من المعتاد أن تحدث الشجارات ويدور العراك بين الأطفال في البيت؛ فالأشقاء يتشاجرون على أتفه الأسباب، ولكن ليس دائماً يصل الشجار إلى الأم، فغالباً ما يحلون المشكلة في ما بينهم، وأحياناً يتفق الصغار على أن تدخل الأم قد يؤدي لإنهاء اللعب مثلاً، أو اتخاذ قرار لا يروقهم حسب تصوراتهم الطفولية.
تُعرف الشجارات بين الأطفال عموماً، وحسب علماء التربية، بأنها مثل الزوبعة في الفنجان، ولكن أحياناً تمتد المشاجرة وتصل إلى حد الضرب مثلاً، والضرب يكون مؤذياً، وهنا يكون دور الأم التدخل السريع
توقعي أن الشجار أمر عادي بين الأطفال
الشجارات هي ملح كل بيت
تماسكي وتحلي بالصبر، ولا تعتبري أن هناك أمراً غير طبيعي يحدث في بيتك على عكس كل البيوت؛ فكل بيت لديه عدة أطفال فمعنى ذلك أن يحدث الشجار بينهم، وكما يقولون إن الشجارات هي ملح البيت، ويجب أن تتوقعي الشجارات التافهة التي تكون على أمور قد تضحكك، وبعد ذلك فسوف تتطور الشجارات وأنواعها وتتعدى مرحلة الشجار بالكلام حتى لو كان أحدهم لا يجيد الكلام بطلاقة وما زال يتعلمه إلى مرحلة الضرب والإيذاء.
لا تقومي بالتدخل في أي شجار يحدث بين الأطفال بمجرد أن يعلو صوتهم؛ فهذا التدخل يسيء إلى شخصياتهم، فهم سوف يصبحون من الأطفال الذين يفقدون الثقة بأنفسهم، وبأنهم غير قادرين على التصرف من دون وجود الأم، فعلى العكس من ذلك يجب أن تتغاضي عن الشجار في حال لم يرتفع صوت الأطفال ليصبح لافتاً، وفي حال لم يصل الشجار إلى التلفظ بألفاظ سيئة مثلاً أو التطاول بالأيدي، فكما يقول المثل بأن على كل إنسان أن يقتلع شوكة بيديه؛ فمن الضروري أن يكون تجاهلك المتعمد لشجار بسيط واحد من طرق تقوية ثقة طفلك بنفسه وقدرته على تجاوز المشكلات.
فضي الشجار بحزم
قفي بين الطرفين المتشاجرين، وقومي بفض الشجار بكل حزم، ودعي كل فريق إلى جانب منك، مثلاً أن يكون أحدهما على يمينك والآخر على يسارك، وهنا يتضح دورك وتأثيرك بوصفك أماً ونسبة الإجابة عن سؤال مهم إذا كان طفلك يسمع كلامك أو لا، ولذلك فالشجار هو فرصة لكي تتعرفي أنت شخصياً على قيمتك ومكانتك عند الأولاد.
اصرخي بصوت مرتفع قليلاً عن صوت العراك، ونادي كل طرف بإسمه؛ فهذه الطريقة تعني أن يتم فض الشجار بحزم، ومعنى ذلك أنه لن يتكرر، كما سوف ترسمين صورة للطرفين أنك لا تقبلين بحدوث الشجار في مرات قادمة، وأن عواقب الشجار الذي قد يتطور للضرب سوف تكون قاسية من طرفك.
أنصتي لكل طرف باهتمام
كوني أذاناً صاغية حين يبتعد الطرفان عن بعضهما بعضاً، وفي حال كان هناك اعتداء من أحدهما على الآخر يجب عليك أن تقومي بتقديم الإسعافات الأولية للطفل الذي تعرض للعنف، وبعد أن يهدأ الطرفان قليلاً، ويصبح كل طرف بعيداً عن الآخر ابدئي بالخطوات المهمة.
أنصتي لكل واحد باهتمام، واستمعي لكل ما لديه، ويجب أن تراعي أن تسمعي لكل طرف بالمدة نفسها، فإذا استمعت للطرف الأول لمدة ربع ساعة مثلاً وتركتِه يقول كل ما لديه، ومنحتِه الفرصة ليقدم أعذاره، وربما ليبكي، فيجب أن تمنحي الطرف الثاني الوقت نفسه تماماً، ولا تطلبي منه أن ينهي حديثه ودفاعه عن نفسه أو تشيري له بيدك مثلاً لكي يصمت؛ فالعدل هو أساس الحكم، وأنت يجب أن تكوني عادلة في الإنصات لكي تتوصلي لحل سليم للمشكلة.
ابتعدي عن الانحياز في حل المشكلة
ابتعدي عن فكرة أن لديك طفلاً مفضلاً عن باقي إخوته أو أنك يجب أن تقفي مع الطفل الأصغر فهو الحلقة الضعيفة، أو أن تقفي مع الطفل الأكبر لأنه أصبح على درجة مناسبة من الفهم والوعي، فيجب أن تبتعدي تماماً عن التمييز بين الأبناء سواء في المواقف الحسنة أو السيئة، ولذلك فعليك بعد خطوة سماع كل أركان المشكلة أن تكوني عادلة في قرارك ولا تطلبي من الكبير أن يتحدث أولاً، أو من طفلك المقرب.
جربي أن يتحدث ويعرض المشكلة طرف محايد مثل أن يكون لديهم صديق مشترك قد حضر الواقعة، أو أحد الكبار الذي كان يتابع ما يحدث؛ لأن الانحياز هو أكبر مشكلة، وسوف تؤدين إلى شعور الأطفال بالحنق والغضب، وربما تتولد مشاعر الحقد والغيرة بين الأطفال لأن الطفل يعتقد أن الأم هي مملكته الأولى؛ فيجب عليها ألا تنادي مثلاً الصغير لتقول له: أخبرني بما حدث؛ فربما أخطأ الصغير أو ربما تسببت بهذا التصرف لأن يتعرض الصغير لأذى من الكبار أو أن يشعر بالخوف منهم في اللحظة نفسها فلا يخبرك بالحقيقة.
لا تنهي المشكلة دون حل
إذا لم تحلي المشكلة فسوف يتكرر العراك
قومي بحل المشكلة من الجذور؛ فمن الخطأ أن تكتفي بالصراخ مثلاً على الطرفين وتطلبي من كل طرف أن يذهب إلى غرفته، أو أن يضع نفسه في سريره، بل يجب أن تجدي حلاً للمشكلة؛ فإيجاد الحل يعني ألا تتكرر المشكلة.
أوقعي العقاب بالمخطئ، ويجب أن تتعلمي كيف تعاقبين طفلك بطريقة صحيحة حسب عمره، ويجب أن يكون العقاب في الوقت نفسه لحدوث الشجار، ويُعرف ذلك بالعقاب اللحظي؛ فلا جدوى من العقاب بعد فترة من انتهاء المشكلة، فالطفل بطبعه يكون سريع النسيان، ولو تأخرتِ في العقاب؛ فمعنى ذلك أن الشجار سوف يتكرر وللسبب نفسه سريعاً.