مع انتشار الأمراض المناعية التي تهاجم الأعصاب مثل: الفيبروماليجيا، الصداع المتكرر، وآلام العمود الفقري، بات الأشخاص يبحثون عن طرق بديلة للأدوية، لاسيّما وأن هذه الأمراض مزمنة؛ أيْ لا شفاءَ نهائياً منها.
أصبح الطب الحديث يتوجّه نحو البحث عن حلول بديلة وغير تقليدية، ومنها: التأمُّل واليوغا وتقنيات التنفس وحتى ممارسة الرياضة، جميعها طرق تخفف الآلام وتحُدُّ من أعراض الأمراض المرتبطة بالألم، وتساعد على تحسين جودة الحياة.
هل اليوغا تخفف الآلام؟
من بين الطرق الطبيعية أو المنزلية لتخفيف الألم، هي اليوغا وتمارين التنفس العميق؛ فهي تسهم بشكل كبير في التعامل مع هذه الآلام وتخفيف حِدتها. لكن يجب أن يتم ذلك بعد أخْذ مشورة اختصاصي؛ لأن كل نوع ألم له تقنية خاصة لمجابهته، كما أن الانتظام والمداومة شروط أساسية لاستبدال حلول منزلية أخرى بالمسكنات والأدوية.
ما هي الآلام المزمنة؟
تمارين اليوغا تخفف من الألم-
الآلام المزمنة هي عبارة عن رسائل كيميائية يُصدرها الجهاز العصبي؛ استجابةً لتغيّرات فسيولوجية وكيميائية تحدث داخل الجسم. تتجلى هذه الرسائل في صورة آلام وأوجاع تصيب مناطق مختلفة في الجسم، وغالباً ما تكون مستمرة وتؤثر على الحياة اليومية للأشخاص المصابين بها.
تقنيات اليوغا لتخفيف الآلام
تُعتبر اليوغا مزيجاً من تمارين التنفس والحركات الجسدية التي تهدف إلى دعم الجهاز العصبي والعضلي. هذه الرياضة لا تقتصر على تعزيز القوة الجسدية فحسب؛ بل تساعد أيضاً في تحسين وظائف الجسم الكيميائية والعصبية. فيما يلي بعض الطرق التي تعمل بها اليوغا على تخفيف الآلام:
التنفس العميق
من خلال تمارين التنفس العميق، يتم دعم وصول الأكسجين إلى كافة خلايا الجسم، وخصوصاً تلك المتواجدة في العمود الفقري؛ حيث يتمركز الجهاز العصبي. وصول الأكسجين بكفاءة للجهاز العصبي، يعزز من قدرة الجسم على التعامل مع الألم.
تمارين اليوغا الحركية
التنقُّل بين تمارين اليوغا المختلفة يحفز المستقبلات العصبية الموجودة في اللفافة، وهي شبكة من الأنسجة تغطي أعضاء الجسم وتربطها بالجهاز العصبي. هذه المستقبلات تعمل على إرسال إشارات تساعد في تخفيف الألم وتحسين الاستجابة العصبية.
تمارين الاسترخاء
تمارين الاسترخاء تلعب دوراً محورياً في تمديد: الأنسجة، العضلات، والأوتار. عندما يتم الدمج بين التمدد والتنفس العميق، يتحسن تدفُّق الدم ويقل التوتر العضلي؛ مما يؤدي إلى تخفيف الألم بشكل كبير.
تأثير اليوغا على الجهاز العصبي
عند ممارسة اليوغا مرة أو مرتين أسبوعياً، يتم تنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي، وهو المسؤول عن حالة الاسترخاء في الجسم. يعمل هذا الجهاز على تقليل مستويات التوتر وتحسين الاستجابة الطبيعية للجسم تجاه الألم؛ مما يؤدي إلى تخفيف الآلام المزمنة.
وتقول مدربة اليوغا المعتمدة آلاء: “إن رياضة اليوغا أصبحت واحدة من أهم الوسائل التي يعتمد عليها العديد من الأطباء كجزء من العلاجات البديلة للأمراض المزمنة”. وعزَت السبب إلى تأثيراتها الإيجابية على الجهاز العصبي والعضلي، تفتح هذه الرياضة أفقاً جديداً أمام المرضى الذين يبحثون عن طرق طبيعية لتخفيف آلامهم وتحسين نوعية حياتهم.
دراسات أكدت فعالية اليوغا في تخفيف الألم
هناك عدة دراسات عززت فرضية أن اليوغا تساعد في تخفيف الألم، ويمكن الاعتماد عليها في علاج الأمراض المزمنة المرتبطة بألم الأعصاب.
اليوغا تحسّن مرونة العضلات
نشرت مجلة Pain دراسة تُظهر أن تمارين اليوغا الجسدية مثل: “تمدد القطة”، و”حركة الجسر”، تُساعد في تحسين مرونة العضلات وتقوية الأجزاء التي تتأثر عادةً بالألم، مثل منطقة أسفل الظهر والركبتين.
تقليل التوتر
أشارت دراسة أُجريت عام 2010 في Journal of Alternative and Complementary Medicine إلى أن اليوغا المنتظمة، تساعد في تقليل مستويات الكورتيزول وهو هرمون التوتر، من ثَم يقل شعور المريض بالألم المزمن تدريجياً.
تحسين النوم
الألم قد يحرم المريض من النوم، لكن اليوغا من جانب آخر تحسّن جودة النوم وهو أمر أثبته العلم. وفي دراسة نُشرت في Journal of Clinical Sleep Medicine، أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يمارسون اليوغا، يستمتعون بنوم هادئ وعميق، ومن ثَم هذا يحُد من الألم، كما يقلل من الشعور بالإجهاد ويعزز التعافي الجسدي.
تجربة واقعية حول فوائد اليوغا
كشفت مدربة اليوغا آلاء، أن لديها عملاء يعانون من أمراض مزمنة ترتبط بالألم، لكن مع المداومة على ممارسة اليوغا، تمكنوا من تخفيف الألم. وتقول: “لا يمكن القول إنه تم الشفاء التام، لكن معدلات الألم قلّت كثيراً، وتمكّن عددٌ من المرضى من العودة إلى الحياة الطبيعية ولو بشكل نسبي”.
دينا، سيدة أربعينية، تعاني من الفيبروماليجيا، تمارس اليوغا منذ عام كامل، وتتحدث لـ«سيّدتي» عن تجربتها: “كنت أتناول المسكنات بشكل متكرر على مدار اليوم، كما كنت أتناول المهدئات ودواء آخر للمساعدة على الإخلاد إلى النوم. غير أن ممارسة اليوغا مرتين أسبوعياً، ساعدتني على التخلُّص من الأدوية؛ لأنها خففت الألم إلى أقل معدلات”.