في أغلب الحالات لا يدرك المريض النفسي أنه يعاني من اضطراب أو مرض؛ لذلك يجب على المحيطين والمقربين منه، ملاحظة التغيّر الذي لحق بتصرفاته، وما إذا كان يشير إلى أنه يعاني من حالة تستحق تدخُّل طبيب مختص.
جميعنا قد يعاني من بعض الاضطرابات التي تؤثر على التصرفات اليومية، لكنّ هناك حدوداً، تبقى هذه الاضطرابات ضمنها طبيعية ومألوفة، في حين أن هناك علامات تشي بالإصابة بمرض نفسي، اكتشفيها في الآتي
ما هو المرض النفسي؟
يقول الدكتور إن المرض النفسي: “هو عبارة عن اضطراب في الوظائف العليا للمخ، أو ما يسمى الوظائف العقلية للمخ، وتشمل الإدراك والقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب والمشاعر والذاكرة؛ مما ينعكس على السلوك”.
وأضاف الطبيب النفسي: أن تحديد ما إذا كان شخصٌ ما، يعاني من مرض نفسي أم لا، يتوقف على “مدى التغيّر السلوكي”، ويصاحب ذلك تغيُّر في المشاعر وقدرة المريض على التفاعل والتعامل مع المحيطين به.
علامات تميز المريض النفسي
امرأة مصابة بمرض نفسي
وحدد الدكتور مجموعة من العلامات المميزة للمريض النفسي، وجاءت كالتالي:
تعطل القدرات
فالمريض النفسي ربما لا يتمكن من القيام بالمهام اليومية العادية والبسيطة مثل مواصلة الدراسة أو العمل، وكذلك التفاعل مع المحيطين، والوفاء بالمسؤوليات اليومية.
تعطل الإدراك والذاكرة
إذا كنتِ تتعاملين مع مريض نفسي؛ فإنك ستلاحظين تغيّرات في قدرته على إدراك الأشياء البسيطة التي اعتاد في السابق فهمها والتعامل معها ببساطة. أيضاً المريض النفسي يواجه صعوبات واضحة في الذاكرة، صحيح أن سمة هذا العصر السرعة وتراكم المهام والمسؤوليات؛ مما يسبب لبعض الأشخاص شعوراً بالنسيان، غير أن هذه السمة تكون لدى المريض النفسي واضحة وغير طبيعية.
الانطوائية والانعزال
من تبعات فقدان القدرات العادية اللازمة للتفاعل اليومي، هو رغبة المريض النفسي في الابتعاد عن المحيطين. فحسب الدكتور رامي: “يصبح المريض النفسي غيرَ قادر على القيام بالمهام الاجتماعية حتى في أبسط صورها، وهنا يجب أن يلاحظ المقربون هذا التغيّر لسرعة التدخل بالعلاج إن لزم الأمر”.
الشك
المريض النفسي تساوره الشكوك في أمور بسيطة وواضحة للغاية؛ فإذا تمت ملاحظة أن شخصاً ما، بدأ يشكك في الأمور اليومية ونيّة المحيطين تجاهه حتى المقربين؛ فهذا مؤشر خطير على المرض ويجب الانتباه له.
تغيّرات عاطفية
المريض النفسي أكثر حساسية عاطفياً تجاه الأشياء والأشخاص والمواقف. حسب الطبيب النفسي رامي: “ستلاحظين أن المريض النفسي أكثر ميلاً للبكاء والشعور بالتوتر لأبسط الأمور، كما أن القلق والحزن لا يفارقان المريض النفسي”. لكن يفرّق الطبيب النفسي هنا بين التقلبات المزاجية التي يتعرّض لها الأصحاء، وتلك التي يعاني منها المريض النفسي؛ قائلاً: “كمختصين، نفرّق بين الحالتين بأخذ عامل الاستمرارية؛ فإذا استمرت مشاعر الحزن والقلق لدى الشخص لفترة طويلة وباتت تعرقل حياته؛ فهذا يعني أننا أمام اضطراب نفسي يتطلب تشخيص مختص”.
أنواع الاضطرابات النفسية
ويفرق الدكتور بين أنواع الاضطراب النفسي، ويقول: “هناك أنواع متعددة من الاضطرابات النفسية وتختلف شدّتها بين شخص وآخر، ولكلٍّ منها أعراض مميزة”.
وتنقسم هنا الاضطرابات إلى:
الاضطراب النفسي البسيط
وهنا يميزه الطبيب بالقول: “الاضطراب النفسي في بداياته يرتبط بالحزن والقلق وبعض التغيّرات الاجتماعية”. غير أنه اعتبر هذه المرحلة غير مثيرة للقلق، ويمكن السيطرة عليها بروتين علاجي تحت إشراف طبيب.
الانحرافات العقلية الشديدة
وهنا يقول الطبيب إن بعض الحالات تتطور إلى حدٍ أن يرى المريض أو يسمع أشياءَ غير موجودة في الواقع، أو أنه بدأ يعاني من ضلالات أو أفكار غريبة يعتقد أنها حقيقية، رغم كل الدلالات التي تشير عكس ذلك، هنا الأمر أكثر خطورة ويتطلب سرعة التحرك.
كيف يتم التصرّف مع المريض النفسي؟
وِفقاً للسابق، يمكن للأسرة تحديد ما إذا كان هناك مريض نفسي في المنزل أم لا. وينصح الدكتور هشام رامي بأنه يجب أن تكون الخطوة الأولى طمأنة المريض.
أيضاً، تجب معرفة أن كثيراً من الحالات تكون عبارة عن اضطراب نفسي بسيط، مثل: اضطرابات الحالة المزاجية، أو اضطرابات القلق والاكتئاب. يجب في هذه الحالة التحدث مع المريض وتقدير معاناته.
أما في حالة الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل: الذهان والفصام والاضطرابات التي لها علاقة بهما؛ فيكون المريض غير مدرك أنه مريض أو غير مستبصر، ومواجهته بمرضه ستؤدي إلى ردود أفعال من قِبله، بعضها قد يكون نوعاً من الانفعال المبالغ فيه. كما أنه لن يصدق ولن يرغب في التعاون لحل الأزمة، وبالتالي لن يقبل الذهاب إلى الطبيب. في تلك الأحوال يجب أن نلجأ إلى الطبيب المختص ليحدد هو طريقة العلاج المناسبة وِفقاً للحالة.
هل يجب إجبار المريض النفسي على العلاج؟
في العموم، مع الاضطرابات النفسية، يجب أن يكون المريض مقتنعاً بأنه مريض وبحاجة إلى طبيب أو معالج نفسي؛ لأنَّ رغبة المريض في العلاج تساعد على تحقيق استجابة جيدة للعلاج.
ويقول الطبيب إنه في الأحوال التي يكون فيها المريض غيرَ مدرك أنه مريض؛ فهناك قوانين تنظِّم كيفية التعامل مع هؤلاء المرضى. في معظم دول العالم هناك قانون يسمى قانون رعاية المرضى النفسيين؛ لتنظيم كيفية التعامل مع المريض النفسي الرافض للعلاج. ووِفقاً لهذه القوانين حال وصول المريض إلى درجة من الخطورة تؤثر على حياته وحياة المحيطين، هناك تدخل يُطلق عليه: “العلاج الإلزامي”، والذي يُلزم المريض بالعلاج إما داخل المستشفى أو في المنزل حسب الحالة.