فقدت الساحة الفنية الجزائرية واحدة من أهم أعمدة المسرح والتلفزيون و السينما بالجزائر برحيل”أم الجزائريين” الفنانة شافية بوذراع التي غادت عالمنا يوم أمس الأحد عن عمر ناهز 92 عام بعد معركة طويلة مع المرض,بعد مشوار فني حافل امتد أربعة عقود, وبعث الرئيس عبد المجيد تبون رسالة تعزية لعائلة الفنانة المرحومة شافية بوذراع، قال فيها: “تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة المغفور لها بإذن ربّها، الفنانة شافية بوذراع، وقد فارقتنا لتلقى اللهَ ولقاؤُهُ حَقّ”, متابعا” “أمام هذا الـمصاب الجلل، فإننا نودّعُ كوكبا أفلَ من سماء الفن الجزائري، وقد صدحت المرحومة رفقة ثلّة من فناني الرعيل الأول للجزائر المستقلة عبر ركح المسارح وافتتحت بواكير الإنتاج التّلفزيوني والسّينمائي، وكانت مثالا ومدرسة لأجيال من الفنانين، ومبعثا للاحترام من جمهور المتذوقين على مر سنوات طوال، فكانت “لالة عيني” فنانة بحق من طينة الفنانين العالميين..”
ولدت الفنانة شافية بوذراع في قسنطينة شرقي الجزائرفي 22 أبريل عام 1930, قدمت طيلة رحلتها الفنية على مدار 47 عاما التي انتقلت من خلالها بين الشاشتين الصغيرة والكبيرة وخشبة المسرح العديد من الانتاجات الدارمية و السينمائية الخالدة في أذهان ووجدان الجزائريين , وتعرف الجمهور على موهبة شافية بوذراع لأول مرة من خلال مشاركتها في المسلسل التلفزيوني “الحريق”، وهو العمل الضخم المقتبس من الرواية التي تحمل نفس الاسم لمحمد ديب، وإخراج مصطفى بديع، حيث اشتهرت بفضل شخصيتها الفريدة “لالة عيني” التي تركت بصمة متميزة لدى مشاهدي سنوات السبعينيات,وتحمل شافية بوذراع في سجلها الفني العديد من الاعمال السينمائية التي أدت فيها أدوارا بارزة من بينها فيلم “زواج موسى” للطيب مفتي، و “ليلى والآخرون” لسيد علي مزيف، و “هروب مع حسن طيرو” لمصطفى بديع ، و “امرأة لولدي” لعلي غالم “و “مصاص دماء في الجنة” لعبد الكالريم بهلول و “صرخة الرجال” لعكاشة تويتة و “الخارجون عن القانون” لرشيد بوشارب الذي أخذها إلى مهرجان كان السينمائي.”ومن بين أشهر بطولاتها السينمائية ايضا يوجد فيلم “كحلة وبيضاء” للمخرج عبد الرحمن بوقمروح عام 1981، و”مال وطني” للمخرجة فاطمة بلحاج، و”شاي بالنعناع” لعبد الكريم بهلول,وفي العمل الدرامي ,جسدت الراحلة “الصورة النموذجية للمرأة الجزائرية في كفاحها ونضالها ضد الحرمات والجهل والفقر، وتعذيب الاستعمار الفرنسي، وهو ما قارب ما عاشته في حياتها بعد وفاة زوجها,وتألقت الراحلة في العديد من الأعمال التلفزيونية الفرنسية على غرار “لا سيزيام غوش (اليسار السادس)” للمخرجة كلير بلانجيل و “لو سوكري دو إيليسا رايس (سر إليسا رايس)” للمخرج جاك اوتميزغين، و “لان كونطر لوتر (واحد ضد الاخر)” للمخرج دومينيك بارون وكذا “جاست لايك وومن (تماما مثل المرأة)” و “لونور دو ما فامي (شرف عائلتي)” للمخرج رشيد بوشارب,وعاصرت شافية بوذراع جميع رؤساء الجزائر، وفترة الاحتلال الفرنسي، وكانت من الشهود على ما اقترفه ضد هذا الشعب العربي، وجسدته في بعض أعمالها السينمائية والمسرحية, كما عاصرت أيضا كبار الفنانين والمخرجين الجزائريين الذين صنعت معهم مجد السينما الجزائرية، وباتت تلقب أيضا بـ”أسطورة السينما الجزائرية”,يذكر ان أخر ظهور فني للراحلة كان في فيلم “الخارجون عن القانون” عام 2010 للمخرج العالمي رشيد بوشارب الذي رشح لنيل جائزة الأوسكار وشارك في مهرجان “كان”.