لم يكن لقب “سيدة الشاشة العربية” من فراغ. فمنْ منا لا يذكر “آمنة” الفتاة البدوية البريئة في “دعاء الكروان” التي تمردت على العادات والتقاليد في صعيد مصر، أو “منى” الأم في “إمبراطورية ميم” التي تعيش مع أولادها الستة بمراحل التعليم المختلفة وتعاني من مشاكلهم، أو “نعمة” في “أفواه وأرانب” الفتاة الريفية المكافحة التي تترك قريتها وتكافح من أجل مستقبل أفضل.
هي الفنانة الراحلة فاتن حمامة، والتي سجلت اسمها بحروف من نور، وتركت بصمة في قلوب كل محبيها وجمهورها، بالإضافة إلى إرث كبير من الأعمال السينمائية التي ظلت عالقة وراسخة في أذهان الجمهور، ويحل اليوم ذكرى ميلادها الـ 93، حيث ولدت 27 مايو 1931.
وبمناسبة ذكرى ميلادها سوف تتوقف عند أهم أفلام فاتن حمامة، والتي صنفتها من أفضل الممثلات في تاريخ السينما، تاركة إرثاً سينمائياً وصل إلى حوالي 100 فيلم، بينها أفلام صُنفت ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وفقاً لاستفتاء النقاد، وتميزت جميعها بتأثيرها في المشاهدين؛ حيث إنها تعالج قضايا اجتماعية تمس المواطن المصري.
فيلم “ابن النيل” 1951
وتدور أحداث الفيلم حول “حمدان – شكري سرحان” الشاب الريفي الذي لا يتحمل المسؤولية، ويستغل حب “زبيدة – فاتن حمامة” له ويعتدي عليها، فيرغمه أخوه الأكبر على الزواج منها، بعد فترة يتركها ويذهب للقاهرة ويتناهى إليه الظن بأن زوجته قد ماتت، فيعمل في كازينو مع تجار يشتغلون بتجارة ممنوعة، وهو يجهل حقيقة عمله، فيقبض عليه ويُسجن، لكنه يستوعب الدرس من رحلته.
والفيلم مُقتبس عن مسرحية جرانت مارشال “ريفربوي”. وقد شاركها في البطولة يحيى شاهين، محمود المليجي، سميحة توفيق، فردوس محمد، ومن تأليف وإخراج يوسف شاهين.
واطلعوا على أجمل ألحان محمد عبد الوهاب لأهم فناني العالم العربي.. تعرفوا إليها في ذكرى وفاته
فيلم “لك يوم يا ظالم” 1951
فيلم اجتماعي، يلقي الضوء على حياة امراة تنقلب حياتها رأساً على عقب بسبب صديق زوجها المنحرف. يطمع الصديق المنحرف بزوجة صديقه وبمالها، فيحاول إغراءها وابتزازها، ثم يقتل صديقه حتى يخلو له الجو. يتزوج الصديق من الأرملة الشابة، ويسرق أموالها وحليها، ومع الأيام يكتشف أمره ويدخل السجن.
وشاركها في البطولة محسن سرحان، محمود المليجي، فردوس محمد، عبد الوارث عسر، الفيلم تأليف نجيب محفوظ وإخراج صلاح أبو سيف.
منزل رقم 13
كما جاء ضمن الروائع فيلم “منزل رقم 13” وهو إنتاج عام 1952 للمخرج كمال الشيخ الذي اشتهر ببراعته في تقديم أفلام الحركة واﻹثارة الممزوجة ببعض المشاهد المرعبة. وتدور أحداثه حول شريف الذي يُعالج عند طبيب أمراض نفسية وعصبية، والذي يستغل مرضه في ارتكاب جريمة قتل تحت تأثير التنويم المغناطيسي.
وشارك في بطولته عماد حمدي، لولا صدقي، محمود المليجي، سراج منير، فردوس محمد، ومن تأليف وإخراج كمال الشيخ.
فيلم “صراع في الوادي” 1954
وتدور أحداثه في صعيد مصر قبل ثورة 23 يوليو. حول “أحمد – عمر الشريف” مهندس زراعي، يعود إلى قريته في جنوب الوادي حيث يعمل أبوه كناظر زراعة، فينجح في تحسين سلالة القصب، وهو يحب ابنة الباشا “آمال – فاتن حمامة” منذ أن كانا صغاراً،، إلى أن يريد أبوها وابن عمها الاستيلاء على محاصيل قرية أحمد ويلفق التهم لوالديه حتى يحكم عليه بالإعدام، وينتهي الفيلم بزواج أحمد من آمال ووفاة أبيها والقبض على ابن عمها رياض.
وشارك في بطولة الفيلم زكي رستم، فريد شوقي، عبد الوارث عسر، حمدي غيث، تأليف حلمي حليم وإخراج يوسف شاهين.
يمكنكم متابعة محمد نزار: أتمنى تحقيق مسيرة عمر الشريف والجيل الصغير أصبح له صوت.. فيديو خاص سيدتي
فيلم “أيامنا الحلوة” 1955
وتدور أحداثه حول فتاة فقيرة تدعى “هدى – فاتن حمامة” تسكن على السطوح بجوار ثلاثة شباب فقراء يقعون في حبها جميعاً، ويكتشفون وقوعها تحت وطأة المرض الذي يستلزم إجراء عملية جراحية، يتهافت الجميع على مساعدتها لإجراء العملية الجراحية. ولكنها تقع في حب شخص واحد منهم فقط، ولكنها ستتوفى في النهاية متأثرة بمرضها؛ ليشيد بأدائها جميع من شاهد هذا الفيلم ويثني بدور فاتن حمامة فيه.
وقد شاركها في بطولة الفيلم عمر الشريف، عبدالحليم حافظ، أحمد رمزي، زينات صدقي، زهرة العلا، ومن تأليف وإخراج حلمي حليم.
فيلم “دعاء الكروان” 1959
يعد من بين أفضل الأفلام التي قدمتها السينما المصرية، وجاء في الترتيب السادس في قائمة أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما، وذلك في الاستفتاء الذي أجرته مجلة “فنون” المصرية عام 1984، وتدور أحداثه حول “هنادي” خادمة عند مهندس الري، وتقع في حب ذلك المهندس الأعزب، لكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها؛ فتُقتل هنادي أمام شقيقتها “آمنة – فاتن حمامة” على يد خالها لتطهير عارها. هنا تقرر آمنة الانتقام لأختها من ذلك المهندس، فتلتحق للعمل كخادمة في منزله بعد شقيقتها، ثم تشرع في إحكام خطتها للانتقام منه. وتتصاعد الأحداث والمفاجآت وتنتهي بحب آمنة للبشمهندس ونسيانها لثأر أختها هنادي، حتى يقتل خالها البشمهندس مثلما قتل أختها وينتهي الفيلم على صراخ آمنة.
شارك في بطولة الفيلم مع فاتن حمامة أحمد مظهر، زهرة العلا، أمينة رزق، عبدالعليم خطاب، تأليف عميد الأدب العربي طه حسين، وإخراج هنري بركات.
فيلم “بين الأطلال” 1959
من أجمل الأفلام الرومانسية التي قدمت على الشاشة الفضية، ويحكي الفيلم قصة الكاتب محمود الذي يحب “منى – فاتن حمامة” بالرغم من أنه متزوج ويكبرها بكثير، وتتوالى التحديات لهذا الحب الذي ليس له مكان في الأرض إلى أن تتزوج منى من شخص آخر، ويصاب محمود بشلل نتيجة حادث سير ويتوفى أثر ذلك، وتعيش منى في بيت محمود لأنها ساعدت زوجته في ولادتها لتعيش بين الأطلال! ولكن الأقدار تجعل ابنة محمود تقع في حب كمال ابن منى.
وشارك في بطولته عماد حمدي، صلاح ذو الفقار، روحية خالد، صلاح نظمي، ومن تأليف يوسف السباعي، إخراج عز الدين ذو الفقار.
فيلم “الحرام” 1965
الفيلم الذي تم ترشيحه لنيل جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي عام 1965، كما تم تصنيفه في المركز الخامس ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد، وتدور قصته حول “عزيزة – فاتن حمامة” وزوجها عبدالله ضمن عمال التراحيل، يصاب الزوج بالمرض الذي يقعده عن العمل، يشتاق الزوج ذات يوم إلى البطاطا فتذهب عزيزة لتقتلعها من الأرض، يفاجئها أحد شباب القرية فيعتدي عليها وتحمل وتنجح في إخفاء حملها عن الأعين، وعندما تلد مولودها تخاف أن يفضحها صراخه فتقتله دون وعي. وتعود إلى العمل متحملة آلام جسدها ولكنها تصاب بحمى النفاس وتموت.
والفيلم بطولة زكي رستم، عبدالله غيث، عبدالعليم خطاب، كوثر العسال، وتأليف يوسف إدريس، وإخراج هنري بركات.
واطلعوا على 8 صيحات لفتتنا في مهرجان كان السينمائي 2024.. تعرفي إليها
فيلم “امبراطورية ميم” 1972
وتدور أحداثه حول “منى – فاتن حمامة” والتي تتحمل مسئولية تربية أبنائها الستة بعد وفاة زوجها، بجانب عملها في وزارة التربية والتعليم، ومع نمو الأولاد تزداد مشاكلهم، وتزداد معها أعباء والدتهم في التربية، خاصة مع وصول أغلبهم لسن المراهقة، فتتوتر العلاقة بينها وبينهم، وفي نفس التوقيت، تقع منى على نحو تدريجي في قصة حب مع رجل الأعمال “أحمد رأفت – أحمد مظهر”، لكنها لا تستسلم لمشاعرها بسهولة بسبب حيرتها بين تفرغها لأبنائها، وتفكيرها في مستقبلها مع أحمد.
وشاركها البطولة دولت أبيض، سيف أبو النجا، ليلى حمادة، حياة قنديل، وتأليف إحسان عبد القدوس، إخراج حسين كمال.
فيلم “أريد حلاً” 1975
يعتبر فيلم أريد حلاً من أهم أفلام السينما المصرية، لأنه بسبب شخصية فاتن حمامة في هذا الفيلم تم إصدار قانون مصري يضمن حق المرأة في طلب الطلاق ورد الشرف؛ لتستطيع فاتن حمامة إذهال الجميع بأدائها التمثيلي وإقناعهم من خلاله.
وتدور أحداثه حول “درية – فاتن حمامة” التي تستحيل الحياة مع زوجها الدبلوماسي “مدحت – رشدي أباظة” فتطلب منه الطلاق ولكنه يرفض، فتضطر إلى اللجوء للمحكمة ورفع دعوى للطلاق منه، في الوقت الذي تلتحق فيه كمترجمة في أحد الجرائد، وتنمو علاقة حب بينها وبين رؤوف صديق أخيها. تدخل درية في متاهات المحاكم وتتعرض لسلسلة من المشاكل والعقبات التي تهدر كرامتها.
ويشارك في بطولته ليلى طاهر، محمد السبع، أحمد توفيق، أمينة رزق، تأليف حسن شاه، إخراج سعيد مرزوق.
فاتن حمامة وانشغالها بقضايا المرأة
كما كان لسيدة الشاشة العربية الفنانة فاتن حمامة دور كبير في تقديم الأفلام السينمائية التي ناقشت وعرضت قضايا المرأة، وبشكلٍ خاص القضايا الاجتماعية والدفاع عن حقوق المرأة. وقد جسدت الفنانة فاتن حمامة العديد من الأفلام السينمائية التي تناولت الطبقات الاجتماعية المختلفة لعرض تلك القضايا.
وقد دخلت فاتن حمامة ضمن قائمة النجمات الأكثر ظهوراً كبطلات ضمن أفضل 100 فيلم سينمائي عربي عن المرأة، والذي نظمه مهرجان أسوان السينمائي بمشاركة 70 ناقداً، وتربعت على القمة بـ4 أفلام وهي”سيدة القصر” 1958، “دعاء الكروان”1959، “إمبراطورية ميم” 1972، فيلم “أفواه وأرانب” 1977.
فاتن حمامة ورحلة لم تكتمل مع السينما العالمية
كانت فاتن حمامة باستطاعتها أن تكون نجمة عالمية كبيرة، خاصة أنها تملك المؤهلات لتحقيق ذلك، لكنها لا تستطيع مفارقة مصر، وكانت لفاتن حمامة ثلاث تجارب تستطيع أن تنسبها للسينما العالمية حيث جسدتها وعُرضت خارج مصر.
فيلم “cairo” 1963
ولعل أولى هذه التجارب هو مشاركتها في فيلم “cairo” مع النجم جورج ساندز، وهو فيلم أمريكي، شارك فيه عدد من الممثلين المصريين من بينهم عزت العلايلي وأحمد مظهر.
وتدور قصته حول سرقة آثار توت عنخ آمون، وتم تصوير جزء منه في مصر، لذلك استعانوا بعدد من النجوم المصريين وكان بينهم فاتن حمامة.
فيلم “Shadow of Treason” 1964
وتدور قصته حول، ستيف الذي ينقذ صاحب أحد الملاهي الليلة من الموت، فتقرر الاستعانة به للعثور على كنز خبأة والدها في الصومال، ويقرر أخذ “نادية – فاتن حمامة” الفتاة العربية التي تلعب دورها الفنانة فاتن حمامة لمساعدته في العثور على هذا الكنز.
وهو فيلم إنجليزي من إنتاج بريطاني، وكانت بطلة الفيلم أمام جون بينتلي وأنيتا جونز.
فيلم “رمال من ذهب” 1971
الفيلم من إنتاج فرنسي مغربي وتم تصويره في عدد من الدول منها المغرب وإسبانيا وفرنسا، وشاركت فاتن حمامة البطولة مع الممثل الفرنسي الناشئ paul berg والمطرب المغربي عبدالوهاب الدوكالي، والفنان السوري دريد لحام، وإخراج يوسف شاهين.
ويتناول قصة حب طارق بابنة عمه زبيدة التي يتركها ويسافر إلى إسبانيا، لكنها تسافر له وتطارده.
إذا أعجبكم الموضوع اطلعوا على هند رستم نجمة بوستر مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الـ 40
رحيل فاتن حمامة
يذكر أن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة حصلت على أوسمة وميداليات الشرف من أشهر الرؤساء في مصر والوطن العربي مثل جمال عبد الناصر، محمد أنور السادات، ملك المغرب الحسن الثاني ابن محمد وغيرهم، وقد رحلت عن عالمنا في يوم 17 يناير 2015، تاركة لنا أجمل الأفلام التي ساهمت في تغيير تاريخ السينما المصرية.