مرض الإنتان هو حالة صحية خطيرة تصيب الجسم حين تتعدى استجابة جهازه المناعي للعدوى الى الضرر بالأنسجة. حيث تنقلب عملية مكافحة العدوى ضد الجسم نفسه إلى التهاب شديد يؤدي إلى خلل في الأعضاء، وتلف الأنسجة، وحتى الوفاة إذا لم يتم علاجه. علماً أن مرض الإنتان يتسبب بوفاة 11 مليون شخص حول العالم كل عام.
ولأن مستوى الوعي والمعرفة حول مرض الإنتان لا يزال محدوداً وبشكل يدعو للقلق، ولأن خلال شهر سبتمبر يُصادف اليوم العالمي للإنتان،
يطلع بداية، هل يمكن تعريف مرض الإنتان؟
الإنتان يحدث عندما تتسبب استجابة جهاز المناعة المفرطة للعدوى بإتلاف أنسجة وأعضاء الجسم ذاته، وإذا لم يتم التعرّف عليه في مراحله المبكرة وعلاجه في الوقت المناسب، قد تحدث صدمة إنتانية وفشل في عدة أعضاء، وقد يصل الأمر إلى وفاة المريض.
يمكن أن يؤدي الإنتان إلى الوفاة نتيجة الإصابة بالأمراض الميكروبية المختلفة، منها على سبيل المثال: الالتهابات المكتسبة من بيئة المجتمع، مثل الالتهاب الرئوي الناجم عن الالتهابات الفيروسية، والإنفلونزا الموسمية، وكوفيد-19، والإيبولا، والالتهابات الرئوية البكتيرية المتغيرة، بالإضافة إلى مسببات الالتهابات البكتيرية الأخرى. ومن الأسباب أيضاً التهابات المسالك البولية وأمراض الجهاز الهضمي والتهابات الكبد.
هذا ويعتبر الإنتان المكتسب من المستشفى أشدّ فتكاً، لأنه عادة ما يحدث بسبب سلالات البكتيريا المقاومة لأنواع عديدة من المضادات الحيوية.
قد يهمك الإطلاع على مخاطر عشوائية تناول المضادات الحيوية.
الصدمة الإنتانية هي المرحلة الأكثر خطورة. هل يمكن أن تشرح لنا المزيد عنها؟
الصدمة الإنتانية هي المرحلة الأكثر خطورة والناجمة عن الإنتان. عندما يصبح الإنتان في حالة سيئة للغاية، فهو التهاب يمكن أن يؤثر على الدورة الدموية ويسبب انخفاضاً خطيراً في مستويات ضغط الدم إلى جانب فشل الأعضاء.
الصدمة الإنتانية تهدد حياة المريض، وتتطلب رعاية طارئة فورية، لأنّ التشوهات والمشاكل التي تسببها قد يكون لها تأثير قوي يهدد فرص بقاء المريض على قيد الحياة. ويجب على المرضى الذين يعانون من الصدمة الإنتانية الدخول على وجه السرعة إلى وحدة العناية المركزة لتلقي أدوية ضبط ضغط الدم وعلاجات دعم الأعضاء، مثل أجهزة التنفس والعلاج ببدائل وظائف الكلى (غسيل الكلى).
كيف تؤدي الصدمة الإنتانية إلى وفاة المريض؟
في حال تعرّض المريض لإنخفاض كبير في مستوى ضغط الدم، يمكن أن تؤثر الصدمة الإنتانية على قدرة الدورة الدموية والجهاز الأيضي على توفير كميات كافية من الأكسجين للأنسجة والعناصر الأخرى الضرورية للبقاء على قيد الحياة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى خلل في وظائف القلب والرئتين والكلى والدماغ. كما يمكن أن تنتج حالة من الصدمة وفشل العديد من الأعضاء والوفاة.
من هنا أشدد على خطورة الإنتان وإعتباره حالة طارئة تحتاج إلى رعاية طبية عاجلة جداً.
ما هي أعراض الإنتان؟
آلام العضلات من أعراض الإنتان
يمكن إنقاذ الكثير من الأرواح، إذا كنا على علم بأعراض الإنتان. ولعل أبرز الأعراض أو العلامات، هي:
– تداخل الكلام أو الشعور بالارتباك أو عدم التركيز.
– انخفاض التفاعل وتراجع القدرة على تناول الطعام لدى كبار السن.
– سرعة دقات القلب.
– رعشة شديدة أو آلام في العضلات.
– التبول القليل أو عدم التبول طوال اليوم.
– بشرة ساخنة أو متعرقة.
– ضيق شديد في التنفس.
– تغير لون الجلد أو تبقعه.
أما بالنسبة للمراحل الأكثر شدّة من الإنتان، مثل الصدمة الإنتانية، فيواجه المريض:
– صعوبة في الوقوف.
– خمول الشديد.
– تغييرات كبيرة في الحالة الذهنية، مثل الشعور بالارتباك الشديد.
ربما يهمك الإطلاع على متلازمة التعب الشديد.
هل تتوفر علاجات فعّالة للإنتان؟
بمجرد تشخيص الإنتان من خلال ملاحظة العلامات السريرية، يخضع المريض للمزيد من اختبارات الدم، وفي بعض الحالات، يتم الحصول على اختبارات التصوير بسرعة خلال ساعة واحدة (تسمى الساعة الذهبية)؛ والأمر نفسه بالنسبة للعلاج (مضادات الميكروبات والسوائل الوريدية)، لأن ذلك سيعزز فرص شفاء المريض.
ومن الجدير بالذكر أن علاج الإنتان في معظم الحالات يكون معالجة اجتهادية (علاج يعتمد على حدس وخبرة الطبيب وفقاً لحالة كل مريض)، فلا يمكننا الانتظار لساعات أو أيام للحصول على نتائج الإختبار التأكيدي، فالوقت في هذه الحالة منقذ للحياة. ومع ذلك، فإن نتائج الاختبار، مثل الزراعة الميكروبية، وبمجرد صدروها ستوجهنا لإستهداف العامل المسبب لمرض بحد ذاته.
يقوم الأطباء عادة بإعطاء مجموعة مضادات حيوية واسعة النطاق لمعالجة العدوى الأساسية، مع استخدام جرعات السوائل الوريدية للحفاظ على تدفق الدم الكافي إلى الأعضاء ومنع ضغط الدم من الانخفاض إلى مستوى خطير. إذا ظل ضغط الدم منخفضاً، يلجأ الأطباء إلى إعطاء المرضى دواءً وريدياً منشطاً لضغط الدم، وهو دواء يستخدم لتضييق الأوعية الدموية لضمان وصول تدفق الدم الكافي إلى الأعضاء الحيوية للمرضى.
ولضمان استجابة المرضى الذين تمَّ تشخيص إصابتهم بالإنتان للعلاج، تتم مراقبتهم عن قُرب وفي حالة حدوث فشل في الأعضاء، يتم تقديم الرعاية الداعمة للحياة، مثل غسيل الكلى أو التنفس الاصطناعي.
هل من طرق للوقاية من إنتان الدم، عدا تناول المضادات الحيوية في حال وجود التهاب؟
– تلقي اللقاحات بانتظام، وذلك يشمل فيروس كورونا والإنفلونزا وجدري الماء والالتهاب الرئوي البكتيري واللقاحات الأخرى الموصى بها بحسب عمرك وحالتك الصحية. يمكن للّقاحات أن تمنع أو تحدّ من شّدة هذه الحالات وتقلل من احتمال انتهائها بالإنتان.
– إدارة الأمراض المزمنة: إن الحفاظ على استقرار ضغط الدم والسكري وأمراض الكلى وغيرها من الحالات سيسهم في تعزيز قوة الجسم وقدرته على مكافحة العدوى. كما أن اتباع نظام غذائي صحي يدعم جهازك المناعي ويساعده على العمل بشكل صحيح. إن زيارة طبيبك بانتظام وطلب الرعاية للأمراض المزمنة قد يقلل من خطر الإصابة بالإنتان أيضاً.
– إتباع أسس النظافة الشخصية الجيدة: غسل اليدين بالماء والصابون، أو استخدام معقم اليدين، خاصة بعد استخدام الحمام أو العطس أو السعال، وقبل تناول الطعام، وبعد الاختلاط بمجموعات كبيرة أو في الأماكن العامة. كما الحفاظ على نظافة الجروح وتغطيتها حتى تلتئم.
– التعرّف على العلامات التحذيرية للإنتان: تشمل ارتفاع معدل ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم، والحمى، والقشعريرة، والارتباك، وضيق التنفس، والألم الشديد والجلد الرطب. في بعض الأحيان يشعر البعض بالإغماء أو بالدوار.
– طلب الرعاية الصحية العاجلة: إنتان الدم حالة طبية طارئة. إذا لاحظت أياً من العلامات التحذيرية، يجب طلب الرعاية الفورية، خصوصاً في حال وجود عوامل الخطر التي سبق ذكرها.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالإنتان؟
– الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
– المصابون بالسرطان، أو أمراض الكلى أو الكبد.
– مرضى السكري، خاصة إذا لم تتم إدارة المرض بشكل جيد؟
– الأشخاص الذين تخطوا سن الـ 65 عاماً والأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام واحد.
– بعض الأدوية قد ترفع خطر الإصابة بالإنتان. تعمل أدوية الستيرويد (الكورتيزون)، مثل البريدنيزون أو الهيدروكورتيزون، على تثبيط جهاز المناعة وقد تسبب إخفاء العلامات المبكرة للعدوى، مما يؤخر العلاج.