شهدت السنوات الأخيرة إقبالاً متزايداً على الأطعمة العضوية، باعتبارها خياراً صحياً وآمناً مقارنةً بالمنتجات التقليدية. ولهذا السبب قررت ريهام، 34 عاماً، خوض تجربة شخصية مع الأطعمة العضوية لمعرفة تأثيرها على صحتها على المدى المنظور.
صحيح أن الأطعمة العضوية معروفة بتأثيرها الإيجابي، غير أن البعض يشكك في ذلك، لاسيّما وأنها باهظة الثمن، وقد تصل إلى ضعف تكلفة الأطعمة العادية.
ما هي الأطعمة العضوية؟
الأطعمة العضوية هي المنتجات التي تتم زراعتها أو إنتاجها من دون استخدام الأسمدة الكيميائية، والمبيدات الحشرية الاصطناعية، أو وفق الكميات المسموح بها. ومن دون الهرمونات، أو التعديلات الوراثية. ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO)؛ فإن الأطعمة العضوية تحتوي على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة وبعض الفيتامينات؛ مقارنة بالأطعمة التقليدية؛ مما يعزز مناعة الجسم ويحميه من الأمراض المزمنة مثل: أمراض القلب والسكري.
كما أن تناوُل المنتجات العضوية يُقلل من التعرُّض للمبيدات الحشرية الضارة التي ترتبط بمشاكل صحية طويلة الأمد، مثل: اضطرابات الغدد الصماء، وأمراض الجهاز العصبي. وقد أشارت دراسة نشرتها مجلة JAMA Internal Medicine عام 2018، إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة العضوية بانتظام، لديهم مخاطر أقل للإصابة بالسرطان بنسبة 25%.
تجربة واقعية مع الأطعمة العضوية
تقول ريهام “إن قراري بالتحوُّل إلى الأطعمة العضوية، جاء بدافع تحسين صحتي، من خلال تقليل تناوُل المنتجات الصناعية”. وأوضحت السيدة الثلاثينية: “ليس كلّ ما يتوفر في الأسواق تحت مسمى عضوي يحقق الغرض، من ثَم كانت الخطوة الأولى هي البحث عن مصادر موثوقة للحصول على هذه المنتجات، سواء من الأسواق المحلية أو المزارعين المعتمدين الذين ينتجون المزروعات العضوية”.
وأشارت: “لم تكن مهمة سهلة؛ خاصة مع ارتفاع الأسعار؛ إذ وجدت أن المنتجات العضوية أغلى بنسبة تصل إلى 30- 40% مقارنةً بالمنتجات التقليدية”. ويبدو أن الأمر كان بحاجة إلى تعديل، أوضحت ريهام: “هذا الأمر دفعني إلى التفكير بشكل أعمق في كيفية إدارة ميزانيتي اليومية لتغطية هذه التكلفة”.
تأثير الأطعمة العضوية على الصحة
الأطعمة العضوية هي اتجاه لنمط حياة صحية-
بحسب التجربة الحقيقية التي نحن بصددها؛ فإنه بعد عدة أسابيع من الالتزام بتناوُل الأطعمة العضوية، لاحظتْ صاحبة التجربة بعض التحسينات على صحتها. وقالت: “كانت أولى الملاحظات هي انخفاض الإحساس بالإرهاق الذي كان يلازمني، بالإضافة إلى تحسُّن نوعية النوم لديّ”.
هذه الفوائد أكّدتها أبحاث طبية، منها دراسة أجرتها جامعة Stanford University، التي خلُصت إلى أن الأطعمة العضوية تحتوي على مستويات أقل من المعادن الثقيلة، مثل الكادميوم؛ مما يساهم في تحسين صحة الجسم بشكل عام.
وبالعودة إلى ريهام التي قالت: “تراجعت لديّ مشاكل الجهاز الهضمي التي كنت أعاني منها سابقاً”. وأرجعت السبب إلى: “خلوّ الأطعمة العضوية من المواد الحافظة الصناعية التي تُعَد من أسباب اضطرابات الهضم..
عيوب الأطعمة العضوية
رغم الفوائد العديدة التي تحظى بها الأطعمة العضوية، إلا أن هناك بعض العيوب التي يجب الانتباه لها، مثل:
ارتفاع التكلفة
كما سبق وذكرنا؛ فإن الأطعمة العضوية مرتفعة التكلفة. من ثَم الانتقال إلى هذا النمط يتطلب إجراء بعض التعديلات في الميزانية.
محدودية الخيارات
رغم زيادة انتشار المنتجات العضوية في الأسواق، إلا أن التنوُّع مازال محدوداً؛ مما يجعل الالتزام الكامل بالأطعمة العضوية أمراً صعباً، وهو ما يعَد تحدياً؛ لأنكِ بالطبع تبحثين عن أعلى جودة بسعر مناسب.
مدة صلاحية الأطعمة العضوية أقصر بكثير مقارنةً بالمنتجات التقليدية، بسبب غياب المواد الحافظة. هذا الأمر يفرض عليكِ إعداد خطط شراء أسبوعية دقيقة؛ لتجنُّب هدر الطعام.
الغش التجاري
بحسب تجربة ريهام؛ فإن عمليات الغش التجاري في بيع الأطعمة العضوية يعَد أحد التحديات المُلحة. لأن بعض البائعين يقدّمون أطعمة تقليدية باعتبارها أطعمة عضوية، من ثَم يجب تحرّي الدقة.
التوجُّه العالمي نحو الأطعمة العضوية
ريهام قالت في حديثها معنا: “ما شجعني على الاستمرار هو معرفة أن هذا التحوُّل ليس فردياً؛ بل هو جزء من توجُّه عالمي نحو الحياة الصحية”. تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، أوضح أن الطلب على المنتجات العضوية قد زاد بنسبة 20% في العَقد الأخير، بسبب وعي الناس المتزايد بأضرار الأطعمة التقليدية، وخصوصاً تلك المعالَجة.
هل الأطعمة العضوية تستحق الاستثمار؟
في نهاية التجربة، يمكنني القول إن الأطعمة العضوية ليست مجرد نمط غذائي؛ بل هي استثمار في الصحة طويلة الأمد. على الرغم من التحديات المالية، إلا أن الفوائد الصحية تجعل من هذا التحوُّل خياراً جديراً بالاهتمام.
ومع ذلك، يبقى القرار شخصياً ويعتمد على احتياجات الفرد وقدراته المالية. في حال تعذّر الالتزام الكامل، يمكن دمج الأطعمة العضوية تدريجياً؛ بدءاً بالمنتجات التي تحتوي على أعلى نسبة من المبيدات في حالتها التقليدية، مثل: الفواكه والخضروات.
أيضاً تنصح ريهام بحسب تجربتها، هؤلاء غير القادرين على التحوُّل التام للأطعمة العضوية، بأن يتجهوا إلى نمط الحياة الصحي بشكل عام، من خلال الطهي في المنزل، والحدّ من الأطعمة المصنّعة والغنية بالسكريات؛ لأن هذه الطريقة تجعلكِ تخطين نحو حياة أفضل.