ممارسة الرياضة جزء أساسي من حياة الأطفال، ولا تقتصر أهميتها على تعزيز صحتهم البدنية فقط، بل تساهم أيضاً في تحسين صحتهم النفسية وتطوير مهاراتهم الاجتماعية، ولكن مع تزايد الأمراض المزمنة التي قد تؤثر على الأطفال، يبقى السؤال: هل بإمكان الطفل المصاب بمرض السكري ممارسة الرياضة؟ وهو موضوع محوري يدور داخل كل أسرة لديها طفل مريض بالسكري.
لهذا واستجابة للكثير من الأمهات اللواتي أرسلن شكواهن باحثات عن الإجابة الشافية من قبل المتخصصين، يستعرض الدكتور إبراهيم الورداني أستاذ أمراض السكر العلاقة بين مرض السكري وممارسة الرياضة للأطفال، ويوضح الفوائد والتحديات التي قد يواجهها الأطفال المصابون بالسكري، بالإضافة إلى بعض الإرشادات التي يمكن للأسرة اتباعها لضمان سلامة أطفالهم أثناء ممارسة الأنشطة الرياضية.
مرض السكري لدى الأطفال:
طبيبة وطفلة وأمها وشرح لمرض السكري
مرض السكري هو اضطراب في استقلاب السكر (الجلوكوز) في الجسم، ويحدث عندما يعجز الجسم عن إنتاج الأنسولين الكافي أو استخدامه بشكل صحيح.
النوع الأكثر شيوعاً لدى الأطفال هو مرض السكري من النوع 1، ويحدث عادة في مرحلة الطفولة أو المراهقة؛ حيث يهاجم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مما يجعل الطفل بحاجة إلى حقن الأنسولين بشكل منتظم للحفاظ على مستوى السكر في الدم.
فوائد لعب الرياضة للأطفال المصابين بالسكري
طفل يمارس رياضة كرة القدم
الرياضة ليست مجرد وسيلة للترفيه بالنسبة للأطفال المصابين بالسكري، ولا تثير القلق بالنسبة للأطفال المصابين بالسكري، بل لها العديد من الفوائد الصحية التي تلعب دوراً مهماً في إدارة مرض السكري، بل إنها يمكن أن تساهم في:
تحسين مستويات السكر في الدم: تساعد الأنشطة الرياضية على تحسين حساسية الجسم للأنسولين، مما يسهم في الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن النطاق الطبيعي، ويتم ذلك من خلال تحفيز العضلات على استخدام السكر في الدم كمصدر للطاقة، والتمرين المنتظم يمكن أن يساعد في تقليل تقلبات مستوى السكر في الدم.
تعزيز اللياقة البدنية: ممارسة الرياضة بانتظام تساعد الأطفال على بناء قوة عضلية وتحسين قدرتهم على التحمل، هذا ليس فقط مهماً للصحة العامة، بل يمكن أن يسهم أيضاً في منع السمنة، وهي أحد عوامل الخطر الرئيسية لمرض السكري من النوع الثاني.
تحسين الصحة النفسية: الرياضة لها تأثير إيجابي على الصحة النفسية للأطفال؛ فهي تساعد على تقليل مستويات القلق والاكتئاب، مما يعد مهماً للأطفال الذين قد يواجهون تحديات نفسية بسبب التعامل مع مرض السكري.
زيادة النشاط الاجتماعي: من خلال المشاركة في الأنشطة الرياضية، يمكن للأطفال المصابين بالسكري بناء صداقات جديدة وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية، كما تساعد الرياضة أيضاً في رفع مستوى الثقة بالنفس، وهو أمر ضروري للأطفال المصابين بالأمراض المزمنة.
متى تصبح سمنة الطفل مشكلة تستحق العلاج؟ الإجابة داخل التقرير
التحديات التي قد يواجهها المصابون بالسكري أثناء ممارسة الرياضة
طفل مصاب بمرض السكري
على الرغم من الفوائد العديدة للرياضة، فإن الأطفال المصابين بالسكري قد يواجهون بعض التحديات التي تتطلب مراقبة خاصة لضمان سلامتهم أثناء النشاط البدني، من بين هذه التحديات:
انخفاض مستويات السكر في الدم (نقص سكر الدم):
وتعد من أكبر المخاطر التي قد يواجهها الطفل المصاب بالسكري أثناء ممارسة الرياضة ، خاصة إذا حدثت بشكل مفرط. حيث يزداد استهلاك الجسم للطاقة عند ممارسة الرياضة، مما قد يؤدي إلى انخفاض مستويات السكر بسرعة؛ إذا لم يتم تعديل جرعات الأنسولين أو تناول الوجبات المناسبة قبل التمرين.
ارتفاع مستويات السكر في الدم (فرط سكر الدم):
من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي عدم القدرة على إدارة مستويات الأنسولين بشكل صحيح إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم بعد التمرين، ويعد هذا أمراً خطيراً وقد يتسبب في مضاعفات صحية على المدى الطويل.
الإصابات الرياضية:
الأطفال المصابون بالسكري قد يكونون عرضة للإصابات الرياضية بشكل أكبر من أقرانهم الأصحاء، ويرجع هذا إلى تأثير السكري على الدورة الدموية وصحة الأعصاب، مما قد يؤدي إلى ضعف التئام الجروح أو زيادة فرص الإصابة بالكدمات.
تأثير المرض على التحمل البدني:
في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الأطفال المصابون بالسكري أقل قدرة على التحمل البدني مقارنة بالأطفال الأصحاء، خاصة إذا كانوا يعانون من مضاعفات صحية نتيجة للمرض مثل مشاكل في الرؤية أو التنفس.
إرشادات لممارسة الرياضة بأمان
طفلان يحملان أثقالاً تتناسب وعمرهما
لحماية الطفل المصاب بالسكري من المخاطر المحتملة أثناء ممارسة الرياضة، يجب أن تكون هناك خطة طبية ومدروسة تشمل عدة خطوات:
استشارة الطبيب: قبل البدء في أي نشاط رياضي، من الضروري استشارة الطبيب المتابع لحالة الطفل، سيقوم الطبيب بتقديم النصائح المناسبة حول نوع الرياضة المناسبة والجرعات الملائمة من الأنسولين.
مراقبة مستويات السكر في الدم: يجب مراقبة مستويات السكر في الدم قبل وأثناء وبعد التمرين؛ حيث يوصى بقياس مستوى السكر قبل التمرين وبعده للتأكد من أنه في النطاق الصحي، وإذا كان مستوى السكر منخفضاً قبل التمرين، يجب تناول وجبة خفيفة غنية بالكربوهيدرات.
التحضير لتناول الطعام: يجب على الطفل تناول وجبة متوازنة تحتوي على الكربوهيدرات والبروتينات قبل التمرين بنحو 30 إلى 60 دقيقة، وذلك لضمان استقرار مستوى السكر في الدم أثناء النشاط الرياضي.
تحديد نوع الرياضة: يفضل اختيار الأنشطة التي تكون منخفضة التأثير، مثل السباحة أو المشي أو ركوب الدراجة، تجنب الأنشطة التي قد تزيد من خطر الإصابة، مثل الرياضات التي تتطلب احتكاكاً قوياً.
الاستجابة الفورية لأي تغيرات: في حال حدوث أي تغيرات غير طبيعية في مستويات السكر في الدم، مثل الدوار أو التعب الشديد، يجب على الطفل التوقف فوراً عن ممارسة الرياضة والبحث عن حل سريع، مثل تناول شيء يحتوي على سكر لرفع مستوى السكر في الدم.
الملابس والمعدات المناسبة: يجب على الطفل ارتداء الملابس المريحة والأحذية الرياضية المناسبة لتجنب أي إصابات ناتجة عن التمرين، كما يُنصح بأن يكون لدى الطفل جهاز قياس السكر في الدم أو جهاز مراقبة مستمر لمتابعة حالته الصحية.
النتائج باختصار:
غذاء صحي يجمع بين الخضار والفاكهة بكميات معقولة
يمكن للأطفال المصابين بالسكري ممارسة الرياضة بشكل آمن ومفيد إذا تم تطبييق النصائح والتعامل مع حالتهم بشكل دقيق.
الرياضة تقدم الصحة النفسية والبدنية والاجتماعية، لكنها تتطلب مراقبة مستمرة؛ لضمان عدم حدوث تقلبات خطيرة في مستوى السكر.
يمكن للطفل المصاب بالسكري الاستمتاع بالرياضة دون قلق باتباع عدة احتياطات؛ مثل استشارة الطبيب الدائم ، والتحضير الجيد، واتباع الإرشادات المناسبة.