أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، باستحداث هيئة جديدة تعنى بمتابعة فرض الرقمنة في المرفق العمومي وتعميم استخداماتها، تتمثل في “المحافظة السامية للرقمنة”، وسيجري تنصيبها الأسبوع المقبل، وستوضع تحت الوصاية المباشرة للرئيس، نظرا للأهمية التي يوليها لهذا الملف في إرساء الشفافية في تسيير المال العام ومواصلة تطوير الاقتصاد.
تحولت الرقمنة إلى ملف استراتيجي يمسك به رئيس الدولة، شخصيا، ويتابعه بدقة واهتمام شديد، فناهيك عن استحداث وزارة قائمة بذاتها “الرقمنة والإحصائيات”، أفادت مصادر رسمية لـ”الخبر”، بأن الرئيس تبون وجه تعليمات باستحداث “المحافظة السامية للرقمنة”، تنصب الأسبوع المقبل، تكون إطارا للاقتراح والتحليل والاستشراف لتنفيذ سياسات الرقمنة ومتابعتها في كل القطاعات والمجالات من دون استثناء.
وستلحق المحافظة السامية للرقمنة بقائمة الهيئات الاستشارية الموضوعة لدى رئيس الجمهورية، والتي تساعده في اتخاذ القرارات من حيث التفكير والتخطيط والتنفيذ، لأجل بلوغ هدف “تحقيق تحول رقمي لتحسين الاتصال”، الذي يحمل رقم 25 في قائمة التزاماته الـ54، المرتكز على “تعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال، خاصة في إدارات المرفق العمومي وتحسين حوكمة القطاع الاقتصادي”.
ويريد الرئيس تبون، من خلال استحداث “المحافظة السامية للرقمنة” وتنصيبها الأسبوع المقبل، وساعات بعد التعديل الحكومي، تأكيد حرصه والتزامه أمام الجزائريين، باستمرار أخلقة الحياة العامة التي لا تكون سوى بالشفافية في التسيير، والقضاء على البيروقراطية، حيث أن السلاح الوحيد للمواجهة هو الرقمنة.
ويندرج تنصيب “المحافظة السامية للرقمنة”، بعد أيام من مقال تحدثت فيه وكالة الأنباء الرسمية عن رؤية رئيس الجمهورية للرقمنة، التي تعد برنامجا قائما بذاته وليست شعارا ظرفيا، ذلك أنها كغيرها من ملفات ذات أبعاد استراتيجية في برنامج الرئيس، تعتبر (الرقمنة) سياسة دولة، وضعها لخدمة المواطن، وضمان أريحيته، ودفعا بالاقتصاد الوطني نحو مزيد من التطور والصلابة.
وأكدت الوكالة أن الحرص الذي يبديه رئيس الجمهورية عند الحديث عن الرقمنة في كل سانحة إعلامية يتوجه فيها مخاطبا الجزائريات والجزائريين، نابع من إدراكه العميق لأهمية هذا الملف الحيوي في مرافقة جهود الدولة لترقية وإنعاش كل القطاعات، لاسيما منها الاستراتيجية ضمن الطريق الصحيح الذي تسير فيه الجزائر الجديدة، والتي لن تضيع معالمها مهما حصل من عراقيل.
ويعطي الرئيس تبون، في كل مرة، تضيف الوكالة، أكثر من دليل على أن الرقمنة تتجاوز مفهومها التقليدي (تحويل معلومات إلى مواد رقمية) إلى كونها أداة استراتيجية توظفها الدولة وتعتمد عليها في سياسات التطوير في مشهد سياسي واقتصادي سمته الأساسية الديناميكية والدقة في التنفيذ.
والبيروقراطية عدوها الرقمنة، وهذه الأخيرة هي الخلاص للقضاء على ذهنيات التسويف والأرقام التقريبية التي تعود على تكريسها بعض المسؤولين والمسيرين، إما لنقص الكفاءة التي تحولت في كثير من الحالات إلى عائق حقيقي في وجه التنمية أو مقاومة لمشروع كبير عنوانه الشفافية، مثلما تشير إليه وكالة الأنباء.
والمدقق في خطابات رئيس الجمهورية للرأي العام أو توجيهاته في اجتماعات مجلس الوزراء، سيكتشف أن “الرقمنة التي وضعها في قلب معركة تحرير الإدارة والمواطن من البيروقراطية إنما هي رافد من روافد الجزائر الجديدة التي أسس لها السيد الرئيس في التزاماته الـ54 ويعمل بلا هوادة على ترسيخها لتتحول من برنامج إلى ثقافة مجتمع”.
“والرقمنة التي يراها السيد الرئيس هي برنامج قائم بذاته، ركيزة من ركائز أخلقة السياسة والحياة العامة وتعزيز الحكم الراشد. فالحديث عن التقنين والرقابة لا يكون مفيدا إذا لم يكن التحول الرقمي قاعدتهما الأساسية، ولا تتقوى الحرب ضد الفساد والمحسوبية والمحاباة إذا فقد عنها سلاح الرقمنة.
كما لا تصبح، يؤكد مقال وكالة الأنباء الجزائرية، عمليات إرساء آليات النزاهة والجدية والدقة والموضوعية والشفافية في إدارة الشأن العام والمال العام بقاعدة صلبة إذا غابت عنها الرقمنة بمفهومها الشامل والكامل، ذلك أن نجاعة القرار، مثلما تقويها الأخلاق السوية، فإن للرقمنة النصيب الأكبر فيها لتحقيق كل الأهداف المنشودة”.