يُعتبر يوم الحب مناسبة يحتفل بها الكثيرون حول العالم، ولكنه ليس مجرد يوم للعشاق فقط؛ بل هو فرصة للتأمُّل في تأثير الحب والمشاعر على صحتنا النفسية. فالمشاعر تلعب دوراً حيوياً في تحديد جودة حياتنا النفسية والجسدية، سواء أكانت إيجابية مثل الحب والامتنان، أو سلبية مثل الخوف والقلق. وفي هذا المقال، سنستعرض كيف تؤثر المشاعر المختلفة على صحتنا النفسية، ونناقش أنواع علاقات الحب التي تتجاوز العلاقة بين الشريكين؛ وَفقاً للاختصاصية في علم النفس الاجتماعي والبرمجة اللغوية العصبية في العلاج الإيحائي وفي العلاج بخط الزمن، أزنيف بولاطيان لـ«سيّدتي».
اختصاصية علم النفس أزنيف بولاطيان
تأثير المشاعر على الصحة النفسية
الحب والامتنان: تعزيز السعادة والاستقرار
الحب هو أحد أقوى المشاعر التي تؤثر على الصحة النفسية بشكل إيجابي. عندما نشعر بالحب، يفرز الدماغ هرمونات مثل: الأوكسيتوسين (هرمون الحب)، والدوبامين؛ مما يعزز الشعور بالسعادة والأمان. العلاقات المبنية على الحب والامتنان، تقلل من التوتر والقلق، وتعزز التواصل الاجتماعي، وتَزيد من مشاعر الرضا عن الحياة.
الخوف والقلق: تأثير سلبي على النفس والجسد
على النقيض؛ فإن المشاعر السلبية مثل: الخوف والقلق، تؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر. يؤدي ذلك إلى: اضطرابات النوم، ضعف المناعة، وزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى. من هنا تأتي أهمية تحويل المشاعر السلبية إلى طاقة إيجابية من خلال: التأمُّل، العلاج النفسي، أو الدعم الاجتماعي.
الحزن والفقدان: رحلة التعافي العاطفي
بالنسبة لمن فقدوا شخصاً عزيزاً أو يعيشون حالة من الوحدة في يوم الحب، قد يكون هذا اليوم صعباً عاطفياً. الحزن من المشاعر الطبيعية، لكنه قد يتحول إلى اكتئاب إذا لم يتم التعبير عنه ومعالجته بشكل صحي. من هنا تأتي أهمية الدعم الاجتماعي والانخراط في أنشطة تعزز المشاعر الإيجابية.
من المفيد التعرُّف إلى: هل الروتين اليومي يسبب الاكتئاب؟ اختصاصية علم نفس تُجيب
أنواع علاقات الحب وتأثيرها على الصحة النفسية
حب العائلة هو المصدر الأول للدعم النفسي
الحب الرومانسي بين الشريكين: هذا النوع هو الأكثر ارتباطاً بيوم الحب؛ حيث يعزز الأمان العاطفي، ويدعم الصحة النفسية من خلال الشعور بالتقدير والانتماء. العلاقة الصحية بين الشريكين تقلل من مستويات التوتر، بينما العلاقات السامّة قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية مثل: القلق والاكتئاب.
حب العائلة هو المصدر الأول للدعم النفسي: الحب العائلي هو أحد أقوى أشكال الحب؛ حيث يوفر الدعم العاطفي منذ الطفولة وحتى مراحل الحياة المختلفة. العلاقات الأسرية القوية تساهم في بناء شخصية مستقرة نفسياً، في حين أن الاضطرابات العائلية قد تسبب صدمات نفسية تؤثر على حياة الأفراد بشكل دائم.
الحب بين الأصدقاء وقوة الروابط الاجتماعية: الصداقة الحقيقية تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الصحة النفسية؛ حيث تساعد في تخفيف الضغوط، وتوفر بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر. الأشخاص الذين يمتلكون علاقات صداقة قوية يكونون أكثر قدرة على مواجهة التحديات النفسية.
حب الذات أساس الصحة النفسية: حب الذات لا يعني الأنانية؛ بل هو المفتاح لحياة نفسية متوازنة. عندما يحب الإنسان نفسه، يكون أكثر قدرة على بناء علاقات صحية، وتحديد حدود واضحة، والتعامل مع المشاعر السلبية بطريقة صحية. الاهتمام بالنفس، سواء من خلال العناية بالجسد أو ممارسة التأمل والتطوير الذاتي، يعزز الشعور بالرضا والسعادة الداخلية.
الحب الإنساني هو الشعور بالتعاطف والتواصل مع الآخرين: هذا النوع من الحب يشمل التعاطف مع الآخرين، ومساعدة المحتاجين، والانخراط في الأعمال الخيرية. الأبحاث تشير إلى أن الأشخاص الذين يشاركون في العطاء والعمل التطوعي، يشعرون بسعادة وراحة نفسية أكبر؛ لأنهم يخلقون تأثيراً إيجابياً في حياة الآخرين.
كيف نجعل يوم الحب فرصة لتعزيز الصحة النفسية؟
يوم الحب فرصة لتعزيز الصحة النفسية
التعبير عن الحب والامتنان: إرسال رسالة حب أو شكر لشخص عزيز، يساعد على تعزيز المشاعر الإيجابية.
الاحتفال بالحب بكلّ أشكاله: ليس بالضرورة أن يكون الحب رومانسياً، يمكن الاحتفال مع العائلة، الأصدقاء، أو حتى قضاء وقت مع النفس.
ممارسة العناية بالنفس: مثل التأمّل، الكتابة، أو أيّ نشاط يجلب السعادة.
الابتعاد عن المقارنات: وسائل التواصل الاجتماعي قد تعطي صورة غير واقعية عن الحب؛ لذا من المهم التركيز على الامتنان لما نملكه.
المشاعر وأثرها على الصحة النفسية: خاتمة
المشاعر، سواء أكانت إيجابية أو سلبية، تؤثر بشكل مباشر على صحتنا النفسية. وبينما يُعتبر يوم الحب فرصة للتعبير عن الحب الرومانسي؛ فهو أيضاً مناسبة للتأمّل في جميع أشكال الحب الأخرى التي تعزز صحتنا النفسية. سواء أكان ذلك من خلال الحب العائلي، حب الأصدقاء، حب الذات، أو الحب الإنساني؛ فإن الاحتفاء بهذه المشاعر يمكن أن يكون مفتاحاً لحياة أكثر توازناً وسعادة.