تُعدّ فترة الحداد واحدة من أصعب التجارب التي يمكن أن يمرّ بها الإنسان، يُسبب الحزن على فقدان الأحبة شعوراً عميقاً بالألم يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية.
سنتناول في هذا المقال تأثير الحداد على الصحة النفسية وطرق التعامل معه بشكل يساعد على الخروج من هذه التجربة الصعبة بسلامة، وفقاً لما قالته الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي والبرمجة اللغوية العصبية والعلاج بخط الزمن أزنيف بولاطيان لـ”سيّدتي”، حيث اعتبرت أن الحداد ليس مرتبطاً فقط بفقدان الأشخاص بسبب الموت، يمكن أن يحدث الحداد نتيجة لفقدان أو تغييرات أخرى مهمة في حياة الإنسان.
الاختصاصية أزنيف بولاطيان
أنواع الحداد
الحداد على العلاقات: انتهاء علاقة عاطفية أو زواج يمكن أن يسبّب شعوراً عميقاً بالحداد، الفراق أو الطلاق يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على الصحة النفسية.
الحداد على فقدان الصحة: الإصابة بمرض خطير أو فقدان القدرة الجسدية أو العقلية يمكن أن يؤدي إلى شعور بالحداد على الصحة السابقة والحياة التي كانت قبل المرض.
الحداد على فقدان العمل: فقدان الوظيفة أو التقاعد القسري يمكن أن يسبب شعوراً بالحزن والإحباط، خاصة إذا كان العمل جزءاً كبيراً من هوية الشخص.
الحداد على فقدان الحيوانات الأليفة: فقدان حيوان أليف عزيز يمكن أن يسبّب شعوراً كبيراً بالحزن والحداد، خاصة إذا كان الحيوان الأليف جزءاً من حياة الأسرة لفترة طويلة.
الحداد على الانتقال أو الهجرة: الانتقال إلى مكان جديد أو الهجرة يمكن أن يسبّب شعوراً بالحداد على الوطن أو البيئة القديمة، والأصدقاء والعائلة الذين تمَّ تركهم.
الحداد على فقدان الأحلام والطموحات: فقدان الأمل في تحقيق أهداف معينة أو التخلي عن أحلام طويلة الأمد يمكن أن يسبّب شعوراً بالحزن والحداد على تلك الطموحات التي لم تتحقق.
7 مراحل للحداد
مراحل الحزن أو دورة الحزن
مراحل الحداد عندما يموت شخص، والمعروفة أيضاً بمراحل الحزن أو دورة الحزن، تم توضيحها لأول مرة بواسطة إليزابيث كوبلر روس في كتابها “عن الموت والموتى”، هذه المراحل ليست خطيّة، ولا يمرّ بها الجميع بالترتيب نفسه أو بالشدّة ذاتها، والمراحل الخمسة هي:
الإنكار (Denial): في هذه المرحلة، يرفض الشخص تصديق الحقيقة، قد يشعر بعدم الواقعية أو الصدمة تجاه الخسارة.
الغضب (Anger) : بعد أن يبدأ الواقع يتضح، قد يشعر الشخص بالغضب والبحث عن شخص أو شيء يلومه على الخسارة.
المساومة (Bargaining): في هذه المرحلة، يحاول الشخص التفاوض أو عقد صفقة، ربما مع الكون، في محاولة لاستعادة الشخص المتوفى أو لتخفيف الألم.
الاكتئاب (Depression): عندما يدرك الشخص الحقيقة النهائية للخسارة، قد يشعر بالحزن العميق والاكتئاب، هذه المرحلة يمكن أن تكون مليئة بالشعور باليأس والوحدة.
التقبل (Acceptance): في النهاية، يصل الشخص إلى مرحلة القبول، حيث يبدأ في التعايش مع الخسارة والبحث عن طرق للمضي قدماً في حياته.
من المهم أن نتذكر أن كل شخص يتعامل مع الحزن بطرق مختلفة، وأن بعض الأشخاص قد يتخطون بعض المراحل أو يختبرونها بترتيب مختلف.
من المفيد جداً التعرّف إلى أهمية الصحة النفسية في حياتنا وطرق تعزيز التفكير الإيجابي وفق طبيبة.
تأثير الحداد على الصحة النفسية
الحداد غالباً ما يبدأ بشعور قوي بالصدمة
الصدمة والحزن العميق: الحداد غالباً ما يبدأ بشعور قوي بالصدمة وعدم التصديق، خاصة إذا كان الفقدان مفاجئاً، هذا الشعور يمكن أن يتسبب في اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب.
اضطرابات النوم: يمكن أن يؤدي الحزن العميق إلى صعوبة في النوم أو النوم المتقطع، الأرق يصبح شائعاً، مما يزيد من حدّة التعب والإرهاق النفسي.
التغييرات في الشهية: البعض قد يفقد شهيته تماماً، بينما قد يلجأ آخرون للأكل بكثرة كوسيلة للتعامل مع الألم العاطفي، السلوكان يمكن أن يؤديا إلى مشاكل صحية جسدية ونفسية.
العزلة الاجتماعية: يشعر العديد من الناس بالرغبة في الانعزال عن الآخرين خلال فترة الحداد، العزلة الاجتماعية تزيد من مشاعر الوحدة والحزن، وقد تؤدي إلى تفاقم الاكتئاب.
القلق والاكتئاب: يمكن أن يتطوّر الحزن إلى اضطرابات نفسية أكثر خطورة؛ مثل القلق والاكتئاب إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، هذه الحالات تتطلب تدخلَ متخصصٍ وعلاجاً نفسياً مناسباً.
طرق التعامل مع الحداد بسلامة
التعبير عن المشاعر: من المهم السماح لنفسك بالتعبير عن مشاعرك بشكل صحي، يمكن أن يكون ذلك من خلال الحديث مع الأصدقاء أو أفراد العائلة، أو الكتابة، أو حتى من خلال البكاء، عدم كبت المشاعر يساعد في التعامل مع الحزن بشكل أفضل.
البحث عن الدعم: التحدث مع مستشار نفسي أو الانضمام إلى مجموعات دعم يمكن أن يوفر لك مساحة آمنة لمشاركة تجربتك مع الآخرين الذين يمرون بالظروف ذاتها، الدعم الاجتماعي ضروري للتعافي العاطفي.
من المهم الاطلاع إلى الاستعداد ليوم الزفاف: استراتيجيات لضمان صحتك النفسية في هذه الفترة.
العلاج الإيحائي والبرمجة اللغوية العصبية
الحداد عملية نفسية معقدة وصعبة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حياة الفرد، تستخدم تقنيات البرمجة والعلاج الإيحائي كأدوات فعّالة لمساعدة الأفراد على التعامل مع الحزن والحداد بطريقة صحية وإيجابية.
البرمجة اللغوية العصبية (NLP)
إعادة صياغة الأفكار السلبية: بدلاً من التركيز على الفقدان والألم، يمكن للفرد تعلم التركيز على الذكريات الإيجابية والتجارب الجميلة التي عاشها مع الشخص المفقود.
التصوّر الإيجابي: تقنيات التصور الإيجابي لمساعدة الأفراد على تخيل مستقبل أكثر إشراقاً، يمكن أن يساعد في تخفيف مشاعر اليأس والحزن وتشجيع التفكير الإيجابي.
التقنيات الحسية: تعلم تقنيات NLP كيفية استخدام الحواس لتحسين الحالة العاطفية، مثلاً: يمكن استخدام الأصوات أو الصور أو الروائح التي تثير الذكريات الإيجابية لتهدئة الشخص ومساعدته في التعامل مع الحداد.
تحديد الأهداف: محاولة أهداف جديدة بعد الفقدان، مما يمنح الشخص شعوراً بالاتجاه والهدف ويساعده في تخطي مشاعر الحزن والاكتئاب.
العلاج الإيحائي: العلاج الإيحائي يعتمد على استخدام التنويم المغناطيسي لمساعدة الأفراد في الوصول إلى حالات ذهنية مريحة وتحقيق تغييرات إيجابية في العقل الباطن.
الاسترخاء العميق: يساعد العلاج الإيحائي على تحقيق حالة من الاسترخاء العميق؛ مما يمكن أن يقلل من مستويات التوتر والقلق المرتبطة بالحداد، هذه الحالة من الاسترخاء تساعد الشخص على التعامل مع الحزن بشكل أفضل.
التواصل مع العقل الباطن: يمكن للعلاج الإيحائي أن يساعد الأفراد على التواصل مع العقل الباطن، حيث يتم تخزين الكثير من المشاعر والذكريات، من خلال هذا التواصل، يمكن للفرد التعامل مع مشاعر الحزن والحداد على مستوى أعمق وأكثر فاعلية.
الاعتناء بالصحة الجسدية: الحفاظ على نمط حياة صحي من خلال ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول طعام متوازن، والحصول على قسط كافٍ من النوم، الصحة الجسدية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية، والعناية بالجسد يمكن أن تساعد في تحسين الحالة النفسية.
إيجاد منافذ للتعبير عن الحزن: الانخراط في أنشطة فنية مثل الرسم، أو الموسيقى، أو أي شكل من أشكال التعبير الإبداعي يمكن أن يكون وسيلة فعّالة للتعامل مع الحزن، هذه الأنشطة تساعد في تفريغ المشاعر السلبية بطرق إيجابية.
القيام بأنشطة تذكارية: القيام بفعاليات تذكارية لإحياء ذكرى الشخص المفقود يمكن أن يساعد في تقديم بعض الراحة النفسية، يمكن أن يكون ذلك من خلال كتابة رسالة للشخص المفقود، أو إنشاء ألبوم صور، أو حتى تنظيم حدث تكريمي.
إعطاء نفسك الوقت: الحداد عملية تحتاج إلى وقت، وليس هناك فترة محددة يجب أن تستغرقها هذه العملية، من المهم أن تعطي نفسك الإذن للشعور بالحزن وعدم الضغط على نفسك للتعافي بسرعة.
الحداد وأثره على الصحة النفسية
الحداد تجربة مؤلمة ومعقّدة، ولكن فهم تأثيراته على الصحة النفسية والتعامل معه بشكل صحيح يمكن أن يساعد في التخفيف من الألم العاطفي، من خلال التعبير عن المشاعر، البحث عن الدعم، الاعتناء بالصحة الجسدية والتوجيه المهني، يمكن للفرد أن يتخطّى هذه الفترة الصعبة بسلامة، تذكّري أن الحزن جزء طبيعي من الحياة، وأن السماح لنفسك بالشعور به والعمل على تجاوزه بطرق صحية هو خطوة مهمة نحو الشفاء النفسي.