ساعات قليلة ويبدأ مهرجان الجونة السينمائي لهذا العام 2024 في نسخته السابعة، والتي سوف تشهد حضور كثيف ومميز لعدد من نجوم ومشاهير الوسط الفني إلى جانب تنافس الأفلام المشاركة في مسابقات المهرجان المختلفة والتي يصل عددها إلى لنحو 71 فيلمًا روائيًا وتسجيليًا طويلاً وقصيرًا من 40 دولة، ومن خلال السطور التالية سوف تبرز التفاصيل الكاملة لتلك الدورة.
قصص متنوعة ومثيرة للأفلام المشاركة في مسابقات مهرجان الجونة
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
وتضم قائمة الأفلام الروائية الطويلة، مجموعة من الأفلام المميزة سواء في أحداثها أو قصصها، ومن بين هذه الأفلام، فيلم ” 196 متر” والذي جاءت أحداثه مليئة بالتشويق والآثارة وذلك حول قضية اختطاف فتاة، والتي آثارت عاصفة من الشكوك والتوتر في المدينة، تحاول الأخصائية النفسية البارعة دنيا ومحقق الشرطة سامي حل اللغز المحير وكشف شياطين الماضي.
وفيلم آخر بعنوان ” أثر الأشباح” والذي سوف ينقل المشاهدين نحو جرعة مكثفة من الإثارة، وتدور أحداثه حول ” حميد ” وهو عضو في جماعة سرية يكلَّف بمهمة تأخذه إلى فرنسا، حيث يقتفي درب جلاده السابق ويتحتم عليه أن يواجهه.
أما فيلم ” أضواء صغيرة” والذي جاءت قصته في إطار درامي اجتماعي ، حول فتاة تدعى ” أملكا “ابنة الأعوام الستة، من جدال عائلي، فتقضي فترة ما بعد الظهر في هدوء على البحيرة. تعرف لاحقًا أن الضجة كانت بسبب خطة والدتها للانفصال والعيش كفنانة في براغ
لننتقل إلى أحداث درامية آخرى تتخللها مواقف كوميدية يشهد عليها فيلم ” الفستان الأبيض” حيث سلطت قصته الضوء على فتاة تدعى ” وردة ” والتي تنطلق في رحلة بحث عن فستان زفافها عشية يوم عرسها، وسرعان ما يتحول ذلك البحث إلى رحلة لاكتشاف الذات، إذ تواجه علاقتها بالقاهرة وعلاقتها بنفسها
ومن خلال فيلم آخر بعنوان “الجميع يحب تودا” سوف نرى نموذجاً للكفاح من أجل تحقيق الحلم ، وذلك من خلال “تودا” التي تحلم بأن تصبح شيخة، كما يسمون المغنية الفلكلورية حسنة السمعة في المغرب، تغني في حانات قريتها الصغيرة عن الحب والثورة، بينما تخطط للفرار إلى الدار البيضاء.
ومازالنا في مرحلة الكفاح والأحلام ولكن هذه المرة ستكون عبر فيلم بعنوان “سام” الذي دارت أحداثه داخل جدران مدرسة محلية لتعليم عرض الأزياء، حيث تتشكل رابطة فريدة بين مراهقتين تحلمان بالهرب من كآبة بلدتهما. يدفعهما الحلم بحياة أفضل إلى انتهاك أجسادهما بطرق بالغة التطرف.
وبعيداً عن مدرسة الموضة والأزياء سوف نذهب إلى مدرسة آخرى أكثر صارمة وذلك في فيلم ” الفتيات يبقين فتيات”، حيث تستكشف ميرا والتي تتواجد بداخل جدران هذه الصارمة وهى ابنة الـ16 عامًا الرغبة والرومانسية، لكن صحوَتها المتمردة تتعرقل على يد والدتها، تلك التي لم تتجاوز مراهقتها أبدًا .
أما خلال أحداث فيلم ” السلام عليك ياماريا” والتي جاءت مرأة يعكس مشاعر الخوف الناتجة عن الهوس الذي يدخل فيه البعض بسبب موقف تعرض له في حياته، هذا ماحدث بالفعل مع ماريا كاتبة صاعدة دخلت حديثًا عالم الأمومة، تتعثر في عنوان صادم: امرأة فرنسية تُغرِق توأمها ذوا الـ10 أشهر في حوض الاستحمام. يطاردها الخبر ويتحول إلى هوس في حياتها
ولازلنا في مشاعر الأمومة ولكن بلون وشكل مختلف سوف يراها الجمهور في فيلم ” ماء العين” ، وجاءت قصته حول “عائشة التي تعيش في قرية منعزلة شمال تونس وتجد نفسها محاصرة بين أمومتها وبحثها عن الحقيقة، حين يعود ابنها من الحرب مع زوجته الغامضة الحامل، مهدداً بفرض الظلام على كامل القرية.
وعلى غرار الأفلام التي تسلط الضوء على ” الأمومة” يوجد فيلم آخر ينقل المشاهدين إلى مغامرة آخرة وهو ” من لا أفارقة” حيث تعيش ” مونا” مع ابنها جويل، الذي يُقال عنه “بطيء الاستيعاب”. يحب جويل زميلة عمله التي تعاني أيضًا من إعاقة. وعندما تعلم مونا بعلاقتهما، تتفكك الرابطة بينها وبين جويل.
بينما جاءت قصة فيلم ” شكراً لأنك تحلم معنا” مليئة بالتحدي خاصة بعد أن قررت شقيقتان وضع خلافاتهما جانبًا عقب وفاة ” الأب” الذي ترك مبلغاً كبيراً في البنك لتتحدان لمواجهة القانون المستمد من الشريعة الذي يمنح أخيهما ضِعف ميراث الواحدة منهما.
” غريب” وكما يقال المثل الشعبي الدارج “اسم على مسمى” ، حيث تدور أحداث هذا الفيلم في غرف احدى الفنادق والتي يصبح كل من يتواجد بها غرباء، ذلك المكان الذي يصبح ملكك لبعض الوقت، وتتقاطع فيه حيوات النزلاء والعاملين. يتأمل الفيلم الحميمية المؤقتة التي تحتفظ بها تلك الغرف
أما محبي القصص الدرامية التي تميل إلى الطابع الأسري والعائلي فسيكون موعدهم مع فيلم ” المملكة” حول فتاة مراهقة تدعى ” ليزيا” حيث بحلول صيف 1995 يقتحم مجهول حياتها ويأخذها إلى فيلا معزولة حيث يختبئ والدها وسط عشيرته، وتندلع حرب تُقوِّي رابطة الأب والابنة.
مسابقة الأفلام القصير
وجاءت قصص الأعمال السينمائية المشاركة في مسابقة الأفلام القصيرة هى الآخرى مشوقة ومختلفة، البداية ستكون من خلال فيلم ” أمانة البحر” الذي يقدم صورة للحلم ولكن بطريقة مغايرة وغير مألوفة في حياتنا اليومية، حيث قرر شاب يدعى “زين” أن يسرق جثة والدته وقت مراسم التحضير لدفنها لكي يحقق حلمها الذي طال انتظاره. يبتعد بسيارته عن قريته المتواضعة ليبدأ رحلة ستغير حياته إلى الأبد.
وإلى قصة شاب آخر يدعى ” محمد” والتي تصدرت أزكته محود أحداث فيلم ” برتقالة من يافا” ولاسيما عندما يقرر أن يستقل سيارة أجرة لكي تعبر به من نقطة تفتيش. وعندما يكتشف السائق فاروق أن محمد فشل بالفعل في تجاوز نقطة تفتيش أخرى، هنا تبدأ الأزمة.
وإلى محبي العزلة والجلوس في المنازل ، سيكون فيلم “بلا صوت” مناسباً لهم، حيث قدم شاب يدعى “دان” صورة مناسبة لهم، حيث كان يفضل قضاء معظم وقته بداخل جدران منزله، وعندما كان يخرج يشعر بالعزلة ولا يشعر بالراحة سوى في النوادي الليلية، حيث موسيقى التكنو ذات يوم، تغير عيون طفل نظرته إلى العالم.
بينما سيطر على جزء من أحداث فيلم “حوريات البحر” جانباً من الخيال ، إذ تسلط قصته الضوء على قصة كفاح الأرمل وصاحب المطعم دانييل لتربية ابنته وسط أزمة اقتصادية طاحنة. تستخدم ابنته صَدَفة لاستدعاء حوريات البحر بحثًا عن أصدقاء جدد، فتأخذ حياتهما منعطفًا أخطر.
بينما قدم فيلم ” الرجل الذي لم يستطع أن يبقى صامتًا ” نموذجا للشجاعة ورفض الاستسلام للخوف، ففي عام 1993، في البوسنة والهرسك، أوقفت ميليشيا عسكرية قطار ركاب في أثناء عملية تطهير عرقي. ومن بين 500 راكب، رجل واحد فقط يجسر على التصدي لهم.
حقبة زمنية قديمة بأخذنا اليها فيلم ” الرقص في الزاوية” الذي دارت أحداثه عام في عام 1989، حيث لم تعد أجهزة التلفاز المُلونة تدل على الرفاهية في بولندا، وبدأت الشاشات في المنازل البولندية تتحول إلى ما يشبه الواقع. لكن هل الواقع ملون حقًا؟
واستمرارً لحالة التخبط التي عاشتها بعضاً من الشعوب في الحقب الزمنية المختلفة، جاءت أحداث فيلم ” فجر كل يوم” في خمسينيات القرن الماضي، داخل المجتمع الكوزموبوليتاني المصري المنقسم بين القوميين والقوى الاستعمارية، يستكشف الطفل نبيل الحدود الاجتماعية الجديدة التي تؤطر علاقته بجارته وصديقته ميريل في عصر ما بعد التأميم.
وتضمنت قائمة مسابقة الأفلام القصيرة جانباً من الرومانسية وذلك خلال أحداث فيلم ” كرسي من أجلها “، حيث تذهب لميس لزيارة حبيبها السابق فون حاملةً معها أنباء قد تؤدي إلى نبش جراح قديمة، لكن فون بدوره يخفي سرًا، وسيتحتم عليهما مواجهة قرار غيَّر مسار حياتهما
وفيلم آخر قدم نموذجاً مغلف باللون الرومانسي وهو ” كيف استعدنا والدتنا” والذي دارت أحداثه حول أب لأربعة أطفال في سريره بعد وفاة زوجته حزنًا عليها. يحاول أبناؤه إخراجه من تلك الحالة، فيقلد الابن الأكبر صوت والدته، وسرعان ما تخرج اللعبة عن السيطرة وتتماهى الشخصيات.
وعلى عكس الأفلام السابقة قدم فيلم ” مابعد” حياة آخرى ومختلفة لزوجان “مها ” و ” سليمان” وهما زوجان يعيشان في مزرعتهما المنعزلة، حيث يعتنيان بمحصول الحيوانات وينغمسان في نقاش اختيارات أبنائهما، إلى أن يظهر في الصورة غريب يعكر صفو حياتهما مُعيدًا إليها ماضٍ أليم.
وبعيداً عن الاجواء الرومانسية والدرامية ، نتجه نحو الإثارة والتشويق المكثف خلال قصة فيلم ” المراقِب” ففي لوروجينا النائية، يتمركز الرقيب بولوت، وهو جندي قبرصي تركي شاب، لحراسة الحدود. وبينما يقف بكل إخلاص لمراقبة المناظر الطبيعية الهادئة وسط الروتين والعزلة، تتكشف أحداث غريبة تتحدى جوهر مهمته.
ثم نتوقف قليلاً أمام قصة فيلم “نظرية غريغوريوس” الذي ينقل المشاهد نحو معاناة حقيقية، حول رجل لا يتذكر شيئًا عن إحدى فترات حياته. بهت كل شيء، لكن الشيء الوحيد الذي يزعجه هو تلك الموسيقى التي نسي ماذا تعني له لكنه لا يستطيع إيقافها في رأسه.
الأفلام الكلاسيكية ..قصص محفورة في أذهان الجمهور
وما يميز هذه الدورة هو اختيار القائمين عليها لمجموعة من الأفلام الكلاسيكية والتي لاتزال قصصها محفورة في أذهان جمهور ومحبي السينما مثل فيلم ” السلم والتعبان” للمخرج طارق العريان الذي عرض عام 2001، وتدور أحداثه حول “حازم” وهو شاب متعدد العلاقات النسائية، لا يؤمن بالحب، وفشل في زيجته الأولى. عندما يقابل ياسمين، الفتاة الرومانسية الجادة، يسعى لإضافتها إلى قائمة انتصاراته العاطفية، لكن للحب حسابات أخرى
ما الفيلم الثاني فهو الفيلم الليبي “عمر المختار” للمخرج مصطفى العقاد، ودارت أحداثه في حقبة زمنية قديمة وبالتحديد في عام 1929، حيث يُعيّن الديكتاتور الفاشي الإيطالي بينيتو موسوليني الجنرال رودولفو غراتسياني واليًا على المستعمرة الليبية للقضاء على المقاومة التي يقودها زعيم حركة التمرد عمر المختار، وشارك في بطولة الفيلم أنطوني كوين، أوليفر ريد، إيرين باباس
أما الفيلم الثالث هو ” قشر البندق ” للمخرج خيري بشارة، ودارت أحداثه حول شخص يدعى “رؤوف” الذي قرر اللجوء إلى خطة بديلة لمواجهة انخفاض إيرادات الفندق الذي يديره، إلى مسابقة لتناول أكبر كمية من الطعام بهدف جذب المزيد من النزلاء، لكن يتهاتف على الاشتراك المئات من الفقراء وتتحول المسابقة إلى مأساة.
أبرز المكرمين بالدروة السابعة لمهرجان الجونة
يكرم مهرجان الجونة السينمائي في دورته السابعة لهذا العام 2024 عدداً كبيراً من النجوم، منهم الفنان محمود حميدة منحه جائزة الإنجاز الإبداعي احتفاءً بالأدوار التي بَرَع في تقديمها في السينما والتلفزيون، إلى جانب الدور الذي يلعبه بعيداً عن أعين الكاميرات في تطوير السينما المصرية، سواء أكان ذلك عن طريق الإنتاج عبر شركة “البطريق للإنتاج الفني” التي أسسها في التسعينيات، أو كان في الإعلام عبر مجلة “الفن السابع” التي اهتم بإصدارها لعدة سنوات.
كما يكرم المهرجان أيضاً كلاً من جوانا حاجي توما، وخليل جريج، وهما سينمائيان لبنانيان، شملت مسيرتهما التي انطلقت في التسعينيات، فنون الفيديو والتصوير والأفلام السينمائية. ورغم أنّ فنهما يتعمق في مجموعة متنوعة من المواضيع، يظلّ افتتانهما بالقصص، حقيقية كانت أو خيالية، هو جوهر أعمالهما المشتركة.
مهرجان الجونة السينمائي
يعد مهرجان الجونة السينمائي أحد المهرجانات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويهدف إلى عرض مجموعة متنوعة من الأفلام من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على السينما العربية، لجمهور متحمس ومطلع، كما يسعى إلى تعزيز التواصل بين الثقافات من خلال فن صناعة الأفلام.
ويهدف المهرجان إلى ربط صناع الأفلام من المنطقة بنظرائهم الدوليين بروح التعاون والتبادل الثقافي. علاوة على ذلك، يهدف المهرجان إلى تعزيز ودعم نمو الصناعة في المنطقة وتوفير منصة لصناع الأفلام لعرض أعمالهم، بالإضافة إلى اكتشاف أصوات ومواهب جديدة تثري صناعة السينما.