تطرقت تقارير صحفية غربية للحالة الدينية الداخلية التي تعيشها المملكة العربية السعودية، والتي يعاني فيها رجال الدين المعارضون للسجن والطرد والتنكيل، فيما اختار آخرون الدخول إلى كنف السلطة وعدم التصادم معها، ضاربة المثل بالداعية السعودي الشهير محمد عبد الرحمان العريفي.
وأفادت مجلة “بوليتيكو” الاسبانية أن العريفي الذي كان أحد الداعين إلى ثورة اسلامية، بتحريضه الشباب على الجهاد في سوريا، أصبح الآن من الدعاة “غير المغضوب عليهم”، من طرف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إذ قالت :” العريفي هو قائد ديني متطرف يقيم في السعودية، وداعية مشهور له أكثر من 19 مليون معجب على وسائل التواصل الاجتماعي، وملايين آخرون، لكن الأرقام المجردة لا تقدر أهميته، فأشرطة العريفي مشهورة وتأثيره عظيم، ولديه منابر عدة تتراوح ما بين أربع إلى خمس (فتاوى سناب)، و12 تغريدة في اليوم على (تويتر)، وملايين من الشباب الذين يلتزمون بكل كلمة يقولها، والرسائل التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تهدف لتعبئة قطاع من المتلقين، (لم يتم اعتقال العريفي في الحلقة الأخيرة من النسخة السعودية من مسلسل سوبرانوز الأسبوع الماضي)”.
وتابعت المصادر ذاتها :” أشرطة العريفي غير المتسامحة ليست مهمة؛ نظرا لوجود عدد كبير من الشيوخ أصحاب الأفكار الرجعية، مشيرا إلى أنه وجد في دراسته، التي جمع فيها معلومات من عناصر منشقة في تنظيم الدولة، أو عن أشخاص فكروا في الانضمام إليه، أن أشرطة فيديو العريفي كانت واحدة من الأسباب التي دفعت السعوديين للسفر إلى سوريا والقتال هناك، والانضمام إلى جبهة النصرة وتنظيم الدولة”، متسائلة :” ما هو السبب الذي أدى إلى ظهور العريفي بصفته أهم داعية في الشرق الأوسط ؟”.
وبدأت “بوليتيكو” بتعريف العريفي، إذ قالت :” العريفي مولود في الرياض عام 1970، وكان يريد دراسة الطب، إلا أن والديه أقنعاه وأعضاء من عائلته الكبيرة بدراسة الدين، وتلقى دراسته في جامعة الإمام محمد بن سعود، حيث حصل منها على شهادة في العقيدة، وأكمل دراساته في مرحلة الماجستير، إلا أن جامعة الإمام محمد لم تكن من المعاهد ذات الثقل في الإطار الأكاديمي، التي تطورت من معهد ديني أنشئ في الخمسينيات من القرن الماضي”، مضيفة :” من كان يطمح للدراسة والوصول إلى المراتب العليا في المؤسسة الدينية كان عليه أن يدرس في مكة أو المدينة أو الأزهر في مصر، العريفي كان راغبا بأن يخرج من إطار طبقته المتوسطة، والخروج من حيه، ليصبح عالما شهيرا”.
وتابعت المصادر ذاتها :” العريفي لاحظ في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي ظهور موجة بين زملائه، الذين كانوا يتبادلون أشرطة مسجلة للقرآن والمحاضرات وحتى أشرطة فيديو مهربة من دول أخرى، وكانت هذه الأشرطة ممنوعة، وينظر إليها العلماء الرسميون نظرة شك، إلا أن الشبان كانوا يتبادلونها فيما بينهم كما يتبادلون الكتب والتذكارات، ويخفونها بعيدا عن أعين السلطات، مبينا أن هذه الأشرطة تركت أثرها على العريفي الشاب، الذي اكتشف قدرة الإعلام الجديد على بناء جمهور، ومعه السلطة والنفوذ”، معلقة :” من هنا بدأ العريفي، وقبل ظهور (يوتيوب)، بتسجيل أشرطة فيديو لمحاضراته وبطريقة غير منظمة، ونظرا لأن وضعه منعه من التوسع وتكوين جمهور واسع في المساجد، فإنه رآى في الإنترنت طريقة للالتفاف على المؤسسة الدينية، وشيئا فشيئا بدأ الناس يتعرفون على العريفي من خلال أشرطته، واكتشف أن ما كان جيدا لأشرطة الفيديو يختلف عن محاضرة مدتها ساعة تقريبا، فلغة الجسد مهمة وكذلك القصص، ولأن الدعوة هي كلها عن الأداء، وهذا يعني الحصول على جماهير وانتباه”.
وحول الدور الذي يلعبه العريفي في الوقت الحالي، خصوصا في ظل الأزمات التي تضرب أطنابها في المملكة العربية السعودية سواء داخليا وخارجها، أفادت “البوليتيكو” :” الحكومة السعودية اكتشفت فائدة العريفي عندما انتقد قطر، حيث شنت السعودية حملة عليها بسبب الإسلاميين وإيران، فرحب السياسون السعوديون بتعليقاته، وعبروا عن تقديرهم لتلك التصريحات، التي قال فيها إن حماية المملكة من الأعداء الجيران هو (واجب ديني)”، مختتمة بالقول :” “رغم الحملة التي شنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضد أمراء اتهمهم بالفساد، إلا أن العريفي لم يعتقل، وكما قال المنظر الإعلامي مارشال ماكلوهان في الستينيات: (تظهر أحيانا انتصارات غير متوقعة بين شعوب العالم)، وعلى ما يبدو فإن طريق العريفي للشهرة والتأثير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي جعلته مؤثرا”.