ساعات قليلة ويهل علينا عيد الفطر المبارك فالعيد فرحة للصُّوَّام وسرور للقُوَّام وانتشاء للعُبَّاد فيوم العيد يفرح الطائعون بطاعتهم والمتسابقون بفوزهم إنه فرح يذكِّر بيوم الفرح الأكبر والسرور الأكمل يوم يسعد المسلمون بلقاء ربهم ورضوان خالقهم فيفيض عليهم رضوانه ويلبسهم غفرانه فيا لها من أيام مضت صفت فيها القلوب وزكت الأرواح وأنِسَت الضمائر فأيام رمضان مرَّتْ كالنسيم العليل والماء الزلال والشهد المذاب عشنا فيها كما يعيش العاشق الولهان لحظات الوصال الممتعة بعد طول غياب وارتوينا من ينابيعها كما يرتوي الظمآن الذي ألهب الحر فؤاده وأنهك الظمأ روحه.
لذلك من الواجب على المسلم في أيام العيد أن يكثر من الزيارة والمودة لأقاربه ومعارفه وجيرانه وليبدأ ببره لوالديه وإدخال الفرح والسرور عليهما ثم بعد ذلك إخوته ومن يستطيع من أقاربه ولو بالاتصال هاتفيا وذلك لتوثيق عرى المحبة بين المسلمين جميعا فمن أجل الأعمال التي يجب أن يقوم بها كل مسلم ومسلمة على وجه الأرض في أيام العيد وغيره أن يصل الإنسان رحمه وقد ورد في كثير من الآيات القرآنية الأمر بصلة الرحم والثناء على هذا الأمر العظيم وذلك في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) كما قال الله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام…) كما أثنى الله على الذين يصلون أرحامهم فقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) وإذا ما رجعنا إلى السنة فإننا نجد أنه النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه الكثير من الأحاديث التي تحث على صلة الرحم وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم ببر الوالدين فهما أحق من غيرهما وأشار إلى أن صلة الرحم هي سعة وبركة في الرزق والعمر فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسئ له في أثره فليصل رحمه رواه البخاري ومسلم ومعنى ينسئ له في أثره أي يؤخر له في أجله وعمره بأن يبارك الله له سبحانه وتعالى فيه، أو بطول العمر على الحقيقة وهذا الحديث الشريف يصحح لنا مفهوما خاطئا عند بعض الناس الذين يظنون أنهم إن وصلوا أرحامهم بالمال نقص مالهم.