عقدت الحكومة يوم الأربعاء, اجتماعا برئاسة الوزير الأول, نور الدين بدوي, درست وناقشت خلاله مشروعا تمهيديا لقانون ومشروعي مرسومين رئاسي وتنفيذي, كما استمعت وناقشت ثلاثة عروض تتعلق بقطاعات العدل والداخلية والسكن, حسب ما أفاد به بيان لمصالح الوزير الأول.
استهلت الحكومة اجتماعها بالدراسة والمصادقة على مشروع تمهيدي لقانون يعدل ويتمم القانون رقم 04-19 والمتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل, قدمه وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي.
يهدف هذا التعديل إلى تكييف التشريع المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل مع التطورات المسجلة على مستوى سوق العمل بهدف إضفاء مرونة على اجراءات الوساطة, وتحسين نوعية وفعالية المرفق العمومي للتشغيل, على رأسه الوكالة الوطنية للتشغيل (ANEM) وذلك تطبيقا للتعليمات التي اسداها الوزير الأول بهذا الخصوص, حيث تقرر تقليص آجال معالجة عروض التشغيل من21 يوما إلى خمسة 05 أيام كحد أقصى.
في تعقيبه على هذا العرض, نوه الوزير الأول بهذا التعديل الذي من شأنه أن يقلص بشكل كبير من آجال معالجة عروض وطلبات العمل, بما يتماشى والحركية الاقتصادية التي تسعى الحكومة إلى تجسيدها والتطور الذي شهدته آليات الوساطة في مجال التشغيل لاسيما عقب تعميم استعمال الرقمنة من خلال تطبيق “الوسيط”.
وبالعودة إلى واقع قطاع التشغيل في البلاد بصفة عامة, أشار الوزير الأول بأن الحكومة “عازمة كل العزم على التكفل بوضعية فئة هامة من شبابنا من حاملي الشهادات, المعنيين بعقود ما قبل التشغيل (pré-emploi), الذين اكتسبوا خبرة مهنية وكفاءات عالية وساهموا في ضمان تأطير المرافق العمومية وعصرنتها, لكنهم يتواجدون في ظل ظروف مهنية لا تتماشى وهذه المؤهلات, وذلك لمدة وصلت إلى عشرة (10) سنوات للبعض منهم, وخمسة عشر (15) سنة بالنسبة للبعض الاخر”.
ووعيا بحجم هذا “الانشغال الملح” لهذه “الفئة الهامة”, فقد ذكر الوزير الأول بأنه قد اسدى منذ فترة تعليمات قصد النظر في إمكانيات التكفل بانشغالات هذه الفئة في إطار “مقاربة شاملة ومنسجمة” بين الوظيف العمومي والقطاع الاقتصادي.
وبناء على النتائج الأولية المتوصل إليها عقب تشريح هذه الوضعية والأفاق الواعدة للاستجابة لهذا الانشغال, قرر الوزير الأول ما يأتي:
-تسوية وضعية هذه الفئة بصفة نهائية, على أن يتم ذلك تدريجيا وفق جدول زمني محدد ومتعدد السنوات, تتولى لجنة وزارية مشتركة يرأسها وزير العمل, تحديد الكيفيات العملية لتجسيد ذلك وتمكين هذه الفئة من كامل حقوقها, وفقا لمخطط عمل يتم دراسته وضبطه خلال مجلس وزاري مشترك, على أن تتم المصادقة عليه خلال اجتماع الحكومة في غضون 15 يوما.
-يجب أن تتم عملية التسوية هذه في إطار مقاربة تتعاضد فيها جهود كل القطاعات والجماعات المحلية, تستند أساسا إلى تعزيز الجسور بين الإدارة العمومية والمؤسسة الاقتصادية.
-إعادة الاعتبار لجهاز المساعدة على الادماج المهني كآلية لدعم القطاع الاقتصادي بالدرجة الأولى.
كما درست الحكومة وصادقت على مشروع مرسوم رئاسي يتضمن إنشاء وكالة وطنية لتطوير الرقمنة, وتنظيمها وسيرها, قدمته وزيرة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة.
جاء هذا المشروع “لتجسيد النظرة الجديدة للحكومة في مجال الرقمنة والدفع بالحركية الاقتصادية في مجالات الابتكار, وكذا توحيد الرؤى ووضع استراتيجية موحدة وشاملة في مجال الرقمنة واستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال, عبر إنشاء وكالة وطنية لتطوير الرقمنة تتكفل بإعداد هذه الاستراتيجية, ومتابعتها وتنفيذها”, وذلك بمشاركة كل الدوائر الوزارية والهيئات والقطاع الاقتصادي و المجتمع المدني, مع تزويدها بمجلس علمي وتقني, توضع على رأسه شخصية علمية عالية الكفاءة في هذا المجال, وبتشكيلة تضم صفوة النخبة الوطنية من الأساتذة والباحثين الجامعيين ومسؤولي الحاضنات (Incubateurs) ومسرعات المؤسسات (accélérateurs d’entreprises) والجمعيات والمتعاملين الاقتصاديين والمؤسسات الشبانية الناشئة (Start-up).
كما يأتي إنشاء هذه الوكالة الوطنية لتطوير الرقمنة لتعزيز ما تم اتخاذه من تحفيزات وتسهيلات لفائدة هذه الفئة من المؤسسات الناشئة, لاسيما في مشروع قانون المالية لسنة 2020, وكذا لمقترحات اللقاء الوطني الذي نظم شهر سبتمبر الفارط لفائدة المؤسسات الشبانية الناشئة.
في تعقيبه على هذا العرض, ثمن الوزير الأول إنشاء هذه الوكالة, التي تأتي تتويجا للجهود المبذولة وتعتبر “مكسبا كبيرا” للجزائر قصد تجسيد حركية تهدف إلى تأهيل بلادنا في مجال استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال في كل القطاعات والهيئات بنفس المستوى ووفقا لنفس الوتيرة, بما يمكن من تجسيد هذه الثقافة التي أصبحت “ضرورة ملحة”, ومصدرا لخلق الثروة ومناصب الشغل بتطوير الاقتصاد الرقمي, و”معيارا هاما” لتقييم درجة تقدم الدول.
كما أشار الوزير الأول إلى أن “تجربة بلادنا ابانت عن الإرادة القوية للدولة في تعميم استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال, ما يؤكده التقدم الواعد الذي أحرزته بعض القطاعات, وما كان لذلك من أثر إيجابي على تحسين الخدمة المقدمة للمواطن, وكذا الاهتمام الخاص الذي توليه الحكومة للمبادرات المبتكرة في هذا المجال”.
وقصد مرافقة إنشاء هذا الجهاز الحكومي الجديد, قرر الوزير الأول عقد جلسات وطنية عالية المستوى تحت إشرافه, تخصص لتقييم مدى رقمنة المؤسسات والإدارات العمومية, وإعطاء دفع قوي للانطلاق في وضع الاستراتيجية الوطنية في مجال الرقمنة, مع تكليف وزيرة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة بالتحضير لعقد هذه الجلسات الوطنية الهامة, التي ستعقد قبل نهاية الشهر الحالي, بمشاركة واسعة لكل الفاعلين من قطاعات وهيئات ومؤسسات.
كما درست الحكومة وصادقت على مشروع مرسوم تنفيذي يحدد مهام الوكالة الوطنية للطيران المدني وتنظيمها وسيرها قدمه وزير الأشغال العمومية والنقل.
يهدف مشروع هذا النص إلى تحديد مهام الوكالة الوطنية للطيران المدني وتنظيمها وسيرها, المنشأة قانونا, حيث تتدخل “بصفة أساسية” في مجالات الضبط لنشاطات الطيران المدني ومراقبته والاشراف عليه.
في تعقيبه على هذا العرض, ثمن الوزير الأول الجهود المبذولة في سبيل تجسيد الاطار القانوني الخاص بهذه الوكالة, كما أشاد بالدور الهام المنوط بها, خصوصا وأنها تعتبر أداة الدولة في متابعة وتنفيذ سياستها في مجال الطيران المدني, وكذا في إعداد البرامج الوطنية للأمن والسلامة وتسهيلات الطيران المدني وضمان تطبيقها, كما ستمكن من القيام بإنجاز التحاليل الاستشرافية والدراسات الاستراتيجية حول تطور الطيران المدني, والتكيف مع المعايير والقواعد المعمول بها دوليا في هذا المجال, لاسيما توصيات المنظمة الدولية للطيران المدني والتي تدعو إلى إنشاء جهاز مستقل يسهر على احترام معايير الأمن والسلامة وتسهيلات الطيران المدني.
من جهة أخرى, وافقت الحكومة على مشروع صفقة بالتراضي البسيط تتضمن دراسة ومتابعة مشروع تهيئة وترميم المتحف العمومي الوطني “سجن سركاجي”.
يهدف مشروع هذه الصفقة إلى انجاز دراسة ومتابعة أشغال تهيئة وترميم سجن سركاجي قصد تحويله إلى متحف وطني عمومي, وستجسد هذه الدراسة, بمساهمة تقنيي مكتب الدراسات العمومي للأبحاث والأعمال الهندسية العامة, ومؤرخين وأكاديميين وشهود ممن عايش هذه الحقبة الاستعمارية.
يأتي هذا العرض كتتمة للعرض الذي قدم خلال اجتماع الحكومة يوم 10 جويلية 2019, وللتعليمات الموجهة قصد تنصيب لجنة وزارية مشتركة تضم ممثلي قطاعات الثقافة والمجاهدين والسكن, لمساعدة قطاع العدالة في كل مراحل ترميم الموقع, فبعد أن تم مناقشة مشروع الصفقة والقيام باقتراحات لإثراء مضمونها خلال الاجتماعين اللذين عقدتهما اللجنة الوزارية المشتركة المخصصة لهذا الغرض تم الاتفاق على أن مشروع الصفقة يستوفي للشروط واقترحت عرضه خلال اجتماع الحكومة.
في تعقيبه على ذلك, أكد الوزير الأول على أهمية هذا المشروع “الذي سيساهم في الحفاظ على الذاكرة الجماعية للأمة, وهو تتويج للقرار الذي اتخذته السلطات العمومية بتحويل سجن سركاجي إلى متحف عمومي وطني, بموجب المرسوم التنفيذي رقم 18-102 المؤرخ في 29 مارس 2018, والذي سيكون شاهدا على الممارسات اللاإنسانية للاستعمار في بلادنا, ويعكس كفاح وتضحيات الشعب الجزائري من أجل استرداد حريته”.
كما استمعت الحكومة إلى عرض وزير الداخلية بخصوص تنفيذ قرار الحكومة الرامي إلى القضاء بصفة نهائية على كل البنايات التي تحتوي على مادة الأميونت, حيث تم تقديم نتائج فوج عمل مختص الذي اقترح وضع آلية للتكفل بهذا الملف ومعالجته بإشراك الباحثين ومكاتب الدراسات المختصة.
في تدخله ثمن الوزير الأول المقترحات المقدمة للتكفل بهذا الملف بالنظر للمخاطر الناجمة عنه, وطلب من وزير الداخلية مواصلة الإشراف على أشغال فوج العمل هذا وتوسيعه ليشمل قطاعات الطاقة والبحث العلمي, مؤكدا ما يلي:
-وضع استراتيجية وطنية بآليات تنفيذ “واضحة”, يشرك في صياغتها الباحثون والمختصون في هذا المجال مع الاستفادة من خبرة كل القطاعات لاسيما خبرة وزارة الدفاع الوطني وقطاع الطاقة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
-تشجيع انشاء مكاتب دراسات في مجال الكشف عن الأميونت, مع إمكانية ابرام اتفاقيات مع المعاهد الوطنية المختصة والمؤسسات الجامعية في مجال انجاز الدراسات والخبرة.
-الرفع من قدراتنا الوطنية في نزع مادة الأميونت ومعالجتها, لاسيما من خلال تشجيع إنشاء مؤسسات مختصة في هذا المجال وحث المؤسسات العمومية الكبرى لخلق فروع لها.
-إصدار النصوص التطبيقية المؤطرة لمجال نشاط مكاتب الدراسات, المخابر والمؤسسات المتخصصة في عمليات الكشف ونزع الأميونت ومعالجته.
في سياق متصل, استمعت الحكومة إلى عرض قدمه وزير السكن حول المقاربة العملية الرامية إلى تنفيذ قرار الحكومة المتعلق بتمكين كل المواطنين من الحصول على عقود ملكية بناياتهم الخاصة أو سكناتهم المنجزة في إطار البرامج العمومية للسكن في غضون الستة (06) أشهر القادمة.
في هذا الشأن تم عرض مخرجات الاجتماع الذي ترأسه وزير السكن بحضور كل القطاعات المعنية ومسؤولي المرقين العقاريين العموميين من وكالة عدل (AADL) والمؤسسة الوطنية للترقية العقارية (ENPI) ودواوين الترقية العقارية (OPGI) لرسم خطة العمل التي سيتم اتباعها لبلوغ الأهداف التي وضعتها الحكومة.
وبهذا الشأن, وافقت الحكومة على خطة العمل المقترحة, حيث أمر الوزير الأول بالشروع في تجسيدها وفقا لآجال محددة مسبقا يتم فيها احترام أجل 6 أشهر المعلن عنه, مؤكدا على رفع كل العراقيل الإجرائية لبلوغ ذلك, والذي لن يكون إلا بمضاعفة جهود جميع المتدخلين خاصة على المستوى المحلي, باعتبار هذه العملية أولوية للحكومة. ولبلوغ ذلك تقرر ما يلي:
-إصدار تعليمة من طرف الوزير الأول لتأطير هذه العملية لاسيما التنصيب الرسمي للآلية الحكومية برئاسة وزير الداخلية للإشراف عليها وعلى المتابعة “الصارمة” لمدى تقدمها ورفع كل القيود التي تعترضها, وكذا تنصيب كل اللجان المحلية التي تشكل امتدادها, مع التأكيد على عرض مدى تقدمها المرحلي خلال كل اجتماع حكومة.
-تم تحديد أجل 20 يوم للجان المحلية من أجل استكمال إحصاء كل الحالات المعنية بتسليم عقود الملكية, لاسيما البنايات الفردية.
-الشروع الفوري في تسليم عقود الملكية للمستفيدين من السكنات المنجزة من طرف المرقين العموميين والتي هي حبيسة الإجراءات الإدارية فقط.
-موافقة الحكومة على تسوية ملفات السكنات المنجزة على الأراضي غير المقتطعة مع تكليف وزير الفلاحة بإعداد الملف المتعلق بها ومباشرة عمليات التسوية على أن يتم عرضه على مجلس الوزراء المقبل للمصادقة عليه.
-تكليف وزير المالية بتكييف الأسعار المطبقة على عمليات التنازل عن الأراضي التابعة لأملاك الدولة التي انجرت عليها برامج السكن العمومي, بشكل يتوافق وطبيعة السكنات المنجزة, والتسعيرات المطبقة أثناء فترة إنجازها.