انحراف سلوك المراهق مشكلة اجتماعية لا يخلو منها أيّ منزل في العالم، وتبلغ ذروتها في حوالي سن 14 و15 عاماً؛ مما يشكل قلقاً وإزعاجاً للآباء، وخطراً كبيراً على المراهق ذاته والمجتمع من حوله. وهذا الانحراف كما تخبرنا أرقام الإحصاءات، يرتبط بالذكور أكثر من الإناث، ويتراوح ما بين مخالفات اجتماعية بسيطة، إلى جرائم مخيفة.
ومن زاوية أخرى، نجد أن غالبية الآباء يُرجعون سبب الانحراف إلى مفاجأة التغيّرات الجسدية والاجتماعية والعاطفية التي يعيشها المراهق خلال سنوات المراهقة، بينما جديد الدراسات يؤكّد وجود أسباب أخرى ترقد وراء هذه الانحرافات. للتعرُّف إليها وتوضيحها ووضع سُبل التعامل معها، كان اللقاء واستشارية طب النفس
معنى الانحراف
طفل يتعرّض للإيذاء والتنمر
لا شك أن الانحراف من السُّلوكيات المُكتسبة والتي لا يولد بها الطفل، الأطفال لا يُولدون مُنْحرفين؛ بل يقعون ضحايا للانحراف، ويتم ذلك في ظل انشغال أعضاء الأُسرة خاصَّة الوالدين، وتعَد رفقة السُّوء من أعظم أسبابه.
السلوك المنحرف هو اختراقٌ للتوقُّعات الاجتماعية وانتهاكها، بمعنى الخروج عن المعايير التي يُحدّدها المُجتمع ويرتضيها كسلوك عام، يسعى كلّ مراهق للالتزام به وتجنُّب إهماله أو إغفاله خاصة في حالة المراهقة.
وبمعنى ثانٍ؛ فإن السلوك الانحرافي هو الخروج عن قيم وقواعد المجتمع، وكلّ مجتمع يحدد قواعده، ولكن ما يمكن اعتباره سلوكاً انحرافياً، هو ما يثير استهجان أفراد المجتمع وغضبه ورفضه.
وهو السلوك الذي يكُون خارج التنبؤات المُشتركة والمُمكنة في المحيط الاجتماعيّ، ومن أجله يتعرض المراهق للنبذ وسط الأهل والأقران والمجتمع ككل.
علامات تكشفين بها انحراف المراهق:
مراهق يشعر بالقلق والحيرة
تغيُّر سريع في الانتظام المدرسي.
التدني الملحوظ في المستوى الدراسي.
العزلة والانطواء على النفس.
تغيُّر مستوى الشهية على الأكل وانخفاض الوزن.
النعاس والنوم داخل الفصل.
تغيُّر مفاجئ في الحالة العصبية والنفسية.
تغلُّب المزاج بين السعادة والبكاء.
التأخُّر المتكرر عن موعد الحصة الدراسية.
أسباب السلوك المنحرف للمراهق
مراهق يعاني من اضطرابات المراهقة
البيئة الأُسرية: تعَد أول أسباب الانحراف؛ فهي الأساس في تشكيل وبناء صفات شخصية المراهق؛ لذا نجد أن غالبية المُنحرفين ينتمون لأُسر غير مترابطة.
انحراف أحد الوالدين: هناك ارتباط وثيق بين انحراف المراهق وانحراف أحد الوالدين، وكذلك بسبب حدوث أيّ خطأ في التنشئة الاجتماعية، كالتدليل الزائد أو القسوة المفرطة، أوعدم المساواة بين الأبناء.
الفقر أو الحرمان الاقتصادي: يقود في أحيان كثيرة لحالةٍ من عدم الاستقرار الاجتماعيّ؛ مما يسبب مشاكل اجتماعية تُهدّد الأسرة، وبالتالي يلجأ المراهق لأحد أشكال الانحراف المرفوضة.
ضعف الوازع الدينيّ: فالشّاب الذي ابتعد عن تعاليم دينه وشرعه، سيقع بلا شك في الانحراف بشكلٍ أكبر من الشّاب الذي تمسّك بها.
الفراغ: إذا فرغَ الشاب المراهق ولم يجد ما يفعله أو يشغله ويفرغ فيه طاقته؛ فسيكون وقوعه في الانحراف أسهل ممّن يشغل وقته بما يفيد، دراسةً كانت أو عملاً أو ممارسة رياضة.
فسادُ بيئة الإنسان: إنّ الإنسانَ انعكاسٌ لما في بيئته؛ فمَن نشأ في بيئة تُشجّع الانحراف؛ فإنّه سيكون أكثر احتمالية للوقوع في الانحراف عن غيره.
أصدقاءُ السّوء: تَزيد احتماليّة انحرافِ الشّباب إذا كان أصدقاؤهم كذلك، (إنَّما مثلُ الجليسِ الصَّالحِ والجليسِ السُّوءِ كحاملِ المِسكِ ونافخِ الكير).
اليُتم: عندما يفقدُ الإنسان أمه أو والده الذي كان يرعاه ويُدبّر أموره وأسباب معيشته، سيزوره الهمّ والغمّ؛ ممّا قد يدفعه لكثيرٍ من السلوكيات السيئة، وبالتالي لطريق الانحراف.
كثرة المال: كمن يقوم بتقديم أدوات الجريمة لابنه؛ حيث يقوم الشباب بتبذير المال وإنفاقه بإسراف فيما لا يُفيد، ربما ساعدهم في الوصول إلى أحد أسباب انحرافهم.
الحرية المطلقة: عندما يُمارس الشّباب حُريّتهم بشكلٍ مُطلقٍ وغير مسؤول؛ فهم يظنّون أنّ معنى الحرية هو الخروج والدخول من دون رقيب، وفي لبس وصرف ما يُريدون.
كيف تُبنى الثقة بين الأهل والمراهقين؟ اكتشفي الإجابة داخل التقرير
أسباب أخرى نفسية ومَرضية:
صعوبة التعلُّم من أسباب عصبية وانحراف المراهق
توصلت الأبحاث إلى أن وقوع المراهق في حالة تتكرر من العصبية والعدوانية، هي من أسباب انحرافه أيضاً؛ لذا يحتاج الآباء إلى متابعة أبنائهم المراهقين ومراقبتهم؛ لتفسير أسباب سلوكياتهم السلبية، ومنها:
الحدث الصادم:
وفاة أو مرض أحد أفراد الأسرة أو فراقه بالطلاق، مشاهدة حالة من التحرش الشديد أو الخضوع لها، إضافة إلى الخلافات الأسرية المستمرة، وهو أمرٌ مرهق نفسياً ويؤدي إلى عصبية وعدوانية المراهق.
التعرُّض لإساءة:
الاعتداء الجسدي الذي يتعرض له كعقاب من جانب الآباء لسبب أو خطأ ما، يعَد سبباً آخر لسلوك المراهق العدواني، وخاصة أنه لا يستطيع إخبار أيّ شخص بهذه الإساءة؛ مما يجعله يشعر بالغضب وعدم الكفاءة والخجل.
الاضطرابات النفسية:
يعاني بعض المراهقين من اضطرابات نفسية، مثل: الاضطراب ثنائي القطب، اضطراب الهلع، انفصام في الشخصية، الاكتئاب وهو اضطراب ما بعد الصدمة.
الاضطرابات الطبية:
في العديد من الحالات، تظهر المشكلات الطبية فتسبب الجانب العدواني لدى المراهقين، مثل: تلف الدماغ والصرع والتخلف العقلي ومتلازمة توريت، والتي تُعتبر من أسباب السلوك التخريبي والعدواني بين المراهقين.
اضطرابات التعلم:
المراهقون الذين يعانون من اضطرابات التعلم واضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه، يعانون من العديد من الصعوبات الاجتماعية والعاطفية.
ضغط الأقران:
العادة أن يصاب المراهق بالألم والغضب إذا لم يتم قبوله ليصبح جزءاً من المجموعة؛ مما يؤدي إلى السلوك العدواني من جانبه.
تدني احترام الذات:
بعض المراهقين يعانون من تدني احترام الذات، ويحاولون التستر على هذا بشكل خاص، عندما يكونون بين أقرانهم؛ فيظهر من خلال عدوانيته أو انحراف سلوكياته.
6 حلول للمساعدة
أب يلوم ابنه المراهق ويوجهه للصواب
إشراك جميع أفراد الأسرة في تقديم المشورة للمراهق، بجانب عدة خيارات للتحكم في انحراف الابن أو الابنة المراهقة والسيطرة عليها.
التحدث إلى مدرب مرخص، والمشاورة، والاسترشاد بمعالجين محترفين، مفيدٌ للغاية؛ مما يحفز المراهق ليتحمل المسؤولية عن سلوكه، ويحل مشاكل علاقاته أيضاً.
العلاج يكون بالدواء إذا تم تشخيص حالة المراهق الانحرافية بأنها مشكلة نفسية أو عصبية؛ مما يقلل من حدة الحالة العصبية، سواء أكانت عدوانية أو انحرافية، أو حالة من الاكتئاب.
امتصي هذه الطاقة الزائدة، الموجودة داخل طفلك المراهق. سيدتي، الفراغ الذي يشعر به هو قاتلٌ لشخصيته وأحلامه؛ بل يمثل صدمة؛ فحاولي استنفادها بإقناعه بأن يتعلم مهارات جديدة: لغة أو الاهتمام بلعبة رياضية محببة لديه.
أنقذي ابنك من هذه الورطة الكبيرة؛ فالانحراف السلوكي للمراهق مشكلة لن تقع ويلاتها عليه وحده؛ بل ستمتد آثارها على الأهل وأفراد الأسرة من حوله، والآباء أول الشخصيات المهيأة لهذه المهمة.
العلاج السريع يكون بالحوار والمناقشة أو مساعدة كبار الأسرة، أو الذهاب لمتخصص لوقف أضرار سلوكيات المراهق المنحرفة، وحتى لا يتمادى وتزداد آثاره السلبية على مستقبل المراهق.