يعاني الجميع من الألم في مرحلةٍ ما من حياتهم، ولكن إذا كنتِ بالفعل مصابة بالاكتئاب أو القلق، ربما يصبح الألم أكثر شدّة ويصعُب علاجه؛ بحسب خبراء، يميل الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب إلى الشعور بألم أكثر شدّة وطويل الأمد؛ مقارنة بالأشخاص الآخرين.
وهناك علاقة وثيقة بين الألم والاكتئاب، ويظهر التداخل بين القلق والاكتئاب والألم في متلازمات الألم المزمنة والمعوّقة، مثل: الألم العضلي الليفي، ومتلازمة القولون العصبي، وآلام أسفل الظهر، والصداع، وآلام الأعصاب.
فعلى سبيل المثال، يعاني حوالي ثلثي المرضى الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي، من أعراض ضيق التنفس بسبب الاكتئاب؛ فيما حوالي 65% من المرضى المصابين بالاكتئاب، يعانون من أعراض الألم المختلفة.
أسباب ارتباط الألم بالاكتئاب
كان الباحثون يعتقدون أن العلاقة بين الألم والقلق والاكتئاب ناتجةٌ عن عوامل نفسية وليست بيولوجية؛ حيث إن الألم المزمن يسبب الاكتئاب، وبالمثل قد يكون الاكتئاب الشديد مؤلماً جسدياً. ولكن مع اطلاع الباحثين على المزيد حول كيفية عمل الدماغ، وكيفية تفاعل الجهاز العصبي مع أجزاء أخرى من الجسم، اكتشفوا أن الألم يشترك في بعض الآليات البيولوجية مع القلق والاكتئاب.
تتفاعل القشرة الحسيّة الجسدية (جزء الدماغ الذي يفسر الأحاسيس مثل اللمس) مع اللوزة الدماغية، ومنطقة ما تحت المهاد، والتلفيف الحزامي الأمامي (المناطق التي تنظّم العواطف)؛ لخلق التجربة العقلية والجسدية للألم؛ كما تساهم هذه المناطق نفسها أيضاً في القلق والاكتئاب.
بالإضافة إلى ذلك، يشترك الاكتئاب والألم المزمن في بعض الناقلات العصبية نفسها، وهي المواد الكيميائية في الدماغ، التي تعمل كرسائل تنتقل بين الأعصاب. كما يشترك الاكتئاب والألم المزمن أيضاً، في بعض المسارات العصبية نفسها في الدماغ والحبل الشوكي.
وأيضاً، يسبب الألم المزمن معوّقات تؤثر على علاج الاكتئاب، فمثلاً؛ قد يجبرك الألم على مواجهة خسائر حياتية، مثل: قلة ممارسة الرياضة، واضطراب النوم، وعدم التواصل، وتراجع العلاقات الاجتماعية والعاطفية، هذه الخسائر قد تُفاقم الاكتئاب لدى الأشخاص المعرَّضين بالفعل للحالة. ثم يؤدي ذلك إلى تفاقم الألم، وتقليل قدرتك على التعايش معه.
تداخل الألم مع الاكتئاب يعيق العلاج لكلا الحالتين؛ لأنَّ التركيز على الألم، يمكن أن يخفي إدراك الطبيب والمريض لوجود اضطراب نفسي أيضاً. وحتى عندما يتم تشخيص كلا النوعين من المشاكل بشكل صحيح؛ فقد يكون من الصعب علاجهما.
علاج الألم والاكتئاب
ربما يؤدي الاكتئاب إلى آلام مختلفة في الجسم
إذا اقترن كلا الأمرين؛ فهناك بعض الطرق لتخفيف الحالة حتى يتم العلاج الجذري المسبب للألم، واستكمال علاج الاكتئاب كذلك، ومنها:
العلاج السلوكي المعرفي
ليس فقط علاجاً للقلق والاكتئاب، إنما هو أيضاً أفضل علاج نفسي مدروس لعلاج الألم. يمكن استخدام العلاجات النفسية المختلفة بمفردها لعلاج الألم، لدى المرضى الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق، أو كمساعد للعلاج الدوائي.
يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على فرضية مفادها أن الأفكار والمشاعر والأحاسيس كلها مرتبطة ببعضها البعض؛ ويَستخدم المعالجون العلاج السلوكي المعرفي لمساعدة المرضى على تعلُّم مهارات التأقلم؛ حتى يتمكنوا من التحكم في آلامهم؛ بدلاً عن الوقوع ضحية لها.
التدريب على الاسترخاء
يساعد أيضاً التدريب على الاسترخاء والتنويم المغناطيسي والتمارين الرياضية في العلاج؛ لأنها تخفف تبعات الضغط النفسي التي تؤدي إلى تفاقم الألم، بالإضافة إلى أعراض القلق والاكتئاب. تشمل التقنيات: استرخاء العضلات التدريجي، واليوجا والتدريب الذهني. وهناك الكثير من الأبحاث التي تشير إلى أن النشاط البدني المنتظم، يعزز المزاج ويخفف من القلق، ولكن هناك أدلة أقل حول تأثيره على الألم.
الأدوية المزدوجة
تعمل بعض مضادات الاكتئاب على تخفيف الألم أثناء علاج اضطراب نفسي، ولكن يجب الانتباه إلى التفاعلات الدوائية المحتملة.
لكن العديد من الأدوية النفسية وأدوية الألم، لها تفاعلات دوائية محتملة يجب الانتباه لها. لذلك، هناك بعض الأمثلة الشائعة، تَعتبر مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مفيدة للألم. ومع ذلك، تَزيد كلٌّ من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ومثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية بشكل فردي، من خطر نزيف الجهاز الهضمي عند استخدامها بشكل مستمر. لذلك، يجب أن توضع خطة العلاج تحت إشراف طبيب.