تدفعنا الحياة العصرية نحو السرعة والمستقبل، حيث أصبحت وتيرة الحياة اليومية متسارعة على نحو يصعب اللحاق به، إلا أن هناك من يعيش في الحنين إلى الماضي. لا بأس من شعور هكذا من حين إلى آخر، لكن تكرار هذا ربما يشير إلى حالة نفسية وعقلية معينة.
التركيز على التجارب السابقة يمكن أن يقدم وجهة نظر مختلفة للفرد عن الحاضر والمستقبل، ولكن هل هذا توجه يدفع الشخص نحو التطور والتفكير في الغد؟!. هذه الحالة تسمى متلازمة النوستالجيا أو متلازمة الحنين إلى الماضي.. اكتشفي المزيد عنها في الآتي:
متلازمة النوستالجيا
وفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية، فإن النوستالجيا هي الرغبة في العودة إلى فترة أو لحظة سابقة في حياة الفرد. تتلوّن هذه التجربة الماضية بالمشاعر الإيجابية، وبالتالي يتم تذكرها على أنها أفضل، بطريقة ما، من اللحظة الحالية.
التعريف الثاني للحنين أو النوستالجيا، تصفه الجمعية بأنه الرغبة في العودة ليس إلى وقت سابق في حياة المرء، ولكن إلى مكان مادي مرتبط بتجربة ماضية ممتعة. يمكن أن يكون هذا المكان هو المنزل الذي نشأ فيه الشخص، أو الحي القديم، أو جامعته، أو المواقع المرتبطة بالذكريات الممتعة.
هل متلازمة النوستالجيا اضطراب في الصحة العقلية؟
متلازمة النوستالجيا تسبب الشعور بالحنين للماضي
لا يُنظر إلى النوستالجيا على أنها مرض عقلي، وهي غير مدرجة ضمن اضطرابات الصحة العقلية المعترف بها من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي. لكن في السابق كانت النوستالجيا مرضاً عقلياً يتطلب علاجاً. كان الحنين يعتبر مرضاً عصبياً تمت صياغته لأول مرة في عام 1688 من قبل الطبيب السويسري يوهانس هوفر، الذي عرّفها بأنها مرض عصبي ناجم عن التفكير المستمر في الوطن والحنين إلى العودة. لكن في القرن التاسع عشر بدأ يُنظر إلى الحنين على أنه شعور إيجابي، وليس حالة مرضية. على سبيل المثال، رأى الطبيب النفسي السويسري كارل يونغ أن الحنين وسيلة لإعادة الاتصال بماضينا وفهم حاضرنا. بالنسبة ليونغ، كان الحنين وسيلة للوصول إلى ” اللاوعي الجماعي ” – التاريخ والتجارب المشتركة لدينا جميعاً كبشر.
خلال الحرب العالمية الأولى، ارتبطت النوستالجيا مرة أخرى بالمرض، حيث كان الجنود بعيداً عن المعركة يتوقون إلى وسائل الراحة المنزلية. وبعد انتهاء الحرب، أصبح الشعور مرة أخرى بالنوستالجيا شعوراً إيجابياً.
أنواع النوستالجيا
هناك نوعان من النوستالجيا:
النوستالجيا الإيجابية: تتميز النوستالجيا الإيجابية بذكريات الماضي السعيدة، غالباً ما ترتبط بمشاعر الدفء والسعادة والراحة.
النوستالجيا السلبية: يتميز الحنين السلبي بذكريات الماضي الحلوة والمرة أو حتى المؤلمة. كثيراً ما يرتبط بالشوق والحزن والندم.
فوائد النوستالجيا للصحة النفسية
تحسين المزاج.
زيادة احترام الذات.
الشعور بالدعم الاجتماعي.
مساعدة الناس على التكيف مع التحولات الحياتية الصعبة، مثل الطلاق والتقاعد والوفاة.
تعزيز وظيفة المناعة وتقليل التوتر. أيضاً تساعد على الشعور بالرضا عن الحياة وتقلل القلق.
تأثيرات سلبية لمتلازمة النوستالجيا
تؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة.
تجعل الناس ينشغلون بالماضي ويصبحون غير سعداء بالحاضر.
تجعل الناس أقل قدرة على اتخاذ قرارات في الوقت الحاضر.
كيفية تجنّب الآثار السلبية لمتلازمة النوستالجيا
هناك بعض الأشياء التي يمكنكِ القيام بها لتجنّب الآثار السلبية للنوستالجيا، مثل:
التفكير في اللحظة الحالية.
بذل جهد للتواصل مع الآخرين في الوقت الحاضر.
قضاء وقت مع الأشخاص الذين يمثلون لكِ أهمية والتحدث معهم عن ذكرياتكِ الإيجابية.
فعل الأشياء التي تجعلكِ سعيدة، استمعي إلى الموسيقى، اذهبي للتنزه، شاهدي فيلمك المفضل.
التحدث إلى المعالج إذا كنتِ تشعرين بالإحباط الشديد، فإن التحدث إلى المعالج يمكن أن يساعدكِ.
النوستالجيا والاكتئاب
يرتبط الألم الناتج عن تجربة فاتت منذ فترة طويلة بمخاوف أخرى متعلقة بالصحة العقلية مثل الحزن والاكتئاب. وفي حين أن الاكتئاب يمكن أن يشمل الحزن، لكن وجد أن الفراغ وانعدام الأمل أو الاستمتاع يرتبط بالاكتئاب أكثر. صحيح أن الحزن يعد جزءاً طبيعياً من الحياة، لكن طبيعة الاكتئاب المستمرة تجعله لا يعد حزناً عادياً أو مقبولاً إنما اضطراب في الصحة العقلية.
أعراض الاكتئاب بسبب النوستالجيا
التفكير باستمرار في منزل الطفولة.
القلق.
البكاء.
الأرق.
اضطراب نبضات القلب.
فقدان الشهية.
شعور كما لو يتم خنق الشخص.