بعد مرور 27 سنة على انتفاضة العيش الكريم في أكتوبر 1988 لا يزال الحديث جاريا عن الإصلاح السياسي ومدنية الدولة والدستور والمجتمع المدني والمعارضة السياسية بشكل يكرس ضياع ربع قرن من حياة الجزائر في مرحلة انتقالية لم تغادر مربع الصفر في جميع المجالات تغيرت الوجوه ولكن الفساد هو هو .
ان تشابه الظروف الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية الراهنة مع تلك التي عاشتها الجزائر في الثمانينات من تداعيات الأزمة النفطية على الجبهة الداخلية وانسداد الأفق السياسي والاجتماعي لتتصاعد الأصوات المحذرة من تكرار نفس السيناريو. رغم ان المفسدين واللصوص الكبار في الجزائر ظنوا بأنهم نجحوا في تحصين نفسهم من رياح الربيع العربي التي عصفت بعدة أنظمة سياسية في عدة دول عربية من بينها جارتينا ليبيا وتونس فإن هذا الارتياح ليس سوى مهدئ وقتي حيث أن الوضع في البلاد على فوهة بركان يهدد بثوران خطير.
في سنة 1988 انهار سعر البترول مع الاستقرار العالمي وهو ما جعل الاقتصاد الجزائري ينهار وتختفي مظاهر الأبَّهة التي عرفها الجزائريون في بداية ثمانينيات القرن الماضي إلى درجة أن منحة السياحة صارت لا تتعدى الثلاث مئة فرنك فرنسي وبدأت مظاهر الفقر تظهر أمام العيان خاصة في الجزائر العاصمة حيث توقفت نهائيا مشاريع السكن والتشغيل وعرف الشباب أنهم أمام آفاق مغلقة ولا أمل لهم في الشغل وفي السكن وكانت تلك السنة بداية ظهور ما يعرف بالحيطيست (العاطلين عن العمل) وبدا الجزائريون يفكرون جميعا في الهجرة إلى الخارج. خاصة أن الدولة أغلقت جميع أبواب في وجوههم وفرضت عليهم سياسة التقشف.
وكانت الحكومة تكذب على الشعب في الاعلام وتظهر صورا توحي أن البلاد في أحسن أحوالها وان الجزائر لديها اكبر المشاريع واقوى الجيوش في العالم وتذكر الناس بانجاز المنتخب سنة 1982 بينما حال البلاد على واقع كان معقدا جدا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وكل هذه الظروف مهّدت لاندلاع أحداث الخامس من أكتوبر 1988 التي هزّت العاصمة وحي باب الواد بالخصوص وشارك فيها جامعيون وطلبة الثانويات وأفرزت لأول مرة إعلان حالة الطوارئ على مستوى الجزائر العاصمة وانتقلت أحداث العنف والمظاهرات إلى قرابة 70 بالمئة من التراب الوطني .
وبعد مرور 28 عاما على هذه الأحداث التي خلفت مئات القتلى ومئات الجرحى والموقوفين والتي شكلت نقطة تحول في تاريخ الجزائر. ومازال المسؤولين في بلاد لا يهتمون لمصالح الشعب ويهربون خيرات البلاد الى الخارج . فهل تشابه الظروف الحالية مع ظروف 1988 ستعجل بانتفاضة العيش الكريم ام ان اختلاف رجال 1988 وانانيش 2016 ستجعل الوضع يبقى على ما هو عليه.