….حتى لاح لي ميناء وهران من بعيد وأبنيتها المتناثرة هنا وهناك بفعل إنتشار الضباب في هذه الساعات المبكرة من الصباح ذهبت إلى غرفتي لأجمع أغراضي لاستعد للوصول للبلاد ثم صعدت لمقهى الباخرة لأحتسي كأس قهوة سوداء لأقاوم النوم والتعب وأدخن السيجارة لتشعرني ببعض الدفئ في هذا الوقت من الصباح وبينما أنا اشعل السيجارة فإذا برجل أمن يرتدي الزي الرسمي يتوجه نحوي بسرعة ويضع يده على مسدسه تحفزت حواسي كلها واستيقظت حاسة الذئب عندي فوضعت يدي على مسدسي المخبئ بعناية خلف الحزام و أنا أستعد لكل الاحتمالات وبلا سابق انذار أزال يده عن مسدسه ومد يده نحوي بسلام وهو يقول السي احمد مرحبا بك في بلادك الجزائر لقد قمت بالعملية على احسن ما يرام وانا كنت أراقبك لتقييم عملك والوقوف على كفاءتك…
نظرت اليه باستغراب وانا بدوري ازيل يدي عن مسدسي وامد يدي له لإتمام التحية وقلت له بصوت حذر يا للعجب لم اشعر بوجودك مطلقا اطلق ضحكة عالية وهو يقول هذا هو عمل المحترفين يا سيد العمل باتقان والسرية التامة نظرت اليه وانا اتفحص ملامحه جيدا واقول له ارجو ان اكون قد اديت مهمتي على احسن ما يرام وان لااكون اخطات في شيئ ما اجابني وهو يقول بحذر لحد ساعة قمت بعمل ممتاز والباق عليك ان تقوم بتوزيع هذه البضاعة في الجزائر وفي بلدان الجوار نظرت اليه باستغراب وانا اقول اما ان اوزعها في الجزائر فهذه مقدور عليها اما بلدان الجوار فالأمر صعب علي ولأول مرة نظر الي نظرة ذات مغزى وقال اغرق سوق الجزائر بهذه البضاعة اولا واجعلها بيد الاطفال قبل الراشدين وبعدها سنريك كيف توزعها في دول شمال افريقيا…
نظرت اليه وانا اقول مستغربا جعل هذه المخدرات في يد الشباب والراشدين مقدور عليه اما الاطفال فهم مازالو صغار السن عن مثل هذه الأمور غضب فجأة وبدا وجهه كشيطان خرج من جهنم وهو يقول لن تفرق هذه الاقراص على الاطفال فقط بل حتى النساء والتلاميذ والطلبة بل الشيوخ ايضا ان استطعت اريد ان تغرق الجزائر في مستنقع المخدرات أريد أن لا يظل مواطن في الجزائر في كامل وعيه وإدراكه اريدهم ان ينسوا قبلة مكة وان يتذكروا قبلة واحدة هي قبلة السادة الجنرالات مفهوم هذا الأمر… هنا قلت مع نفسي يا أبناء العاهرات وصل بكم الاستبداد والظلم الى حد ان تجعلو من الطفل البريء مدمن على مخدراتكم واقراصكم المهلوسة بل وحتى الشباب الفتي تريدون جعله عاجز عن التفكير والادراك تريدون منه ان يظل مخدرا طوال الوقت لايفقه شيئا مما يدور حوله أما الشيوخ أصحاب اللسان الواعظ تريدون طمس بطولاتهم وتاريخهم بالمخدرات يا ابناء العهر والفسق تقتلون مستقبل في الطفولة وتحرقون حاضرها في الشباب الفتي وتردمون تاريخها في شيوخها الشرفاء يالها من خطة جهنمية يعجز حتى ابليس عن صنعها…
اجبته بخضوع مفهوم يا سيدي هذا اصلا هو عملي والمدارس والجامعات سهل اختراقها بل حتى لو اردتني ان ابيعها في المساجد فلا مانع لدي اجابني بخبث المساجد لها مخدرات اخرى ومسالك اخرى حين ياتي دورها سنعلمك بالأوامر بدات استغرب من كمية الشر هذه التي رميت نفسي وسطها حتى اني فكرت في الانسحاب فانا شيكور جزائري اصيل يمكن ان اسرق الاثرياء ان ابيع المخدرات للبالغين والبالغات وهذا كله لفقري ولمعاناتي اما ان اتآمر وابيع شعبا بأكمله فهذا الامر صعب علي فعله الا انني كنت قد وصلت الى طريق مسدود لا رجعة فيه فاذا حاولت العودة من حيث أتيت تتلقى رصاصة الغدر في جنح الليل وتنهي طريقك الى الابد داخت بي رأسي فأخذت قرصا من تلك الاقراص وابتلعته…..
وصلت الى وهران بسلام ووجدت رجالي بانتظاري في مرفأ الميناء طلبت من مساعدي ان يقوم بالاجراءات الرسمية لا فراغ الشحنة على متن الشاحنات وايصالها الى مخازننا المعدة سلفا لمثل هذه الامور واتجهت فورا بالسيارة الى المنزل وانا مشوش الذهن على سلامة والدي وزوجتي وجنينها ….صعدت المنزل واطمأنت على سلامة والداي واذكر ان والدي قال لي حينها يا ابني ان تعمل مع الدولة هو شرف يحلم به العديد من الشباب في امثال سنك فلا تفرط في عملك وكن مطيعا لرؤسائك في العمل واترك عنك التهور والعصبية الله يرضي عليك يا ولدي…واضافت امي معلقة على كلام والدي نعم يا ابني واياك ان تفرط في منصبك هذا فالكل بعدما كانوا يحتقروننا ويهينوننا اصبحوا يحترموننا ويبجلوننا يا ولدي فلقد اصبح والدك الان عمي الحاج وامك خالتي الحاجة هذا هو لقبنا الجديد فلا تجعلنا نعود للفقر والحكرة يا ولدي…
قلت لها مطمئننا لا تخافي يا أمي فقد أقسمت على ان لا اعود للفقر والحكرة وان اجعلكم من سادة القوم و شرفائهم “نت يمة تاج راسي”… صعدت إلى غرفة النوم فوجدت حورية و هي تشاهد اخر المسلسلات الكوميدية وما ان رأتني حتى ارتمت على صدري وهي تقول لقد كنت خائفة بشدة عليك فهذه هي المرة الاولى التي تغادر فيها البلاد اجبتها مطمئننا لاتخافي يا حبيبتي وتعودي على مثل هذه الامور فستكون هناك فترات اغادر فيها البلاد على حسب العمل اجابتني وهي خائفة هذه المرة لا تسافر أرجوك فقلبني يخبرني بسوء سيقع ازحتها من على صدري وقلت لها هذا امر عادي حبيبتي فانت الان حامل وهذه من اعراض الحمل…
في الصباح اجتمعت برجالي وكان معهم عناصر جديدة مدني بهم الضباط ليدربوا رجالي على اصول العمل الجديد فقلت لهم بصوت زعيم الذئاب لقد اوصلنا البضاعة بسلام وسنوزع الجزء الاكبر منها هنا في الجزائر والجزء المتبقي سنوزعه في شمال افريقيا سألني احد رجالي مستفسرا سيدي الجزء الذي سنوزعه في البلاد هل سنبيعه للزعماء الذين نتعامل معهم ام لديك زبائن جد اجبته بصرامة ليس هناك زعماء غيري الزعيم الوحيد هنا هو انا سي احمد ونحن من سنوزع هذه المخدرات بمعرفتنا اريد منكم ان تبيعوها في مدارس الاطفال وفي الثانويات والجامعات وحتى المستشفيات والشركات والاسواق اريد ان تصل هذه الاقراص الى اصغر صبي في الجزائر وان تصل الى اكبر شيخ في الجزائر ايضا هل تحبون المال والأورو؟ اجابني الذئاب بصوت واحد “نموتوا على الاورو وباباه”…
اذن اغرقوا الجزائر في بحر المخدرات صحت فيهم وعيني تلمع كذئب قاتل لا يعرف الرحمة وبعدها قمت باجراء الاتصالات الازمة مع السادة القياد لإخبارهم باخر التطورات و الاحداث فوجدت من جانبهم رضى تام على العمل اوهذا القتل البطيء للشعب ووعدوني بمكافأة كبيرة حين اتم توزيع البضاعة في البلدان المجاورة وما علي الان الا انتظار التعليمات التي سيرسلونها لي في القريب العاجل رجعت الى بيتي في السيارة وانا المح سيارة تتعقبني منذ الصباح رغم ان السائق يتغير الا ان السيارة تبقى هي فتصرفت بعفوية وتلقائية ولكني بذاخلي كنت اشتعل فمن يجرؤ في الجزائر كلها على تعقب سيارة الشيكور الاصغر سنا والاكبر شهرة في البلاد تركت التفكير في هذا الموضوع حتى اناقشه مع رجالي ومع السادة…
توجهت إلى المنزل وانا شارد الدهن افكر في هذه الاحداث الاخيرة وتسارع وثيرتها مع حمل حورية المفاجئ ولم الاحظ ظل رجل يختبئ وراء شجرة وفي عينيه الغدر والقتل فما ان وطأت قدمي اول درجة في السلم حتى استل الرجل المختفي سكين حادة وقفز نحوي بخفة الفهد يحاول طعني وانا غارق في افكاري التي تهدد حياتي بالموت…….يتبع