كرر علماء النفس وأخصائيو الصحة النفسية كثيراً أن التربية فن، وأن الطفل يكتسب سلوكه من البيئة المحيطة به، كما أن أكبر خطأ قد ترتكبه الأم وكذلك الأب هو التعبير أمام سلوكيات الأطفال المزعجة أن “الولد عصبي”، وربما يكون هذا من باب الفرح والتباهي بأن الطفل قد كبر وأصبح مثل الرجال مثلاً، ولكن ذلك السلوك ذو عواقب سلبية، وتلاحظ الأم عصبية الطفل في سن صغيرة ولأسباب كثيرة، وعلى كل الأحوال فالطفل العصبي مشكلة في البيت، فهو يشيع التوتر بسبب عصبيته، وتنتقل عدوى العصبية لإخوته الآخرين، كما أنه من الصعب التعامل مع هذه الأعراض، وتحتاج الأم وكذلك الأب لخطوات ذكية للتعامل مع:
تعريف عصبية الأطفال
الطفل العصبي أو العصبية عند الأطفال هي أحد أعراض اضطرابات القلق كما تصنف في الطب النفسي، وتعد العصبية استجابة طبيعية ورد فعل لأمر ما يقلق أو يتعب الطفل، أو نتيجة لتعرضه لضغط، كما تعد العصبية أمراً مؤقتاً ولا يمكن التعامل معها كحقيقة مسلم بها، ويجب الاستسلام لاتصاف الطفل بها، فهي تزول بزوال المؤثر المسبب لهذا الضغط أو التوتر وعند البحث عنه جيداً ووضع اليد عليه بصورة صحيحة.
والعصبية عموماً هي شعور وردّ فعل يتضمن الاستجابة الهرمونية والفسيولوجية للجسم للتعامل مع الضغط والتوتر، وغالباً ما ينتج عن هذه الاستجابة زيادة في إفراز هرمون الأدرينالين، الذي يتسبب في زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وضيق التنفس، مما يتسبب بالشعور بالعصبية التي تظهر أعراضها على هذا الشكل.
أسباب عصبية الطفل قبل عمر السنة
يعاني الطفل من العصبية قبل عمر السنة لأسباب صحية، ومنها إصابته بفقر الدم خاصة بعد عمر ستة أشهر، وقد يعاني الطفل من احتقان الحلق أو التقلصات أو ألم اللوزتين مما يثير أعصابه ويجعله يبكي بشكل مستمر أو يقوم بحركات عصبية.
تظهر العصبية لدى الطفل أيضا لأسباب وراثية حيث يمكن أن تتوافر لدى الطفل جينات من الأم العصبية أو الأب العصبي تؤدي لعصبيته.
ترتبط العصبية في هذه السن المبكرة بجسم الطفل يكون الطفل مريضاً أو يعاني من إعاقة ما تمنعه من الحركة كما يريد فتزيد من عصبيته لشعوره بالنقص وعدم قدرته على مجاراة الآخرين.
يصبح الطفل عصبياً بسبب امتلاء الحفاض أو الإصابة بالتهابات الجلد أي السماط، أو قد يعاني من التهاب الأذن الوسطى بسبب رضاعة الطفل بطريقة خاطئة فيصل الحليب إلى أذنه الوسطى ويسبب له الألم الشديد.
تظهر أعراض العصبية عند الرضيع أثناء الرضاعة لعدة أسباب منها شعور الرضيع بالمغص ووجود الغازات، ويزيد الألم مع الرضاعة لأنها تؤدي إلى ابتلاع الرضيع للهواء أثناء الرضاعة فيصبح عصبياً ويترك ثدي الأم ليبدأ بالقيام بحركات عصبية مثل دفع ساقيه والبكاء لساعات متواصلة مع احمرار وجهه.
يصاب الطفل الرضيع بالعصبية بسبب الحلمة الغائرة عند الأم مما يمنع الرضاعة الصحيحة، فيبدو الرضيع عصبياً لأنه جائع وفي نفس الوقت لا يستطيع سد جوعه، والأمر ذاته يحدث في حال عدم وجود حليب في ثدي الأم أو زيادة تدفق الحليب فيغص به الطفل ولا يستطيع الرضاعة.
يؤدي ألم التسنين لتوتر وعصبية الرضيع أثناء الرضاعة خاصة.
يؤدي شعور الرضيع بعدم الخصوصية مع أمه إلى عصبيته، فالرضيع يتأثر بالضوضاء والضجيج ووجود الغرباء حوله لأنه يحب أن ينفرد بأمه مملكته الوحيدة.
يؤدي تناول الأم لبعض الأدوية وكذلك كثرة شرب المنبهات خلال الحمل لعصبية الطفل بعد الولادة بشكل ملحوظ.
أسباب عصبية الطفل بعد عمر السنة
يصاب الطفل بالعصبية لخوفه من العقاب
تظهر عدة أسباب لعصبية الطفل بعد عمر السنة وفي سن الطفولة المبكرة والمتأخرة وذلك لعدة أسباب، أهمها هي شعور الطفل بعدم الحب غير الكافي من وجهة نظره فهو في هذه السن يتسم بالأنانية ويبكي ويضرب الأرض بقديمه الصغيرتين حين يشعر أن الأم تولي انتباهها لأحد غيره، أو تقوم بعمل يشغلها عنه.
يعاني الطفل من العصبية أيضاً في عمر ثلاث سنوات مثلاً بسبب وجوده في بيئة متوترة مثل المشاكل بين الوالدين والشجار المستمر بينهما، كما أنه يتلقى التوتر من الخارج في هذه الحالة.
يكتسب الطفل صفة العصبية حتى مرحلة الشباب من البيئة المحيطة به، وقد يفعل ذلك كنوع من التقليد مثل أن يقلد المراهق الصغير والده العصبي الذي يخشاه ويتحاشاه الجميع.
يعاني الطفل من العصبية أيضاً في سن المدرسة بسبب تدني درجاته وخوفه من العقاب من والديه، مثل عدم قدرته على حل الواجب فيبدو متوتراً على الدوام، وكذلك خوفه من المعلم ومن سخرية باقي الزملاء.
نصائح لعلاج الطفل العصبي
يجب على الوالدين احتواء الطفل
قومي بالبحث عن الأسباب الصحية التي تؤدي لعصبية الطفل وحاولي علاجها، مثل إجراء فحوصات لنسبة الحديد في دمه؛ لأن فقر الدم يؤدي للعصبية وقلة النوم وكثرة الحركة والتوتر.
وفري الجو الهادئ والمريح والمرتب في البيت، والبعد عن الضجيج، وكذلك إبعاد الأشياء التي تزعج الطفل، مثل وجود قطة في البيت؛ لأنه لم يتعود بعد على الحيوانات الأليفة في سنه الصغيرة، فليس كل الأطفال يحبون القطط مثلاً.
أكثري من الحديث مع الطفل وملامسته واحتضانه باستمرار، والتربيت على رأسه وظهره لكي يشعر بالأمان والاطمئنان.
قومي كأم بتقبل مشاعر الغضب التي تصدر من أطفالك العصبيين، ومحاولة إشعارهم بالاهتمام والتقرب أكثر منهم، خاصة في حال كان الأب والأم يُدركان الدافع والمُسبب الذي أدى للسلوك العصبي لدى الطفل، ودور الأب بالتقرب من الطفل واحتوائه يكون هاماً، ويجب عدم تجاهله وترك المسئولية على الأم.
امنحي طفلك الفرصة لكي يعبر عن غضبه وهذه من أفضل الطرق لعلاج العصبية، فلا تتركيه يكبت مشاعره بسبب الخوف، وأشعريه أن تلك المشاعر طبيعية، ولكن يمكن أن تكون بينك وبينه وليس أمام الآخرين الذين قد لا يتقبلون تصرفاته، ورد الفعل العصبي يكون بحدود وبحيث لا يؤذي الآخرين.
ابحثي مع الأب عن سلوكيات وأعراض للعصبية غير البكاء والصراخ؛ لأن وجود أعراض لم تهتم بها الأم تؤدي لتفاقم المشكلة فمن أعراض العصبية أيضاً قضم الأظافر، أو نتف وشد شعر الطفل بشدة، أو القيام بحركات لا إرادية في الوجه أو الجسم، ويمكن في حال ملاحظة هذه الأعراض التوجه للطبيب المختص.