في زنزانة بدون نوافذ، ولا حمام ولا فراش، تعيش علا القرضاوي، ابنة الشيخ المعروف يوسف القرضاوي وضعا مزريا في السجون المصرية، وهي التي اعتقلت بتهمة انضمامها لجماعة ارهابية، في إشارة إلى جماعة الاخوان المسلمين.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” البريطانية في تقرير لها حول التأثير السياسي لقضية علا القرضاوي:” علا اعتقلت في يونيو، عندما قام الأمن المصري بمداهمة بيتها على البحر المتوسط، ويقول محاموها إنها منعت منذ ذلك الوقت من الأمور الأساسية التي تمنح للسجين العادي، مثل الخروج من الزنزانة كل صباح للحمام ولمدة خمس دقائق”، متسائلة :” ما هي طبيعة الجرائم التي ارتكبتها القرضاوي (55 عاما)، التي تقتضي معاملة سيئة كهذه، مجيبين بأن “لا أحد يعلم، فلم توجه السلطات الأمنية المصرية اتهامات للقرضاوي، التي تحمل إقامة دائمة في الولايات المتحدة، وتعمل في سفارة، ولا لزوجها حسام خلف، الذي يعيش في ظروف مشابهة في سجن آخر في القاهرة، وبحسب الوسائل الإعلامية المرتبطة بالدولة، فإن علا وزوجها متهمان بالارتباط بمؤسسات إعلامية تابعة للإخوان المسلمين”، لتستدرك بالقول :” السبب الحقيقي لمعاقبة علا القرضاوي، كما يقول ناشطو حقوق الإنسان، هو الخلاف الجيوسياسي مع قطر، التي أصبحت فيه علا بيدقا لا حول لها ولا قوة، حيث قالت آية خلف، ابنة علا: “الجزء الأكبر هو بسبب قطر”.
وواصلت الصحيفة الأمريكية :” اعتقال علا وزوجها جاء وسط الأزمة التي اندلعت في يونيو، عندما قررت السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى مصر، فرض حصار جوي وبري وبحري على دولة قطر؛ بتهمة دعم الإخوان المسلمين وتمويل الإرهاب، مشيرا إلى أنه كان من بين المطالب التي تقدمت بها هذه الدول، وقف الدعم لوالدها الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يعد من أشهر الدعاة والوجوه الإعلامية الدعوية على التلفاز، حيث اشتهر من خلال برنامج “الشريعة والحياة” على قناة “الجزيرة” القطرية، وكان يتابعه الملايين، ونبعت شهرته من أجوبته على أسئلة دينية لها علاقة بموضوعات سياسية واجتماعية وقضايا تتعلق بالجنس واليانصيب”، مؤكدة :” الشيخ القرضاوي يعيش منذ عقود في قطر، وهو “ليس شعبيا بين الحكومات البريطانية والأمريكية وبعض الأوروبية، التي رفضت منحه تأشيرة دخول؛ بسبب فتاواه ضد الجنود الأمريكيين في العراق والعمليات الانتحارية ضد إسرائيل، ولم يعد الشيخ البالغ من العمر 90 عاما قوة في التلفزيون، وكان آخر برنامج له قبل أربعة أعوام، لكن ينظر إليه على أنه مرشد روحي للإخوان المسلمين، ووجوده في قطر يعد مضايقا للرئيس عبد الفتاح السيسي”.
وعادت المصادر نفسها بالذاكرة إلى الوراء، إذ أفادت :” عدما قام الجيش المصري بالإطاحة بحكم الإخوان المسلمين ورئيسهم المنتخب محمد مرسي عام 2013، فإن الشيخ القرضاوي دعا المصريين لرفض الانقلاب الذي قاده السيسي، لافتة إلى أن مصر طالبت بترحيل القرضاوي، كواحد من شروط رفع الحصار عن قطر، ورفضت القيادة القطرية، التي تقيم علاقة طويلة مع القرضاوي، ومنحته الجنسية القطرية، الطلب”، منوهة :” عندها قام 30 رجل أمن بمداهمة بيت ابنته واعتقالها وزوجها خلف (58 عاما) في بيتها في الإسكندرية، وقام الأمن أيضا بمداهمة بيتهما الدائم في القاهرة، وصادر مجوهرات ومالا ووثائق، التي قال إنها من أجل تمويل الإخوان المسلمين”.
أكدت الصحيفة :” علا أكدت أنها لم تكن ناشطة في السياسة، فيما استنكرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” اعتقالها، ووصفته بأنه سياسي، مستدركين بأنه رغم اعتقال السيسي عشرات الآلاف من مؤيدي الإخوان، إلا أنه لم يعتقل أيا من النساء في عائلاتهم، حيث يرى نقاد النظام أن الاعتقال محاولة انتقامية ونتاج للأزمة القطرية، فكتب المحامي السابق، مصطفى النجار قائلا: “أمر لا يصدق أننا لا نزال نعيش في زمن أخذ رهائن من عائلات المعارضين”، مبينة :” علا وزوجها حسام كانا عرضة للرقابة الأمنية، واعتقل الزوج عام 2014؛ لعلاقاته مع حزب صغير، ثم أفرج عنه دون توجيه تهم، مشيرة إلى أن علا تعمل باحثة في السفارة القطرية في القاهرة، وكانت تأمل وزوجها أن يؤدي حصولهما على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة إلى إجبار البيت الأبيض على تبني قضيتهما”.
وختمت نيويورك تايمز تقريرها بالقول :” القرضاوي قام في الأسابيع الأولى للربيع العربي بمخاطبة الجماهير في ساحة التحرير، وأصدر أكثر من 100 كتاب، ولديه أكثر من 1.8 مليون معجب على “تويتر”، مستدركة بأنه رغم نفيه أي علاقة له مع الإخوان المسلمين، إلا أن خطاباته مؤثرة في مصر، واتهمته حكومة السيسي بالإرهاب”.