ابحث عن “النفط”، هذه هي المقولة الجديدة التي باتت تسيطر على جل الصراعات الدولية، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، وآخر هذه النزاعات، المواجهة المسلحة بين القوات العراقية المدعومة من الميليشيات الشيعية والإيرانية من جهة وبين القوات الكردية حول مدينة كركوك، إحدى أهم المدن النفطية في العراق.
ونشرت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية تقريرا لها حول هذا الصراع، إذ أفادت :” الحكومة العراقية قد أعلنت عن عدم مواجهتها أي مقاومة من قبل الأكراد خلال بسط نفوذها على كركوك ومناطق أخرى، إلا أن شهود عيان أكدوا أن الوضع خلاف ذلك. وفي هذا الصدد، قال مراسل الصحيفة في كركوك، قبيل ساعات من انقطاع وسائل الاتصال، إن “السكان سمعوا أصوات انفجارات هائلة في المنطقة الجنوبية، كما أن محطة الكهرباء الكبيرة دمرت كليا. في الوقت ذاته، فر عدد كبير من الأفراد، جنبا إلى جنب مع عناصر من البيشمركة، باتجاه الشمال”، مضيفة :”عددا كبيرا من الجنود الأكراد تركوا مواقعهم. وقد شوهدت طوابير الفارين من كركوك باتجاه مدينة السليمانية، ثاني أكبر مدينة في إقليم كردستان العراق”.
وأفادت المصادر ذاتها :” جيش العراقي والقوات الكردية كانا حليفين منذ فترة قريبة في مواجهة تنظيم الدولة. ومن المفارقات الغريبة أن الأسلحة التي يستخدمها كلا الطرفين هي أمريكية الصنع، حيث عمدت واشنطن إلى تزويد الجانبين بالسلاح لمحاربة تنظيم الدولة. من جانبها، أعلنت القيادة العسكرية الكردية أنها دمرت على الأقل خمس سيارات هامفي أمريكية الصنع، تابعة للقوات العراقية”، مستطردة :”الهجوم على كركوك كان أعنف مما ادعته بغداد في التصريحات الأخيرة بشأن سبل ردها على استفتاء الاستقلال، الذي عقد في 25 من شتنبر الماضي. وقد أعربت كل الدول المجاورة لإقليم كردستان العراق، فضلا عن الولايات المتحدة وروسيا وكذلك الحكومة العراقية، عن رفضها لإجراء الاستفتاء. في الوقت ذاته، كان الاستفتاء محل جدل واسع بين الأكراد أنفسهم. وعلى الرغم من ذلك، جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح الانفصال”.
وبينت “دير شبيغل” :” الحكومة العراقية تسعى، في الوقت الحالي، لاستعادة جميع المدن التي سيطر عليها الأكراد ابتداء من عام 2014، بعد معارك تنظيم الدولة”، مؤكدة :” سكان إقليم كردستان قد أدركوا خلال الأسابيع المنصرمة أن حصارهم اقتصاديا وسياسيا؛ ليس بالأمر الصعب. وفي هذا الصدد، استطاعت بغداد منع جميع الرحلات الجوية الدولية ذهابا وإيابا من الإقليم، وبالتالي بات لا بد للطيران الدولي المرور عبر بغداد حتى تصل إلى إقليم كردستان العراق. وفي سياق متصل، أغلقت تركيا جميع أنابيب النفط، التي يتم تصدير النفط القادم من مدينة أربيل من خلالها، في حين أن جزأ كبيرا من ذلك النفط تم استخراجه من آبار النفط في مدينة كركوك”.
وتطرق التقرير الصحيفة لردة فعل الولايات المتحدة الأمريكية إذ أفادت :” واشنطن، فقد حذرت فعليا إقليم كردستان العراق من إجراء الاستفتاء. وفي الأثناء، أورد شهود عيان أن الطائرات الأمريكية كانت تعمل على تأمين القوات العراقية جوا أثناء الهجوم على كركوك. من جانبها، أفادت الخارجية الأمريكية، أنها تشعر بقلق بالغ إزاء تلك المواجهات، في حين ينبغي لحكومة الإقليم والحكومة المركزية التعاون فيما بينهما”، مبرزة :” في الساعات الأولى من النهار كانت هناك بعض القوات الكردية داخل كركوك وخارجها، على غرار القوات المتمركزة في مدينة طوز خورماتو، على استعداد للدفاع عن المدينة، بينما فرت قوات أخرى دون قتال. ووفقا لإفادات بعض السكان في المنطقة، كانت القوات العراقية تتجول في طرقات المدينة ظهر الاثنين، في حين لا وجود لقوات البيشمركة”.