إستراتجية تجويع الشعوب : تستخدم هذه الإستراتجية عندما يريد من هم في السلطة أن يمرروا قرارات معينة قد لا تحظى بالقبول الشعبي إلا في حضور الأزمة التي قد تجعل الناس أنفسهم يطالبون باتخاذ تلك القرارات لحل الأزمة وتعرف بمتلازمات ( المشكلة – رد الفعل – الحل ) من خلال اختلاق موقف أو مشكلة يستدعي رد فعل الجمهور فعلى سبيل المثال اختلق أزمة اقتصادية (تجويع المواطنين) مما يفرض على المواطنين قبول أي حل ضروري و يجعل الناس يغضون الطرف عن حقوقهم الاجتماعية وتردي الخدمات العامة باعتبار ذلك الحل شر لابد منه.
سیاسة النظام تسیر وفق المعنى الكنائي للمثل القائل: (جوع كلبك یتبعك) وھو كنایة عن الإذلال الذي یولّد التبعیة فعرف أن خیر وسیلة لضمان تبعیة الشعب له ھي جعله یرزح تحت ضغط الجوع والعوز لیظل دائما مرتبط بتلك الید التي تمتد إلیه لتسد رمقه بقطعة الخبز التي يقذفھا له كلّما تضوروا جوعا فیفرح بھا ويظل قلبه ممتنا وشاكرا لتلك الأیدي الكریمة اللئیمة. ھذا المعنى الكنائي یستبطن في داخله معنى مقابلاً وھو أن رفاھیة الشعب والاستجابة لمطالبه یجعله يتقلب في رغد العیش ما یؤدي به في اعتقادھم إلى رفاھیة الفكر ورفاھیة الوعي ما یدفعه للمطالبة بحقوقه والمطالبة بالحقوق معناه القضاء على الفساد وھذا معناه في عقیدة السلطة الدیكتاتوریة تعال على السلطة وتھدید لكرسیھا الذھبي الوثیر بالانھیار وتفریق لشمل شلل الأنس التي طالما طبّلت وزمرت لمواكب الفساد. ھذه ھي الفكرة التي ترتعد لھا فرائص نظام الحركي التي آثر إذلال الشعب ليظل تابعا له. إن ھذا الأسلوب الدیكتاتوري ربما كان مسكوتًا علیه في أزمنة مضت حین كان الفرد مغلوبًا على أمره منعزلاً عن العالم فكریا وثقافیا واقتصاديا أما الیوم فقد انفتحت فضاءات الشعوب وأصبح العالم كله یأتي بین الیدین الفكِر والوعي بضغطة زر واحدة على جھاز لا یتعدى كف الید أحیانًا. فقد أصبحت العین ترى والعقل يشكِل والنفس تطمح والتغییر یُغري الجمیع بألوان طیفه الجذّاب.
رغم انفتاح الشعب على الأنظمة الديمقراطية فإن نظام الحركي لا يزال يغمض عینه ويصم آذانه ويستغشي ثیابه عن إدراك أبعاد ھذا التغییر وھذا التطور الھائل الذي تقوده عقول شابة كما يأبى أن يعترف بأن شباب الیوم في عقلیته وطموحاته ورغباته ووسائله غیر شباب الأمس فظل يتعامل معه بتلك الثقافة البائدة وأخذت يستھزئ بتلك الأجھزة الصغیرة(الهواتف الذكية) وقدرتھا على التغییر بل وازداد تعنتًا وازداد دیكتاتوریتا لإعتقاده أن سیاسة تجویع وإذلال الشعوب ھي أنجح سیاسة على مر الأزمان وفاته أن المعنى الكنائي للمثل الدیكتاتوري البائد (جوع كلبك یتبعك) أصبح یقابله الیوم معنى كنائی ا لمثل ولد مع متغیرات العصر وھو (جوع كلبك يا كْلُكْ).