مَن منّا لم ترتبط ذكرياته وخاصة في موسم الأعياد، مع الناظر “عبدالمعطي” في مسرحية “مدرسة المشاغبين” مع الزعيم عادل إمام، أو “رمضان السكري” في “العيال كبرت” مع العملاقين سعيد صالح وأحمد زكي. إنه الكوميديان الكبير الراحل حسن مصطفى، والذي نجح خلال مسيرته الفنية في إضحاك الملايين، من خلال أدواره الرائعة، ورحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 19 مايو 2015، عن عمر ناهز الـ82 عاماً.
نبذة عن بدايات حسن مصطفى
وُلد حسن مصطفى في القاهرة 26 يونيو 1933، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج فيه عام 1957، ويعَد من أحد رواد الكوميديا في المسرح العربي. تدرّج في الحقل المسرحي من أول السلم حتى وصل إلى أعلى درجاته؛ حيث عمل في فرقة إسماعيل يس، والفنانين المتحدين، ومسارح التليفزيون.
قدّم العديد من الأعمال المسرحية، وكان من أهمها: “مدرسة المشاغبين” مع عادل إمام وسهير البابلي، “العيال كبرت” مع أحمد زكي وسعيد صالح، “أصل وخمسة” مع محمد نجم، “سيدتي الجميلة” مع الراحل فؤاد المهندس، وغيرها من المسرحيات الرائعة.
كما قدّم العديد من المسلسلات التليفزيونية، أبرزها: “مفتش المباحث 1982، أهلاً بالسكان 1984، بكيزة وزغلول، أنا وأنت وبابا في المشمش، رأفت الهجان، وغيرها من الأعمال. كما كان أول مَن قدّم برامج المنوعات في التليفزيون عندما قدّم برنامج “من غير كلام”.
الفيلم الذي قدم حسن مصطفى لمهرجان كان السينمائي
اشتهر الراحل حسن مصطفى فى أداء الأدوار الكوميدية في معظم أعماله المسرحية والسينمائية، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون، أنه استطاع تقديم أدوار تراجيديا وأعمال بعيدة تماماً عن الكوميديا بمهارة فائقة.
فقد شارك حسن مصطفى “سيدة الشاشة العربية” فاتن حمامة في عدة أفلام، من أهمها: فيلم “الحرام” الذي أُنتج عام 1965. حين أسند إليه المخرج العبقري هنري بركات دور “عبدالمطلب”، وهو الدور الذي لفت إليه الأنظار ولعبه بجدارة حسن؛ حيث جسّد دوراً تراجيدياً. وكان أول ظهور له كوجه جديد في السينما؛ حيث يدور العمل في شريط سينمائي حول مأساة إنسانية دارت أحداثها عن عمّال التراحيل في أربعينيات القرن الماضي.
وشارك حسن مصطفى في هذا العمل مع نخبة من ألمع النجوم، أبرزهم: عبدالله غيث، وزكي رستم، وحسن البارودي، وعبدالعليم خطاب، وسامي سرحان. والفيلم قصة الأديب يوسف إدريس، وسيناريو وحوار سعدالدين وهبة.
ويُعتبر فيلم “الحرام” من أهم الأفلام في تاريخ السينما العربية؛ فقد فتح الأبواب للنجوم العرب إلى العالمية؛ حيث عُرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1956، ورُشح لجائزة السعفة الذهبية في المهرجان، كما تم تصنيفه في المركز الخامس ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد.
كما حصل على المرتبة 34 ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في السينما العربية، حسب استفتاء لنقاد سينمائيين ومثقفين، قام به مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013 في الدورة العاشرة للمهرجان.
قصة الفيلم
وتدور أحداث الفيلم حول عزيزة التي تعمل وزوجها عبدالله ضمن “عمال التراحيل”، ويصاب الزوج بالمرض الذي يُقعده عن العمل، وذات يوم يشتاق الزوج إلى أكل البطاطا؛ فتذهب عزيزة لتقتلعها من الأرض، ويفاجئها هناك أحد شبان القرية فيعتدي عليها وتحمل منه، وتنجح في إخفاء حملها عن الأعين، وكان من المعروف أن علاقتها الزوجية معدومة بسبب مرض زوجها؛ لذا عندما تلد مولودها تخاف أن يفضحها صراخه فتقتله من دون وعي أو قصد وهي تحاول أن تسكته، ومن ثم تعود إلى العمل متحمّلة آلام جسدها، ولكنها تصاب بحمى النفاس وتموت.
كما قدّم حسن مصطفى العديد من الأدوار الجادة في عدد من الأفلام؛ فلم يقتصر فقط على الكوميديا، مثل: فيلم “الناس والنيل”، وهو فيلم استثنائي في مسيرة حسن مصطفى؛ كونه أول إنتاج “مصري- سوفياتي مشترك”. كما تم تصوير جزء كبير من الفيلم في الاتحاد السوفياتي. وفي عام 2018 عُرِض الفيلم ضمن فعاليات الدورة 34 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، بمناسبة مرور 50 عاماً على إنتاجه.
والفيلم من تأليف الكاتب الروسي نيكولايفيتش فيغوروفسكي، وسيناريو عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج يوسف شاهين. وجسّد مصطفى شخصية رئيس العمّال “الريس فهمي” مع مجموعة كبيرة من نجوم مصر وروسيا، منهم: سعاد حسني، وصلاح ذوالفقار، وعزت العلايلي، وإيغور فلاديميروف، وعماد حمدي، وسيف عبدالرحمن، ويوري كاميروني، ومديحة سالم، ومحمود المليجي، وعبدالوارث عسر، وفالنتينا كوتسينكو. والموسيقى التصويرية للموسيقار الروسي الشهير آرام خاتشاتوريان. يدور الفيلم أثناء فترة بناء السد العالي في الستينيات.
وكذلك قدّم مع السندريلا سعاد حسني ورشدي أباظة وزبيدة ثروت بطولة فيلم “الحب الضائع”، قصة الأديب طه حسين، وإخراج هنري بركات. وشارك في البطولة: محمود المليجي، والممثل التونسي علي بن عيّاد.
وتدور قصته حول صديقتين يفرقهما حب رجل واحد، عندما تتزوج إحدى الصديقات وتسافر مع زوجها إلى تونس، تحافظ على علاقتها بالصديقة الأخرى، يموت الزوج في تونس، تصمم الصديقة الأخرى على دعوة صديقتها للعيش معها والتخفيف عن وحدتها، بعد مجيء الصديقة يتعلق بها زوج الصديقة الأخرى، الحب الذي يضع الجميع في مواجهة صعبة مع الصداقة والزواج.
كما قدّم دوراً مميزاً في فيلم “شيء في صدري”، قصة الأديب إحسان عبدالقدوس، وإخراج كمال الشيخ، وبطولة: رشدي أباظة، وشكري سرحان، وهدى سلطان، وماجدة الخطيب، وصلاح منصور. كان مصطفى يقوم بدور موظف بسيط ضعيف الشخصية، بينما كان رشدي أباظة هو الباشا المتسلط، ومع تقمص أباظة لتلك الشخصية، شعر حسن مصطفى وكأنه يخاطب “باشا حقيقي”؛ فارتبك وتلعثم وأوقف المخرج التصوير عدة مرات لإعادة تصوير المشاهد من جديد.