أمام معايشة كثير من الأمهات لحركة الأطفال الزائدة وسط البيت أو داخل الفصل الدراسي، يتساءلن وهن قلقات: هل حركات واندفاعات الطفل إشارة ذكاء أم فرط حركة تستلزم علاج؟ بداية لا نستطع القول بأن كل طفل كثير الحركة مريض؛ فحركة الأطفال الزائدة والكثيرة، قد تكون دليلاً على الحيوية والنشاط، خاصة الصغار الذين بدأوا المشي وغمرتهم سعادة اكتساب مهارة جديدة، ومرات تصبح الحركة الزائدة إشارة على الذكاء، بينما تكون الحركة الزائدة في أحيان أخرى مرضًا يسمى- فرط الحركة وتشتت الانتباه- ويستدعي المعالجة”.
إشارات صحية وأسباب مرضية وراء الحركة الزائدة
حركة أطفال تبدو زائدة لكنها حركات في الحدود الطبيعية
الحركة الكثيرة داخل الفصل الدراسي قد تكون إشارة إلى ارتفاع معدل الذكاء لدى أولئك الصغار، الذين يقيدهم منهج دراسي موجه لمتوسطي الذكاء.
وقد تشير الحركة الزائدة إلى انخفاض مستوى الذكاء عند بعض الأطفال، فيعبر عن محدودية قدراته بزيادة في حركته.
زيادة الحركة عند بعض الأطفال تكون؛ لأنهم يعانون من نقص في السمع، أو تأخر في اللغة، ولعل السبب تكرار التهابات الأذن الوسطى للطفل، ولم يلق الطفل اهتماماً مناسباً من الأهل لمعالجته و تفادي آثاره.
وهناك الأمهات اللاتي يشتكين من حركة أطفالهن الزائدة، وأمام كشف الطبيب يتضح أن حركتهم في الحدود الطبيعية، لكن تحّمل ورحابة صدورالأهل تجاههم ضيقة لا تتسع.
زيادة الحركة بسبب ضيق المنزل، وعدم وجود أماكن مناسبة ينًفس الأطفال فيها عن نشاطهم الطبيعي، وربما يرجع الشجار وكثرة الحركة لعدم وجود وسائل تسلية وألعاب مناسبة، يفرغ الأطفال فيها طاقاتهم الطبيعية.
كما قد يعبر الأطفال بالحركة الزائدة عن إحساسهم بالكآبة وإحباطهم، وعدم توافقهم الدراسي والعاطفي، أو عدم استقرارهم الأسري.
الحركة الزائدة تساعد على نمو الدماغ
الحركة الزائدة ترتبط بنمو الدماغ، وقود التعلم والتفكير عند الطفل
تقوم الحركة بتزويد الدماغ بالأوكسجين؛ حيث تزيد الحركة من معدل ضربات القلب، فتدفق الأوكسجين للدماغ يؤدي إلى المزيد من الوقود للإبداع والتعلم والتفكير عند الطفل.
الحركة الزائدة عند الطفل تساعد على نمو وتكوين الخلايا العصبية ونمو الدماغ بشكل جيد، حيث إن النشاط البدني يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنمو الدماغ وزيادة كتلته وتحسين المعالجة المعرفية.
تقوم الحركة بتنظيم عمل الدماغ وتحسن من الاستجابة الحسية؛ حيث إن عمل الدماغ يشمل معالجة المعلومات الواردة للدماغ ودمجها مع المعلومات المخزنة من التجارب السابقة، وهو ما يسمى بالذكاء الوظيفي.
طرق لتحفيز الطفل كثير الحركة على التعلم
خلق جو للقراءة لتشجيع الطفل كثير الحركة عليها؛ فالقراءة هي مفتاح النجاح في التعلم، حيث إن الأطفال الذين لا يقرأون يعانون من صعوبة في التعلم، القراءة تساعد الأطفال على تكوين مفردات جديدة، إضافة إلى أنها تساعدهم على التواصل الجيد.
وتدعم القراءة تميز الأطفال في جميع المواد، ويمكن مساعدة الطفل على القراءة بخلق جو مناسب وديكورات ممتعة، كما يجب على الأهل القراءة لأطفالهم، مع السماح لهم بالقراءة بصوت عالٍ، والقيام بإنشاء وقت عائلي للقراءة لمدة معينة، والسماح للطفل باختيار القراءة بالمجالات التي يحبها.
السماح للطفل كثير الحركة بأن يختار ما يتعلمه، وإن شعر بالتحكم والسيطرة من أهله فإنه ينفر من التعليم، إذ يجب السماح له بالقيام بتجربته الخاصة في التعليم، والسماح له باختيار الأنشطة اللامنهجية الخاصة به، مع دوام المراقبة.
يجب تشجيع الطفل كثير الحركة على التعبير عن رأيه، والقيام بخلق أجواء منفتحة ليشعر الطفل بالراحة لإبداء رأيه عن إعجابه أو ما يكرهه أو بالتعبير عن مخاوفه؛ حيث إن شعور الطفل بأن رأيه غير مهم يدفعه إلى الانسحاب من التعليم.
تعليم الطفل كثير الحركة عن طريق الألعاب يساعد استخدام اللعب عند التعليم لتنمية المهارات المعرفية، ويحفز الطفل كثير الحركة على التعلم والرغبة في تعلم المزيد.
نصائح للتعامل مع الطفل الذكي كثير الحركة
ممارسة الرياضة للطفل كثير الحركة تحرق الطاقة الزائدة بشكل صحي
تقرير السلوكيات المقبولة وغير المقبولة
الهدف من تعديل سلوك الطفل، هو مساعدته على التفكير في العواقب من تصرفاته، لذلك يجب على الأهل تحديد السلوك الذي باستطاعتهم تحمله، وقد يواجه الطفل صعوبة في فهم التعليمات، لذلك يجب تبسيطها له، ومكافأته عند اتباعها والالتزام بها.
تشجيع الطفل كثير الحركة على الرياضة
تساعد التمارين الرياضية على حرق الطاقة بشكل صحي، كما تعمل على زيادة التركيز لدى الطفل، والتقليل من الاكتئاب والقلق، وقد يكون النوم صعبًا للطفل كثير الحركة؛ ما يؤدي إلى زيادة النشاط لدى الطفل، ولمساعدته على النوم يجب منعه من تناول الكافيين أو السكريات قبل موعد النوم بفترة، إضافة إلى تقليل وقت مشاهدة الشاشات.
إنشاء روتين للطفل كثير الحركة
بخلق روتين للطفل والالتزام به، مثل أوقات الطعام، وأوقات الواجبات المنزلية أو المدرسية، ووقت اللعب والنوم، كما يمكن البحث عن مساعدة من مختص، أو طلب المشورة من أخصائي في العلاقات الاجتماعية؛ لتقديم كافة المعلومات للتعامل مع الطفل كثير الحركة.
مرض فرط الحركة
يصيب نسبة ليست بالقليلة من الأطفال ويسمى “اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه”، ويشكل أعلى نسبة تشخيصية للأطفال، الذين يرتادون العيادات النفسية.
تلاحظ في هذا الاضطراب كثرة حركة الطفل غير الطبيعية، بشكل يؤثر سلباً على سلوكه وسلامته في المنزل، وعلى أدائه الدراسي في المدرسة،
ويلاحظ على هؤلاء الأطفال الممارسات الاندفاعية غير المتوقعة؛ مثل رمي الأشياء أو ضرب الإخوة أو اجتياز الطريق العام فجأة، دون التفكير لما سيحدثه من خطر.
كما يلاحظ عليهم تشتت الانتباه وعدم القدرة على إتمام الواجبات الدراسية، وإنجاز ما يطلب منهم من أعمال بدون انقطاعات متكررة، وعدد كبير منهم بحاجة لبعض الأدوية والعقاقير لضبط حركتهم وتحسين تركيزهم، وبالتالي تحسين استيعابهم الدراسي ومهاراتهم الاجتماعية والشخصية.
هم بحاجة ماسة للتقييم الطبي والنفسي والاجتماعي المتكامل، وتزويد الأهل ببرامج سلوكية وتوجيهية للتعامل مع حركة الطفل الزائدة وحالته من تشتت الانتباه، وما قد يصاحبها من سلوك عدواني في بعض الأحيان.