فتح تقرير أممي جديد، تم إعداده من طرف لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة ملف التعذيب في السجون المصرية، مؤكدا أن التعذيب الممنهج أصبح يمارس بطريقة اعتيادية وواسعة الانتشار.
وقال التقرير :” هناك تورط أفراد بالجيش المصري في عمليات التعذيب منذ ثورة يناير وحتى الآن، وهو ما يعتبر بمنزلة أول إدانة دولية تدلل بشكل واضح على مسؤولية أفراد بالمؤسسة العسكرية في ارتكاب جرائم التعذيب ضد المدنيين”، مضيفا :”التعذيب يُمارس بصورة منهجية في مصر، لأن حالات التعذيب المفاد عنها لم تحدث بالمصادفة في مكان أو زمن معين، وإنما تعتبر اعتيادية وواسعة الانتشار ومتعمدة في جزء كبير من أراضي مصر”.
وتابعت المنظمة الحقوقية :” التعذيب، يحدث، أكثر ما يحدث، عقب عمليات الاعتقال التعسفية، وأنه يحدث في مقار الشرطة والسجون ومرافق أمن الدولة ومرافق قوات الأمن المركزي”، مؤكدا أن “المدعين العامين والقضاة ومسؤولي السجون، يسهلون أيضا التعذيب بتقاعسهم عن كبح ممارسات التعذيب والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة، أو عن اتخاذ إجراء بشأن الشكاوى”، مستطرة :” يفلت مرتكبو أعمال التعذيب على الدوام تقريبا من العقاب، على الرغم من أن القانون المصري يحظر التعذيب والممارسات المتصلة به، ويُنشئ آليات محاسبة، الأمر الذي يدل على تضارب خطير بين القانون والممارسة”.
وذكرت المنظمة المسئولين عن هذا التعذيب إذ أفادت :” التعذيب في مصر يتم على أيدي المسؤولين العسكريين، ومسؤولي الشرطة، ومسؤولي السجون”، موضحة :” تعذيب المصريين يتم لأغراض منها معاقبة المتظاهرين، ومعاقبة مؤيدي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين وتهديدهم (منذ عام 2013 وحتى الآن)، والحصول على اعترافات بالإكراه، والضغط على المعتقلين لتوريط غيرهم في الجرائم، ممارسة التعذيب ربما يسّرتها الزيادة الكبيرة في عمليات الاعتقال التي قامت بها السلطات منذ يوليو 2013، وكذلك ممارسة احتجاز المتظاهرين في أماكن احتجاز غير رسمية”، لافتة إلى ممارسة ما وصفته بالعنف الجنسي من جانب موظفي الدولة واستخدام القوة المفرطة؛ ردا على التظاهرات منذ عام 2011، مما تسبب في آلاف الوفيات”.
وواصل التقرير :” “إفلات مرتكبي أعمال التعذيب من العقاب واسع الانتشار، يسهله عدم وجود هيئة تحقيق مستقلة للنظر في شكاوى التعذيب، والاستخدام المفرط للمحاكم العسكرية، وعدم وجود رصد مستقل منتظم لأماكن الاحتجاز، وعدم استقلال المجلس القومي لحقوق الإنسان وقلة كفاءته”، مقدمة مجموعة من التوصيات لمصر مها :” يجب أن تقضي فورا على ممارسة التعذيب وإساءة المعاملة في جميع أماكن الاحتجاز، وأن تكفل قيام كبار مسؤولي الدولة بإدانة بصورة علنية التعذيب وإساءة المعاملة من جانب موظفي الدولة، وأن تعتمد سياسة عدم التساهل مطلقا مع التعذيب، وأن تقاضي مرتكبي أعمال التعذيب، بمن فيهم أولئك الذين يتولون مسؤولية قيادية أو مسؤولية عليا”.
وعلق الحقوقي المصري أحمد مفرح على هذا التقرير بالقول :” هذا التقرير هو الأول من نوعه، حيث لأول مرة تؤكد جهة دولية قيام منتسبي الجيش المصري بارتكاب جرائم التعذيب ضد المدنيين، مضيفا بأن نتائج التحقيق الأممي تمت بناء على تحقيقات سرية منذ عام 2012″، مؤكدا :” لا تقوم لجنة مناهضة التعذيب بفتح مثل هكذا تحقيقات، إلا إذا تلقت اللجنة معلومات موثوقا بها يبدو لها أنها تتضمن دلائل ذات أساس متين، تشير إلى أن التعذيب يمارس على نحو منهجي في إقليم دولة طرف في الاتفاقية، وتدعو اللجنة تلك الدولة الطرف إلى التعاون في دراسة هذه المعلومات، وتحقيقا لهذه الغاية، إلى تقديم ملاحظات بصدد تلك المعلومات، وهو ما حدث بالفعل، فالنتائج تمت بناء على إطلاع ومشاركة كاملة من جانب السلطات المصرية، ممثلة في وزارة الخارجية”.