من خلال فصل حقيقي بين السلطات وتعزز الصلاحيات الرقابية للبرلمان وتضمن العمل المتناغم للمؤسسات.
كما تهدف مراجعة الدستور إلى “ضمان حماية حقوق وحريات المواطن وتجنيب البلاد أي انحراف استبدادي وذلك من خلال إنشاء سلطة مضادة فعالة وتكريس حرمة وإلزامية تحديد فترة ولاية الرئيس لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة وتحديد مجال الحصانة البرلمانية واقتصارها على الأفعال الواردة في سياق النشاط البرلماني”.
وكان موضوع مراجعة الدستور حاضرا في جميع تنقلاته عبر الولايات في إطار حملته الانتخابية بحيث قال خلال أحد تجمعاته الشعبية “في حال انتخابي رئيسا للبلاد ألتزم بمراجعة الدستور بهدف الفصل بين السلطات وتقوية المؤسسات”.
كما قال السيد تبون خلال الحملة الانتخابية “أعدكم في حال ما اذا انتخبت رئيسا للبلاد بفتح حوار وطني واسع لتعديل الدستور” مشيرا الى أن الوثيقة التي سيطرحها “ستحافظ على الثوابت وعناصر الهوية الوطنية بما في ذلك الأمازيغية التي فصل فيها الدستور الحالي”.
وخلال ترشحه لهذه الانتخابات، صرح السيد تبون “في حالة انتخابي رئيسا للجمهورية سأشرع في مراجعة الدستور من أجل تقنين مطالب الحراك الشعبي و تفادي الحكم الفردي و تجاوز الاقتصاد الذي يرتكز على تهميش جهة على حساب جهة أخرى”.
وخلال مناظرة تلفزيونية نظمت يوم 6 ديسمبر الماضي بين المترشحين الخمس، التزم السيد تبون بتعديل المادة 51 من الدستور الحالي الذي يستثني مزدوجي الجنسية من تقلد المسؤوليات السامية للدولة و الوظائف العمومية.
في هذا السياق، أكد السيد تبون يقول “ألتزم بتعديل هذه المادة حسب أهمية مسؤوليات الدولة و طابعها الاستراتيجي حيث لن يكون هناك أي تمييز بين المواطنين الجزائريين المقيمين في الجزائر أو خارجها”.
وحسب المادة 51 من الدستور الجزائري “يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام و الوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون و أن التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة و الوظائف السياسية”.
ويعود آخر تعديل للدستور الجزائري الى شهر فبراير 2016 حيث أدرج هذا التعديل عدة اصلاحات منها الارتقاء بالأمازيغية التي رسمت لغة وطنية في سنة 2002 الى مصف لغة رسمية”.
كما تضمن الدستور إلزامية تحديد فترة ولاية الرئيس لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة و هو اجراء ” تم استثنائه من كل مراجعة دستورية”.
وتضمنت هذه المراجعة تأسيس سلطة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات بهدف تعزيز مصداقية الانتخابات و السهر على شفافيتها و نزاهتها.
وحسب تعديل أدخل في سنة 2016 فان رئيس الجمهورية مدعو الى استشارة الأغلبية البرلمانية من أجل تعيين الوزير الأول.
ويتم تكليف الوزير الأول، طبقا لهذه المراجعة، بعرض مخطط عمل على الحكومة قصد المصادقة عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني.
ومن بين المحاور الأخرى التي ارتكزت عليها مراجعة الدستور سنة 2016 ترقية و حماية الحريات الفردية و الجماعية و استقلالية العدالة.
وينص الدستور في هذا الشأن على أن حرية الصحافة المكتوبة و السمعية-البصرية و الشبكات الاعلامية ” مضمونة” على غرار حرية التظاهر سلميا.
وفي مجال القضاء، يؤكد الدستور على الطابع ” الاستثنائي” لإجراء الحبس المؤقت و تعزيز استقلالية العدالة من خلال أحكام مثل عدم قابلية قاضي الحكم للعزل و تدعيم استقلالية المجلس الأعلى للقضاء.