يُعد التواصل البصري مع الأطفال أحد المعالم المذهلة الأولى في حياة الطفل بعد الولادة. وهو إنجاز مثير بشكل خاص لأنه عندما تلتقي أعين الوالدين والأطفال، فإن ذلك يشكل بداية ترابطك واتصالك العاطفي مع بعضكما البعض.
حيث تشير الأبحاث إلى أن نظرة العين في الواقع تعمل على مزامنة موجات دماغك مع موجات دماغ طفلك، وهي الخطوة الأولى لتحسين التواصل في وقت لاحق من حياة طفلك كشخص بالغ، لهذا يمكن اعتبار التواصل البصري أيضاً خطوة مهمة جداً نحو نمو دماغ المولود الجديد. يسلط الأطباء والاختصاصيون الضوء على هذه الخطوة المهمة للمولود، ويذكرون لك أهم النصائح لتحقيق هذا التواصل.
هل التواصل البصري مهم بالنسبة للأطفال؟
يعد تطوير التواصل البصري مهماً لسببين، سواء لتطور الدماغ أو للتواصل الإيجابي مع المولود.
إن التواصل البصري مع طفلك أمر حيوي في بداية الارتباط والترابط. فالعلاقة الخاصة التي تشكلينها مع طفلك تزيد من شعوره بالأمان وتسمح لعقله بالنمو والتطور على المسار الصحيح. وكلما كنت أكثر ارتباطاً وانسجاماً كأم مع تواصل طفلك، شجعت نموه العاطفي. فعندما يرى طفلك عينيك ووجهك، يبدأ في الربط بين التعبيرات والمشاعر (على سبيل المثال، الابتسامة تعني السعادة). يتعلم كيفية الاستجابة ويطور القدرة على التفاعل والتواصل مع الآخرين، وتنظيم مشاعره.
ومع نمو طفلك بشكل أكبر وقدرته على متابعة نظراتك، سيبدأ في تبادل المعلومات معك. وهذا يزيد من قدرته على اللعب والتواصل، ويطور مهاراته اللغوية والمفردات. ويظهر هذا عندما يشير الأطفال إلى شيء ما عندما تقومين بتسميته.
متى يجب على الأطفال التواصل بالعين؟
يحدث تطور التواصل البصري مع الأطفال بمرور الوقت، ولكنه يبدأ بعد الولادة بفترة وجيزة، ولا تستغربي أنه يتم خلال أول 7 ساعات؛ حيث يمكن أن يظهر الأطفال حديثو الولادة اهتماماً شديداً بوجه أمهاتهم، حتى أنهم يقلدون تعابير الوجه.
في حوالي 6 إلى 10 أسابيع
سيبدأ طفلك في توجيه عينيه عمداً، والنظر إليك مباشرة وإبقاء نظره مفتوحاً مع توسيع عينيه، وعادةً في عمر 3 أشهر تقريباً، سيتبع طفلك تحركاتك إذا لم تكوني بعيدة عنه جداً.
بين عمر 9 إلى 11 شهراً
من المتوقع أن يتطور لدى الأطفال القدرة على متابعة نظرة عينيك، ما يدل على فهمهم أن العيون مخصصة للرؤية والنظر.
الأشهر القليلة الأولى من الحياة
لا يستطيع الأطفال الرؤية بشكل جيد أو لمسافات طويلة. ولهذا السبب فإن التفاعل مع طفلك عند حمله بالقرب منك يساعده لأنه متناغم فطرياً مع التعرف إلى الوجه البشري. قد تلاحظين أيضاً أن اهتمامه ينصب على الألوان الزاهية جداً أو الأشياء التي تتباين بين الأسود والأبيض.
في عمر 3 إلى 4 أشهر تقريباً
يصبح الأطفال قادرين على التعرف إلى أشياء مختلفة مثل الألعاب، كما يتشكل إدراك الطفل للألوان. ويبدأون في الوصول عمداً إلى الأشياء التي يتعرفون إليها مثل الألعاب، ويبتسمون عمداً لك عندما تتواصل معهم بالعين. وهذا ما يسمى بالابتسامة الاجتماعية، وهي عبارة عن استجابة لابتسامة أخرى أو محاولة جعل هذا الشخص يبتسم لهم.
هل من الطبيعي ألا يقوم الأطفال بالتواصل البصري؟
لا يستطيع الأطفال الصغار التواصل بالعين دائماً. تذكري أن هذه مرحلة تطورية تحدث بمرور الوقت وستزداد مع تقدم طفلك في العمر. وعادة ما يبدأ الأطفال في إجراء اتصال بصري متعمد للغاية للتفاعل مع أمهاتهم، سواء كان ذلك للعب أو الشعور بالأمان أو أن يكونوا اجتماعيين.
ومع ذلك، يشعر الأطفال أحياناً بالتعب ولا يرغبون في النظر إليك أو التركيز عليك بعد الآن. يصبح بعض الأطفال مفرطي التحفيز بسبب التواصل البصري والرسائل العصبية التي يتلقاها دماغهم! قد يرفضون التواصل البصري لبعض الوقت بعد ذلك، حتى لأسابيع. بمرور الوقت، ستتعلمين شخصية طفلك الخاصة وتعرفين إشاراته عندما يكون حريصاً على التواصل البصري.
متى يجب أن أشعر بالقلق بشأن التواصل البصري مع الطفل؟
تحدثي إلى طبيب الأطفال إذا كنت قلقة بشأن التواصل البصري لطفلك. يعاني بعض الأطفال من ضعف البصر منذ الولادة أو يصابون به بسبب حالة طبية أو إصابة أو مرض. يمكن أن يؤثر هذا على قدرتهم على التواصل البصري ويكون علامة على وجود شيء يحتاج إلى فحص.
قد يحيل طبيبك العام أو طبيب الأطفال طفلك إلى طبيب عيون متخصص في طب الأطفال، سيقوم طبيب العيون بإجراء بعض الاختبارات لمعرفة ما إذا كانت هناك مشكلة وكيفية علاجها.
كيف يمكنني مساعدة طفلي على التواصل بالعين؟
يعتبر التواصل البصري مع طفلك لحظة خاصة. فكل طفل يتطور وفقاً لسرعته الخاصة، لذا قد تتساءلين متى سيبدأ طفلك في النظر إلى عينيك! يمكنك تشجيع طفلك على التواصل البصري بهذه النصائح:
انتظري حتى يصبح طفلك في مزاج جيد، وليس جائعاً أو متعباً أو يمر بلحظة سحرية! عندما تكونان هادئين وسعيدين، فمن المرجح أن يحدث التواصل البصري.
احملي طفلك بالقرب منك، وخاصة أثناء الرضاعة. فهذا يشجع على الترابط ويجعلك في نطاق تركيزه. قومي أيضاً بالتناوب بين الجانبين، حتى يتمكن طفلك من التركيز على ما يريد.
إذا بدأ طفلك في التواصل بالعين، فاستغلي الفرصة وابدئي في التحدث أو الابتسام أو حتى الغناء للمولود. هذا يشجع طفلك على التركيز عليك أكثر وسيقوم بتخزين هذه التفاعلات ودمجها في التطور المستقبلي.
لا تنظري بعيداً قبل أن يفعل طفلك ذلك، حافظي على نظرته إلى الأمام طالما كان مهتماً.
بمجرد أن ينظر بعيداً، اعرفي أن هذا قد يكون كل شيء في الوقت الحالي، حيث قد يكون طفلك متعباً أو قد سئم. لا تجبريه على التواصل البصري أكثر.
يتم تعزيز التواصل البصري عن طريق اللمس أو الصوت، استغلي الفرصة عندما يكون لطيفاً وهادئاً، لتعزيز التجربة والترابط.
لا تتوقعي منهم الحفاظ على اتصال بصري مكثف لفترة طويلة. حيث لا يزال الأطفال حديثو الولادة والرضع في طور تطوير هذه المهارة.
دعي طفلك يتابع الأشياء عندما يكبر، وأطلقي عليها أسماء لتخزين المعرفة وبناء مهارات التواصل لديه.
هل تجنب التواصل البصري من العلامات الأكيدة للتوحد عند الأطفال؟
يشير الأطباء إلى أن تجنب الاتصال البصري يعتبر من أهم العلامات المبكرة لاضطراب التوحد، وتعتبر مهارات الاتصال بالعين من أولى العلامات التي يجب على الأهل الانتباه لها للحصول على تشخيص مبكر لمرض التوحد، ما يساعد أيضاً في العلاج المبكر والفعال.
لكن على الآباء أن يتعرّفوا أكثر إلى علامات تجنب الاتصال البصري عند طفل التوحد والتمييز بينها وبين مشاكل أخرى تتعلق بالرؤية والاتصال بالعين، فأول ما يجب أن يعرفه الأهل أن المطلوب من الطفل هو تحقيق الاتصال البصري مع والديه بالدرجة الأولى وذلك بين عمر 3 شهور و6 شهور، حيث لا يمكن تقييم التواصل البصري الطبيعي للطفل في تعامله مع الغرباء فقط، ويجب أن يدرك الأهل أيضاً أن مشاكل الاتصال البصري عند طفل التوحد من فئة المهارات الاجتماعية، أي أن استبعاد المشاكل الصحية في العين عند الرضع له أولوية أيضاً.
أعراض تجنب التواصل البصري عند طفل التوحد
يمكن تمييز هذه الأعراض عند الطفل في مرحلة مبكرة تبدأ من عمر 3 شهور، وفي حال كان الطفل يعاني من بعض هذه الأعراض أو جميعها فعلى الأهل اللجوء إلى الطبيب المختص لتشخيص الحالة:
يتجنب الطفل النظر إلى والديه وتجنب الاتصال بالعين مع الوجوه المألوفة.
لا يشعر الطفل بالقلق من الغرباء.
لا يبكي الطفل عند تركه وحده أو مع شخص غريب.
لا يستطيع الطفل تتبع الأشياء بعينيه.
ينظر الطفل من زاوية العين.
هل تجنب التواصل البصري له علاقة باضطراب فرط الحركة عند الطفل؟
يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD من مشاكل في المهارات الاجتماعية بشكل عام، وعادةً ما يكون فقدان التواصل البصري عند الطفل واحداً من أعراض اضطراب فرط النشاط.
وتندرج صعوبات التواصل البصري لدى الطفل المصاب باضطراب فرط النشاط تحت صعوبات المهارات الاجتماعية أيضاً، كما يشترك اضطراب نقص الانتباه مع اضطراب التوحد بالعديد من الأعراض على رأسها صعوبة التركيز وعدم القدرة على تكوين علاقات اجتماعية طبيعية، وأنماط السلوك التخريبي، وقد يعاني طفل فرط الحركة ونقص الانتباه من قطع الاتصال بالعين بسرعة مقارنة بعدم قدرة إنشاء اتصال بصري طبيعي عند طفل التوحد.
ومهما يكن؛ فإن على الأهل مراقبة الأعراض التي تظهر على طفلهم بشكل جيد، سواء المتعلقة بالتواصل البصري أو غيرها، وتسجيلها بشكل دقيق وبعناية، ثم اللجوء إلى المتخصصين لتحديد المشكلة.