كثير من الآباء وخاصة الأمهات ينزعجون على مستقبل أطفالهم بمجرد معرفة أن ابنهم أو ابنتهم تقوم بسرقة بعض الأشياء الصغيرة من زملائهم بالمدرسة، بينما يعتبر علماء النفس والتربية أن السرقة عند الأطفال مشكلة سلوكية مثل الكذب والعناد والغضب، لها أسباب ولديها طرق لعلاجها، وبالتالي يمكن تعديل هذا السلوك عند الطفل بسهولة، ولا داعي للقلق الزائد من الآباء والأمهات معاً.
أما المشكلة الحقيقية فتتمثل في تعامل الآباء مع مشكلة السرقة بطريقة خاطئة، ما يتسبب في جعل الطفل يشعر بالعناد، ويتمادى في السرقة.
التقرير التالي يعرض بداية سن السرقة لدى الطفل، ومتى تصبح مشكلة؟ والأسباب الأسرية أو الشخصية المتعلقة بالطفل وتدفعه للسرقة، وتفاصيل أخرى كثيرة، يعرضها الدكتور عمر عبد العزيز أستاذ التربية وتعديل السلوك، ويقوم بالشرح والتفصيل.
سن ظهور مشكلة السرقة عند الأطفال
يبدأ تفهم فكرة السرقة من 3-5سنوات
تبدأ في الظهور من 3 إلى 5 سنوات، ولا تعتبر مشكلة كبيرة؛ لأن الأطفال في هذه المرحلة يتصفون بالأنانية والتمركز حول الذات وحب امتلاك الأشياء، وبالتالي أخذ كل شيء يريدونه.
الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 3 سنوات لا يفهمون المفهوم المجرد للكذب، بينما الأطفال بين سن 3 و7 سنوات لا زالوا يخلطون بين الحقيقة والخيال، لذلك لا تعدّ السرقة عملاً إجرامياً في هذه المرحلة العمرية.
ومن 6 سنوات فأكثر -سن المدرسة- يبدأ الطفل في إدراك مفهوم السرقة، ولكنه يقوم بها لعدم قدرته على السيطرة على نفسه.
الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عاماً، لديهم فهم أفضل للسرقة والكذب على أنهما خطأ، و يمكن أن تكون هذه السلوكيات مجرد تجربة ولا يوجد أي شيء إجرامي فيها.
لكن لا تسمحي لطفلك البالغ من العمر 13 -16 عاماً إذا سرق من قبل، أن يكون مع أصدقائه في المتاجر من دون إشراف.
إذا كان طفلك أكبر سناً فينصح بإجراء مناقشة أكثر تعمقاً عما تسببه السرقة والكذب في إيذاء الآخرين، وإحداث مشاكل أكبر مع تقدمه في السن.
أحياناً كثيرة يمكن أن تكون السرقة لدى الأطفال في عمر 8-12 سنة مجرد تجربة وليست سلوكاً إجرامياً.
وتصبح السرقة مشكلة عندما تتكرر 3 مرات فأكثر، سواء كانت في المنزل أو في المدرسة، بغض النظر عن قيمة المسروق.
الطفل في هذه الحالة يعاني من مشكلة حقيقية، وعلى الآباء البحث عن الأسباب التي تدفع الطفل للسرقة.
لماذا يكذب المراهق؟
أسباب أسرية تدفع الطفل للسرقة
شعور الطفل بعدم الأمان لمشاكل أسرية تدفعه للسرقة
شعور الطفل بعدم الأمان والاستقرار نتيجة لانفصال الأبوين، كما أن الحرمان المادي للطفل، وعدم تلبية الأسرة لاحتياجاته من مأكل وملبس وألعاب، يجعله يسرق لكي يعوض هذا الحرمان.
الحرمان النفسي للطفل، كافتقاده العطف والحنان مما ينتج عنه إحباط شديد، ومن ثم يتولد لديه سلوك السرقة.
عدم تعويد الطفل على التفرقة بين ممتلكاته وممتلكات الآخرين، وعدم غرس صفة الأمانة، فلا يدرك أن ما يفعله صحيح أم خاطئ.
العقاب المستمر للطفل، واستخدام الوالدين القسوة في التعامل معه، ما يساعد على خلق شخصية عدائية تسرق.
أسباب خاصة بالطفل
محاولةالطفل تقليد أبطال بعض الأفلام تدفعه للسرقة
نقص مستوى ذكاء الطفل؛ يجعله أكثر عرضه لسلوك السرقة، بجانب التوتر الداخلي للطفل مثل الاكتئاب، الغيرة، الغضب، ما يجعله يقبل على هذا السلوك.
شعور الطفل بالنقص وبأنه أقل من زملائه، فيلجأ للسرقة ليعوض هذا النقص، وأحياناً يكون القيام بالسرقة لمجرد حب المغامرة والاكتشاف.
أسباب أخرى، مشاهدة الطفل للأفلام التي تظهر السارق على أنه شخص شجاع وذكي ومحبوب، فيحاول الطفل تقليد البطل .
القدوة غير الحسنة للطفل؛ بأن يشاهد أحد أقاربه يمارس هذا السلوك الخاطئ.
إستراتيجيات سهلة للتخلص من التوتر
طرق لتعديل سلوك الطفل السارق
احتوي أطفالك وأظهري حبك لهما
لا تأخذ سرقة طفلك كأنها فشل أو إهانة لك، ولا تقابلها بالصراخ في وجه الطفل أو ضربه، ولكن حاول أن تقترب منه وتحتويه.
تحدث مع الطفل وأفهمه بهدوء أن السرقة سلوك خطأ دينياً واجتماعياً، وساعده على أن يرد المسروقات إلى أصحابها.
عامل طفلك بالحب والصداقة مع الحزم وليس الشدة، واختر القصص والأفلام التي تناقش الأمانة والصدق والقدوة الحسنة.
اغرس في طفلك القيم الدينية والأخلاقية، بل احتويه وأظهر حبك له، فإن هذا يجعله يشعر بالأمن والطمأنينة.
حاول إقناعه بألا يكرر هذا السلوك الخطأ، واحذر تأنيب الطفل أمام الآخرين لدرجة جعله يشعر بأنه مجرم.
طرق للتعامل مع الطفل السارق
ساعدي طفلتك على فهم معنى الملكية واحترامها
على الأم أن تظهر غضبها من الطفل لقيامه بالسرقة، مع التحدث معه عن أسباب السرقة والدوافع التي دفعته لذلك، دون أن تشعره بالحرج أو الخوف.
أن يقوم الأب بالتحدث عن القيم والأخلاق مع الطفل، ومطالبته بإرجاع ما سرقه، مع إخبار الطفل بأنك تراقب سلوكه.
على الوالدين تقييم الوضع الحالي، وفي حالة عدم القدرة على علاج المشكلة، يفضل التواصل مع أحد الأطباء لحلها.
إذا أحضر الطفل شيئاً من المدرسة وادّعى أنه هدية، أو إذا ضبطته يأخذ شيئاً من متجر، فإن طريقة المعالجة ستؤثر في احتمال قيامه بالسرقة مرة أخرى.
تحدثي عن القيم والأخلاق، في وقت قصير لا في محاضرة للتذكير، وأخبريه أنك تراقبين سلوكه، وأنك فقدت بعض الثقة به وبحاجة إلى كسبها مرة أخرى.
ساعدي الطفل على فهم معنى الملكية واجعليه مسئولاً عن ممتلكاته، فعلى سبيل المثال تحدثي عن أهمية التعامل مع الألعاب بلطف.
ضعي قواعد تتحدث عن الاحترام بالسؤال قبل استعارة الأشياء، ناقشي أهمية العناية الجيدة بالأشياء المستعارة وإعادتها إلى صاحبها
إذا أمسكت بأشياء مسروقة لدى طفلك، أصرّي على إعادتها فورًا واعتذري إلى الضحية، أو رافقي طفلك إلى المتجر لإعادة الأشياء المسروقة.
اذكري العواقب القانونية والاجتماعية والعاطفية على الطفل بسبب السرقة، بما في ذلك الطرد من الحضانة أو المدرسة.
طلب المساعدة المتخصصة التي تحدد الأسباب الكامنة وراء السرقة، إذا أصبحت السرقة مشكلة مستمرة.