يجب الانتباه جيداً لأي علامة مبكرة تشير إلى أن شخصاً مقرباً يعاني في صمت من اضطراب نفسي، لا سيما وأن الأمراض النفسية يسهل علاجها كلما تم اكتشافها في مرحلة مبكرة.
وفي اليوم العالمي للصحة النفسية نشير إلى أن الاضطرابات النفسية شهدت في الفترة الأخيرة مسارين، الأول هو الارتفاع بسبب ضغوط الحياة وسرعة وتيرتها، والثاني هو الوعي بأهمية الكشف والعلاج.
الاختصاصية النفسية مها بنورة
علامات تنذر باضطرابات نفسية
تقول الاختصاصية النفسية مها بنورة إن المريض النفسي لا يعتّل بين ليلة وضحاها، بينما ثمة علامات مبكرة تنذر باحتمال الإصابة وتفاقم الحالة لاحقاً. فيما يلي أهم العلامات التي ذكرتها:
الأكل العاطفي
الأكل العاطفي يعد علامة مبكرة على الاضطراب النفسي، وهو مصطلع قد يشير إلى الشراهة أو الامتناع عن الأكل، لكنه بشكل عام يحدث حين يلجأ الشخص إلى الطعام كوسيلة للهروب من مشاعر سلبية مثل الحزن، التوتر، أو القلق، أو يقرر عدم تناول الأكل للأسباب عينها. قد يجد البعض أن تناول الطعام يوفر شعوراً مؤقتاً بالراحة، ولكن هذه العادة غالباً ما تؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية، حيث تترتب عليها مشاعر إضافية من الذنب والخزي بعد الانتهاء من تناول الطعام.
اضطراب الجهاز الهضمي
عدد كبير من الأشخاص يشعرون باضطرابات الجهاز الهضمي رغم عدم وجود سبب عضوي لذلك، لكن الاختصاصية بنورة تؤكد أن الجهاز الهضمي مرآة لحالة الفرد النفسية. فحين يشعر الشخص بالتوتر أو القلق الدائم، ينعكس ذلك مباشرة على صحته الهضمية، من ثمّ يواجه صعوبات في الهضم مثل القولون العصبي، الذي يتأثر بشكل كبير بالتوتر والقلق. قد يعاني الأفراد الذين لديهم اضطرابات نفسية غالباً من مشاكل مثل الإسهال، الإمساك، أو التشنجات المعوية أيضاً.
الأمراض المزمنة المرتبطة بالتوتر
التوتر يؤثر على الصحة العامة وينعكس بشكل كبير على صحة الجسم، ومن بين مضاعفات التوتر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل الصداع النصفي والقولون العصبي الذي عادة ما يرتبط بأعراض مثل آلام في البطن، اضطرابات في الهضم، وزيادة التوتر عند التفكير في أعراض المرض، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الألم النفسي والجسدي. أيضاً الأمراض المناعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاضطرابات النفسية، لذلك تدخل في علاجها مضادات الاكتئاب والمهدئات.
التفكير بلا توقف
التفكير أمر طبيعي، غير أن التفكير الزائد أو المستمر Overthinking بلا توقف هو علامة خطر على الصحة النفسية. الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل القلق، غالباً ما يجدون أنفسهم محاصرين في دائرة لا تنتهي من الأفكار السلبية. و التفكير على هذا النحو يعطل حياة الفرد ويحد من قدراته على التركيز والإنتاج واتخاذ القرارات.
أيضاً، التفكير الزائد يعزز من القلق ويؤدي إلى شعور دائم بعدم الارتياح والتوتر، مما يزيد من احتمال ظهور اضطرابات نفسية أشد مثل الاكتئاب.
اضطرابات النوم
النوم أيضاً هو علامة مباشرة على الصحة النفسية للإنسان، وينعكس كذلك على الصحة الجسدية، من ثمّ له أهمية أكبر مما نتوقع. لذلك، عندما تبدأ مشاكل النوم بالظهور، فإنها غالباً ما تكون علامة على وجود اضطراب نفسي. الأفراد الذين يعانون من الأرق أو النوم المتقطع قد يكونون عرضة لاضطرابات مثل القلق أو الاكتئاب.
في الأيام التي لا يحصل فيها الفرد على نوم مستقر وهادىء، فإن اليوم التالي يكون مليئاً بالتوتر والمشاعر السلبية، ومع استمرار هذه الحالة قد يتعرض الشخص لاضطرابات أكثر خطورة تجعل من الصعب على الشخص استعادة توازنه النفسي.
وبحسب الاختصاصية النفسية فإن النوم الجيد يُعتبر من أهم وسائل التعافي الذاتي للجسم والعقل.
اقرئي أيضاً أضرار كثرة التفكير على الدماغ وطرق التخلص منها
فقدان القدرة على التحكم في المشاعر
الشخص المعرض لأي شكل من أشكال الاضطرابات النفسية ربما يُلاحظ المحيطون به صعوبة التحكم في المشاعر. على سبيل المثال، يمكن أن يشعر الشخص بالغضب أو التوتر بشكل مبالغ فيه دون سبب واضح. قد تظهر هذه الاضطرابات بشكل مفاجئ وغير مبرر، مما يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق لدى الشخص ومن حوله. وبحسب المختصين، فإن ضبط المشاعر هو مؤشر للحالة النفسية واستقرارها. عندما يصبح الفرد غير قادر على ضبط مشاعره، سواء كان ذلك من خلال نوبات غضب غير مبررة أو شعور دائم بالتوتر والقلق، فإن ذلك يعد إشارة قوية على أن هناك حاجة للتدخل العلاجي.
وتؤكد الاختصاصية بنورة أن عدم القدرة على التحكم في المشاعر قد يتسبب في تعقيد العلاقات الشخصية والمهنية، ويفاقم المشكلات اليومية التي يتعرّض لها الشخص، مما يعيق الحياة ويسبب مزيداً من المتاعب الشخصية والاجتماعية.
العلاقة بين الصحة النفسية والجسدية
شددت الاختصاصية النفسية ومستشارة العلاقات الأسرية مها بنورة على أن الصحة الجسدية والعلامات التي تظهر على الفرد لا تتجزأ عن صحته النفسية بل هي مرآة لها. وأضافت أن “أي تدهور في الصحة النفسية تتبعه علامات واضحة ربما تظهر في شكل تغيير في السلوك أو أعراض جسدية، مثل الألم العضلي أو القولون العصبي وغيرها من العلامات التي تم ذكرها في السابق”.
وتشدد بنورة من جانبها على ضرورة الانتباه لأي علامة تطرأ على الفرد، ومن المهم أن يكون الأفراد واعين بهذه العلامات وأن يسعوا للحصول على الدعم اللازم عند الحاجة.