فاجأ رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، متابعيه ببيان توضيحي حمل قراراً غير مسبوق بإعادة النظر في إنتاج فيلم من بطولة أحمد حلمي أثار ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وواجه اتهامات بالإساءة للمصريين، بسبب قصته التي تدور حول نصّاب من جنسية مصرية يمارس حيله في السعودية.
وكتب تركي آل الشيخ في بيانه: “تأسّس صندوق الأفلام Big Time من أجل دعم وتعزيز المحتوى وصناعة الأفلام في الوطن العربي. ونظراً لسوء الفهم الذي رافق الإعلان عن أحد الأفلام في الفترة الماضية، فإننا نود التأكيد على أننا قررنا إعادة النظر في إنتاج أحد الأفلام التي تم الإعلان عنها، أو العمل على تطوير السيناريو والحوار وقصة الفيلم المعني. كما نطمح أن تحقق مجموعة الأفلام المُعلن عنها مسبقاً طموح المشاهد العربي”. وأضاف: “ويأتي هذا القرار، رغبةً في قطع الطريق أمام كل من حاول أو يحاول الاصطياد بسوء نية من طيور الظلام، مُلتزمين في ذلك بتعزيز العلاقات الأخوية الطيبة التي تجمع بين شعبي المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية”.
مستخدمو مواقع التواصل استقبلوا البيان باعتباره رد فعل على الغضب الكبير الذي صاحب إعلانه سابقاً عن فيلم أحمد حلمي الجديد “النونو”، الذي تدور أحداثه حول نصاب كبير، اختار القائمون على الفيلم أن يكون مصرياً، يقوم بعمليات نصب على رواد بطولة العالم الإلكترونية المقامة في المملكة السعودية وعلى المعتمرين والحجاج. واعتبر معلّقون قصة الفيلم مسيئة للمصريين لتحقيق ترويج وتسويق للمملكة على حسابهم، وهاجموا آل الشيخ وحلمي على مدار الأيام الماضية، وطالبوا الأخير بالانسحاب واحترام جمهوره من المصريين.
وكان آل الشيخ قد أعلن سابقاً عن انطلاق صندوقBig Time الاستثماري المخصص لرفع جودة المحتوى العربي وصناعة الأفلام، والذي تدعمه هيئة الترفيه ووزارة الثقافة السعوديتين، ويشارك في إنتاجاته كبار النجوم العرب، خاصة المصريين. وأعلن عن إنتاج أفلام ضخمة عدة كان منها “أولاد رزق 3” الذي حقق ايرادات ضخمة وغير مسبوقة في الفترة الأخيرة.
نجوم وفن
أزمة محمد صبحي وتركي آل الشيخ: من الترفيه إلى السياسة
هل خضعت هيئة الترفيه للشعب المصري؟
الناقد الفني طارق الشناوي رأى أن تصرّف آل الشيخ هو “رضوخ لضغط المصريين”، الذين عبّروا عن غضبهم من قصة الفيلم، وحولوا مواقع التواصل إلى منبر يهاجمون عبره سياساته وتطويع الفنانين المصريين لرغبته، وتحقيق أهدافه. وأكد الشناوي لـ”العربي الجديد” أن فكرة الفيلم فعلاً مسيئة للمصريين، وتساءل لماذا لا تنتج هيئة الترفية فيلماً بنفس الفكرة ويكون بطله سعودياً، ولماذا يجب أن يكون مصرياً، رغم أن الفكرة قابلة للتطبيق ولكن مع منتج آخر أو ظروف مختلفة؟
أما أستاذة علم الاجتماع السياسي، سامية الساعاتي، فبرّرت غضب المصريين بأنه رد فعل طبيعي لشعورهم بمحاولات التحكم في قواهم الناعمة بوفرة مالية كبيرة من هيئة الترفيه السعودية، وزاد من ذلك الشعور فكرة الفيلم التي استحضرت الفعل المسيء ونسبته للمصريين وليس إلى أي جنسية أخرى. وأضافت الساعاتي لـ”العربي الجديد” أن تلك الأسباب كانت واضحة، وأجبرت رئيس هيئة الترفيه على التراجع عن فكرة الفيلم، وأن يبرّر التراجع بعدم الإساءة للعلاقات بين البلدين.
واتفق معهما السيناريست عباس أبو الحسن في أن رد فعل المصريين وتوقيت قرار آل الشيخ صائبان، وأرجع ذلك إلى انتقال ثقل الفن في المنطقة من القاهرة ومحاولة الرياض لاجتذابه، وهذا حقها وحق كل دولة في صناعة قوى ناعمة ومؤثرة لها، ولكن ليس على حساب القاهرة والإساءة للمصريين، بحسبه. وقال لـ”العربي الجديد” إن المواهب والكوادر البشرية هي قوة مصر الناعمة الحقيقية، ولا مانع من التعاون العربي في الإنتاج، ولكن ليس لحساب طرف على آخر.